! لسنا بديلا… ولكننا حركة

إن تناول قضية من حجم قضية الصراع الدائر حول الصحراء يقتضي اليوم أكثر من أي وقت مضى – وضعها في إطارها الشمولي ؛ وذالك باستحضارالوضع السياسي العلمي العام ’وماتعرفه الدول العظمى من تكتلات وتقاطبات ،وباستحضار التحديات الإقتصادية التي تهدد دول جنوب المتوسط في رمتها في ظل العولمة التي باتت تزحف بشكل مخيف .
     ولقد بات هذا المعطى يفرض بشكل ملح وعاجل – استقرارالوضع بإفريقيا شمال الصحراء، خاصة بتفاقم وضع اللا تحكم في شريطها الحدودي الجنوبية ، الذي أضحى مسرحالأحداث إرهابية تتغذى من واقع الصراع الدائر بالمنطقة ومن التطورات السياسية التي تعرفها البلدان المحيطة بهذا الشريط
     وإننا، ومن هذا المنطلق ، ومن منطلق التحليل الموضوعي والملموس للوضع العام الذي تعيشه شعوب الدول المجاورة لبؤرة الصراع ، ومن منطلق التحليل التاريخي المتأني لتواتر الأحداث والأفكار بالصحراء وحولها ، نرى أن نحدد بعض المعطيات الواقعية التي تأسست عليها قناعتنا الراسخة بمشروع الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كحل أمثل ونهائي لإستقرار المنطق، قبل أن نعرض لفكرتنا المساهمة ليست فقط في الدفاع عن المشروع كمشروع مغربي ، ولكن الرامية إلى تحرير طاقات كافة أخواتنا وإخواننا  من أفراد المجتمع الصحراوي للإسهام في تعزيز بناء مجتمعهم  ديمقراطيا وحداثيا .
       وفي هذا الإطار من التناول >> وهذا المستوى من النظر، نؤكد أن تواتر الأحداث بالصحراء منذ مايربوا على ثلاث عقود، أرتبط بمجموعة من المحددات :
     أولا: -لايمكن الفصل بين بروز فكرالبولساريوا بالصحراء عن المعطيات الدولية والعربية والإقليمية والمغربية التي حكمت الفكر والممارسات السياسية على حد سواءفي نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي ، ونذكرمنها :
تنامي الفكرالتحريري الإشتراكي في مجموعة دول العالم الثالث.
(( ثورة المواطنة )) التي قادها طلاب فرنسا سنة 1968 وماترتب عنها من
تطور في الفكر والوعي السياسيين ، خاصة لدى طلبة الجامعات .

النكسة العربية لسنة 1967 ، والتي أدخلت العالم العربي برمته للتفكير في
آفاق جديدة للحفاظ على هويته والدفاع عن مصالحه في ظل تنامي الأطماع الصهيونية .
     وفي هذا الخضم ظهرت بالجمعيات المغربية ، وفي أوساط الشباب المغربي المتعاطي مع السياسة ، أفكار نحت إلى تبني القومية أحيانا، والإشتراكية أحيانا، والماركسية اللينينية أحيانا أخرى . هذه الأفكار التي تغذت منها فكرة البولساريوا يدعم من أطراف خارجية ذات مصالح مختلفة جيو سياسية لتشويش على النظام القائم بالمغرب.
       ثانيا: إن كان المحدد الأول يضعنا بموضوعية في السياق الفكري/ التاريخي لبروز فكرة البولساريوا ، فإنه من الذي لاجدال فيه – بحكم ثبات المكان – أن استرجاع المغرب للصحراء سنة 1975 لم يتم في المجرد ، بل تم في منطقة جغرافية سياسية هي نفس المنطقة التي تعيش فيها الجزائر أيضا. وهذا معناه ، من الوجهة الجيو- سياسية ، ان استرجاع الصحراء هو تغير لميزان القوة بين المغرب والجزائر ، مما يجعل الجزائز موضوعيا طرفا في النزاع .
