غضب ساكني قصر المرادية بعد زيارة ماكرون المغرب و الإكتفاء بإرسال وزير الخارجية الفرنسي الى الجزائر

د. خالد الحري
أغضبت زيارة إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، للمغرب، الأربعاء والخميس المقبلين، قاطني قصر «مرادية» بالجزائر، فحمولة الزيارة السياسية وتوقيتها، نسفا بمخططاتهم للاستفراد بعاصمة الأنوار، وتحقيق حلم قص أجنحة حلفاء المغرب الدائمين.
ماكرون خرق تقليدا منذ عهد الرئيس الأسبق جاك شيراك، فالجزائر كانت، دائما، المحطة الأولى في زيارات الرؤساء الفرنسيين إلى المنطقة المغاربية، إلا أن الرئيس الجديد سار في اتجاه آخر لأسباب ترتبط بالأوضاع الداخلية الفرنسية، وحرصه على تفادي التماهي مع دبلوماسية جزائرية تجيد المواجهة والصراعات.
لقد راهنت الجزائر، منذ زيارة ماكرون لها قبيل انتخابه رئيسا، على اختراق العلاقات المتميزة الفرنسية المغربية، ففي الوقت الذي حافظ عقلاء فرنسا على العلاقات التاريخية مع شركائها التقليديين، ولو باندحار اليسار والجمهوريين، فإن جنرالات الجزائر اعتقدوا وجود فرصة تاريخية للعب على تناقضات جزئية، وتحقيق حلم جر فرنسا إلى مستنقع السياسة الجزائرية، ثم اصطدموا بإعلان زيارة ماكرون للمغرب وجدول أعمال يتضمن مباحثات مع الملك محمد السادس حول قضايا مشتركة.
غضب حكام قصر «مرادية» يجد صداه في الصحف الجزائرية التي واكبت إعلان زيارة ماكرون إلى المغرب، ما دفع الأخير إلى طمأنة بوتفليقة بعزمه زيارة الجزائر، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وذلك لامتصاص غضب الجنرالات، ووضع حد لتوتر جزائري فقد بوصلة التحكم في سياسته منذ مرض رئيسه.
في زيارته الأولى إلى شمال إفريقيا، منذ انتخابه رئيسا إلى فرنسا، يجد ماكرون نفسه أمام صديق وحليف، لكن برسائل سياسية جديدة وبرامج اقتصادية تختلف تماما عن سابقاتها، وتعكس الامتداد المغربي في إفريقيا، فالمغرب لا يخفي أن دبلوماسيته الجديدة لا تقبل إلا سياسة «رابح رابح»، مع توطيد علاقات ثنائية بشكل أقوى، مما كانت عليه خلال فترات حكم الاشتراكيين.
لقد برهن المغرب وفرنسا عن عمق علاقتهما التي لم تتأثر بالأحداث العالمية الكبرى واختلاف وجهات نظرهما في قضايا عديدة، فالحمولة العاطفية طردت الماضي الاستعماري السيئ، والزيارة المرتقبة لحظة تاريخية لتجاوز مطبات أدت، سابقا، إلى التوتر، مع مراعاة صداقة تاريخية بأبعاد إستراتيجية، ففرنسا صديق دافع عن مصالح المغرب في المحافل الدولية، ويحتضن ملايين المهاجرين المغاربة، والمغرب ملزم بخلق توازن في علاقاته الدولية، بلا تفريط في فرنسا، ولا إفراط في غيرها… وهي المعادلة الصعبة بلغة المصالح السياسية والاقتصادية.

عن جريدة الصباح