      ثالثا : إن الأشواط التي مرمنها الصراع حول الصحراء بدءا بالنزاع المسلح ، ومرورا بإتفاق وقف اطلاق النار ، وانهاءا بمشروع الإستفتاء ومخططات المبعوث الأممي (( بيكر)) ، لم تفض جميعها لإنهاء النزاع بقدر ماأطالت مدته ، وفوتت الفرصة على الشعوب المغاربية برمتها في الإستقرار والنمو لمجابهة ماينتظرها من تحديات على كافة المستويات ، وسببت في تفاقم أوضاع الصحراويين بتندوف وفي الشتات وبتردي أوضاعهم الإجتماعية والنفسية في ظل الحرمان من كل حق من حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا.
     رابعا : إن المغرب ، ومنذ مطلع تسعينات القرن الماضي ، اعطى انطلاقة مسلسل جديد يحدد علاقة المواطن بالدولة ، ويسعى إلى ترسيخ دولة الحق والقانون والكرامة الإنسانية والمؤسسات الضامنة للحق والساهرة على الواجب .
     وقد شكل ثامن يناير 2004 نقطة القطيعة مع مخلفات فكر وممارسة مغرب مابعد الستينات ، بإعلان الملك عن هيئة الإنصاف والمصالحة ، كآلية – كما نفهمها – لإعادة القراءة في تاريخ المغرب مابعد الإستقلال ،وإعمال النقد الموضوعي ، وإتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق المصالحة مع الذات والتاريخ .
      وتابعنا، وتابع الرأي العام العالمي والدولي معنا ، الأشواط التي قطعها المغرب،ملكا وحكومتا وشعبا ، في هذا المجال عبر تضميد جراح الماضي ، وجبر الضرر بكيفية شمولية ، جريئة ومتبصرة ، اعتمدت الإنصاف وردت الإعتبار للمواطن المغربي.
ونتابع ويتابع الرأي العام العالمي والدولي معنا ، ما افضت إليه هذه الإنطلاقة السياسية والحقوقة من انطلاقات اجتماعية و تنموية تتسارع مؤشرات نموها .
     خامسا: إن المغرب وسعيا منه لتصفية النزاع وفق أسس سليمة ، وموضوعية وغير إنشائية ، طرح مقترح مشروع الحكم الذاتي الذي يراعي مصالح جميع الأطراف طبقا  لما  تمليه الشرعية الدولية .
 إن قرار الحكم الذاتي الذي دعا إليه ملك المغرب ، ليسقرارا سهلا أو مناورة دبلوماسية بل هو قرار شجاع ، ينم عن جرأة كبيرة لا يمكن تفسيرها إلا بإرادة الملك شخصيا لبلورة منهجية جديد من أجل حل المشاكل وفق رؤية جريئة وواضحة مقارنة بكل تحركات المغرب السابقة ، تؤسس لثورة حقيقية في النسق الإداري المغربي في أفق إدارة جهوية موسعة الصلاحيات في تدبيرشؤونها الجهوية
فمع الحكم الذاتي ، لم يكن الحديث متوقفا عند مطلب إقرار لامركزية متقدمة ولاعن إختصاصات لا ممركزة موازية ، بل تعداه إلى إقرار سلطة محلية قائمة الذات ، بأركانها وهيأتها ، ومن هذا المنظور علينا أن نبحث في المشروع المؤسس للحكم الذاتي كما هو مقترح ، لنرى إلى أي مدى يضمن حقوق الصحراويين أو يتنكرلها ؟
     وبالرجوع إلى النص المغربي المقترح ، نجده يقر بحق الصحراويين في جملة من المبادئ منها :
مبدأ المشاركة والمساواة الذي يكفل المغرب من خلاله لكافة الصحراويين
مكانتهم اللائقة ودورهم الكامل في مختلف هيئات الجهة ومؤسساتها ، بعيدا عن أي تمييز أوإقصاء ’’ وذالك وفق المنهجية الديمقراطية الحرة المبنية على أن يتولى سكان الصحرء ، وبشكل ديمقراطي ، تدبير شؤونهم بأنفسهم من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية .الإسهام الفعال في الحيات العامة بما تحدده القوانين التي يطرحها ووالتي تضمن:  
      1ِ/  إستقلال الإدارة والشرطة المحلية ومحاكم الجهة .
02/ التنمية الإقتصادية والتخطيط الجهوي وتشجيع الإستثمار والصناعة والسياحة والفلاحة .
      3/ البنية التحتية من منشئات مائية وكهربائية واشغال عمومية ونقل.
       4/ الحقوق الإجتماعية من سكن وتربية وصحة وتشغيل ورياضة وضمان
          اجتماعي ورعاية اجتماعية .
       5/التنمية الثقافية من خلال النهوض بالتراث الثقافي الصحراوي (( الحساني ))
مبدء المشاورة والإستشارة الشعبية للسكان المعنيين ، حتى في المسائل التي
تعد جزءا من مظاهر السيادة المغربية ، حيث تباشر الدولة مسؤوليتها في مجال العلاقات الخارجية بتشاورمع جهة الحكم الذاتي للصحراء بل لقد ذهب المشروع المغربي ابعد من ذالك عندما جعل نظام الحكم الذاتي للجهة الصحراوية موضوع تفاوض يطرح على السكان المعنيين ضمن استشارة ديمقراطية.
تحقيق موارد مالية لجهة الحكم الذاتي لتحقيق تنميتها في كافة المجالات .
وتتكون هذه الموارد من الضرائب والرسوم والمساهمات المحلية المقررة من لدن الهيئات المخصصة للجهة، العائدات المتأتية من استقلال الموارد الطبيعية والموجودة بالجهة ، جزءا من العائدات المحصلة من طرف الدولة ، الموارد الضرورية المخصصة في اطار التضامن الوطني ، عائدات ممتلكات الجهة .
ترسيخ مبدأ الإدماج والإندماج الذي يلزم بموجبه المغرب باتخاذ كافة  
الإجراءات اللازمة من أجل إدماج الأشخاص الذين تتم دعوتهم إلى الوطن إدماجا تاما في حظيرته ، وذالك في ظل ظروف تكفل الحفاظ على كرامتهم وسلامتهم وحماية ممتلكاتهم ومع كل هذا السخاء في العرض المغربي فإنه لم يشترط على الطرف الآخر إلا التزاما واحدا، والقاضي بأحقية الدولة المغربية في الإحتفاظ باختصاصاتها في ميادين السيادة ، ولاسيما الدفاع والعلاقات الخارجية والإختصاصات الدستورية والدينية لجلالة الملك .
    إن المغرب لم يبين عرضه من فراغ ولم ينسج مضامنه من خيال ، بل قدم مشروعا قائما ((على ضوابط ومعايير متعارف عليها عالميا ))
ومعبرا عن قناعة دولية بأن حل الخلاف حول الصحراء لن يأتي إلا بالتفاوض ، وعلى أساس إجراءات توافقية تنسجم مع الأهداف والمبادئ التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة من هنا نفهم لماذا اتفق المجتمع الدولي على وصف المقترح المغربي بالجاد والمسؤول لأنه بالفعل قدم حلا ميسر التطبيق وقابل للتفاوض بشأنه .
    سادسا : إننا نرى أن العيش الكريم هو العيش في ظل الأمن والحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية والمساواة ، ومن هذا المنطلق نؤكد أن الحكم الذاتي سيضمن :
استقرار الوضع بإفريقيا شمال الصحراء .
تفعيل بناء المغرب العربي الموحد كقوة بشرية اقتصادية وسياسية لمجابهة
شمال المتوسط وقرب المحيط
تنمية وضعية عموم الإنسان الداخل في دائرة الصراع – سواء منه الصحراوي في البولساريو،او الصحراوي الوحدوي،أوالمغربي عامة ، أوالجزائر، وحتى الموريتاني وذالك بإعتبار الإستقرار السياسي بالمنطقة يشكل المدخل الرئيسي لتحقيق التنمية الإنسانية بها
تمكين الصحراويين من جمع شملهم، وتدبير شئونهم ، وتنمية جهتهم بسواعدهم وإراداتهم ، في إطار وطن يتسع لهم من لكويرة إلى البوقاز
   وتأسيسا على المحددات الخمس الآنفة الذكر، يتأكد أن كل المحاولات الرامية إلى إفشال مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية في ظل السيادة المغربية   إنما هي برهان على زيف اطروحة قيادة البولساريو من أساسها ودعوة للتأمل في التاريخ القريب للكشف عن الحقيقة المغيبة عند البوليساليو.
    وبناء على هذا، وسعيا لرفع كل لبس، وتوضيحا للرؤي خاصة عند شبابنا ممن يستهويهم شعار تقرير المصير،نستجيب لدعوة التأمل في التاريخ لنستجلي الحقيقة المغيبة.
    إن مفهوم تقرير المصير بمعنى الإنفصال يعد المقالطة الأولى التي يروج لها أعداء المجتمع الصحراوي في العيش الإنساني الكريم،والإستقرار الأمني، إذ أن تقرير المصير يعني الإختيار المناسب من الخيارات القائمة
   وهوبالنسبة لنا أختياربين حالتين واقعتين: إما أن نسير أنفسنا بأنفسنا وندبر شئووننا في إطار حكم ذاتي،يضمن لنا حق التصرف في خيرات جهتنا بالإضافة إلى حقوقنا المغربية كاملة في جميع جهات المملكة،وإما أن نبقى مكتوفي الأيادي أمام زيف التيار حول المفهوم إلى شعار.
    والحقيقة،هنا،لاتخفى على أي صحراوي.إذ اننا نعلم أن القرار في تندوف قرار جزائري،وأن قياد البوليساريو لاتمارس هناك إللا نوع من الحكم الذاتي الضيق وفي هذا الحكم لا تتصرف إلا في توزيع وبيع المساعدات الإنسانية التي تمنح لساكنة المخيمات،ومن لايملك حق إتخاذ القرار لا يمكن أن يملك سلطة التقرير .
    ومن هنا فان الحديث عن استفتاء الصحراويين في مصيرهم لحل النزاع ليس إلى ورق جزائرية يماطل بها الجيش الجزائري أي تسوية .
    فإذا كان الأمر يتعلق بتقرير المصير،أي ممارسة الإختيار الأنسب،فإن أغلب الصحراويين ممن لم تطلهم يد الأختطاف وأستعصو على التغرير قرروا البقاء في وطنهم،والمتمكنون من العودة إلى أرض الوطن يتوافدون بكثرة متحدين لأطروحة البولساريو وقراراتها،ومقررين مصيرهم باختيارهم الإرادي وبدون إملاءات خارجية .
وإنه ، بالرجوع إلى ماسبق ، وبإستحضار أحداث التاريخ القريب التي   نحت على ذاكرة العديد منا ونحن أطفال نرى أنفسنا نختطف تحت التهديد والتضليل للزج بنا في معسكرات تيندوف ونرى ممتلكات عائداتنا تنتزع لتصبح محتجزين فقراء بين عشية وضحاها .وبالوقوف عند أوضاع عائلاتنا اليوم في تندوف ، لايمكن بأي حال أن تكون قيادة البولساريوا محاورا بإسمنا .
والتي كان من المفروض أن تنتهي صلاحيتها مع إنتهاء الإشتراكية في العالم ومع إنتهاء كذالك سياسة الحزب الواحد في الجزائر مما يجعلنا نملك حق الطعن في أحقية تمثيلها للصحراويين .
      إن المعطيات اعلاه تؤكد لنا نحن أبناء المنطقة المتنازع بشأنها ، ومن منطلق معايشتنا للصراع ولأكثر من ثلاثين سنة ، نرى أن مشروع الحكم الذاتي يشكل الحل الأنجع والأمثل لتمكين الصحراويين من جمع شملهم والإنخراط في بناء مجتمعهم بعمق انساني كبيرونظرة بعيدة الأفق
    انه ، من الواضح أن فلسفة الحكم الذاتي لايتعلق بصيغة الإدماج الذي كان يدعوا إليه المغرب عبر استفتاء تأكيد ولاصيغة الإستقلال التي كانت تدعوا اليها البولساريوا ، انما هو صيغة وسطية توفيقية تنظر إلى منطق الأشياء القائمة على أرض الواقع للخروج من النفق المسدود الذي وضعته جملة الأخطاء التاريخية التي استفحلتها الجزائر لدعم النزعة الإنفصالية ، وفي هذا الإطار نقول انه لايمكن للبولساريوا ان تستمر ، ومحتم عليها أن تمشي مع الحل  الحداثي الذي يرتقي بالواقع بدل من أن تكون سجينة وإنعكاسا سلبيا له ، وهو امر يفرضه الواقع الذي يعيشه الصحراويين بتندوف وفي الشتات لا حسابات السياسة الإستخباراتية و المصالح الشخصية لقيادة البوليساريو.
 ومن هنا ندعوا قيادة البولساريوا إلى التفكير الإجابي والإحتكام إلى سلصة العقل في إخراج الصحراويين من هذا الواقع المظلم ، وإشراكهم في بناء وطنهم في إطار الحكم الذاتي ، بحكم انه لم يعد هناك أي مقترح سواه لأنه منفتح على الآخر ، ولأنه يرفض الضم الشامل ، كما يرفض الإنفصال الضيق والعنيف وبهذا المشروع يكون المغرب قد تنازل عن حقوقه إلى أبعد حد ممكن من أجل فض النزاع بطريق سلمية (( لاغالب ولامغلوب )) .
ولأن مقتضيات الأمم المتحدة تنص على أنه عندما يتعلق الأمر بحل سياسي يجب أن يكون بإتفاق الأطراف،ولأن هذا الصراع عمر أكثر مما يجب ولا يمكن حله من خلال القضاء المبرم على طرف من الأطراف .
يمكن القول أن ملف الصحراء قد إنتهى بإعلان المغرب عن حكم ذاتي لكل الصحراويين وليس للبوليساريو فقط ،على المغرب أن لا يضيع الوقت وأن يأخذ المسلة بجدية أمام كل الصحراويين ،ويأخذ بعين الإعتبار مسألة تصحيح الأوضاع حقوقيا وإقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا عبر تفعيل المسلسل داخل الأقاليم المتنازع بشأنها .
ولأن لديه 70% من الصحراويين عليه أن يطبق معهم الحكم الذاتي يتحاور مع الآخرين ،وأن لا يتخوف من الإكراهات الإقليمية والدولية والإنفلاتات الوطنية ،وعليه أن يواجه هذا الاشكال بالرد المتعقل ،وعليه كذلك أن لا ينزعج من الرأي المغاير أو المخالف لأن منطق الإقصاء لا يخدم إنهاء النزاع ،وعليه أن ينظر لمن يدعى رأيا مخالفا أنه يحمل منظومة فكرية يمكن أن تكون مغلوطة ولا يحمل متفجرات ،إذ عليه أن يتجاوز هذا المنطق وأن يعمل على تأسيس الحوار والإيمان به داخل الأقاليم . لأن الهاجس الأمني لن يحل المشكل ، لأن الهاجس الامني كان أمتداد لفترة السبعينات والثمانينات ،ولأنه كان هناك حرب وكان الجدار الأمني العازل ،إذا كان الصراع بالاسلحة واليوم أصبحت إعلامية ،والهاجس الامني لا يمكن أن يواجه الحرب الإعلامية .
     ومن هذا المنظور نجد ان مشكل الصحراء بصيفة عامة يجب ان يكون موضوع الحوار والتفكير الجماعي بين الصحراويين المؤدي إلى تبني وإنضاج الحكم الذاتي ، وهو مايجعلنا نؤمن بفتح حوار صريح وهادف بين كل الفعاليات الصحراوية من مختلف توجهاتها ومرافقها وأيضا مناطق تواجدها ، سواءا الأغلبية التي تتبنى الإندماج في المغرب او التي تتبنى الإنفصال عنه أوالفيئة  الصامة .
         وإيمانا منا، بما تقتضيه الظرفية الراهنة من تاريخ النزاع ، وسعيا لخلق حوارأفقي جاد ومسؤول بين الصحراويين مهما أختلفت وجهات نظرهم وأماكن تواجدهم حول مشروع الحكم الذاتي ، وعملا على تحقيقه ، ترى مبادرتنا أن تخلق الحوار لتبيين نجاعة مشروع الحكم الذاتي لكافة المعنيين به مباشرة ولعموم المهتمين بمجريات الأحداث بالصحراء وحولها .

أبراهيم اعمار