رسالة إلى عامل إقليم إفران …

لقد كان لي مقال سابق مؤرخ ب 06 فبراير 2015 ، أي سنة على حلولك في مهمة بعد تعينك على رأس عمالة إفران ، من طرف ملك البلاد ، وقد عنونت المقال ب «إنتظارات ساكنة إقليم إفران من العامل الجديد» ، وكان من حظي السيئ الذي أجبرني على أن أتابع تدبير الشأن المحلي و الإقليمي ، للمدينة التي حظيت بشرف الانتماء إليها ، لقد ذكرت في مستهل مقالي السابق بسنة مضت ، أبرز المشاكل التقنية و الصحية والاجتماعية ، و سمات و بوادر انتكاسة التنمية المجالية بإقليم إفران على العموم، و تمنيت حينها أن يكون ولوجكم على رأس عمالة إفران فال خير على البلاد و العباد .

لقد أحسنت النية بقدومكم على مدينة إفران التي تعلمون مدى حجم الخصاص ، بخصوص الموارد و الاحتياجات خصوصا في القطاع الصحي و العلاجي ، وحجم الخصاص في الخدمات الصحية ، إقليم يحتضن حاضرتان ، إفران و آزرو ، و ثمان جماعات قروية (…) ، وهذه الإضاءات ستعطيكم لمحة عن طبيعة الخدمات (…)، قلت أحسنت النية بقدومكم و قدوم مجلس بلدي جديد بوجوه جديدة، وكذا مجلس إقليمي جديد (…).

لم يكن في حسباني يوما ، أني فقط سأمزق حدائي ، وأضيع بضع أوراق ثارة أجلبها معي مدون عليها طلبات استقبال لسعادتكم ، أو أستعيرها من موظف الاستقبال ثارة أخرى يدون عليها بخط يده طلباتنا و رغباتنا ، ونعاقب بالانتظار إلى أن يأخذ منا الملل الوقت الكثير و نعود أدراجنا (…)، لقد استبشرنا بقدومك خيرا، على أن تمد يد العون و المساعدة، إلى الطبقات الهشة والفقيرة، ولو بالالتفاتة الطيبة أو الابتسامة الجميلة التي يقابلنا بها موظف الاستقبال ، الذي ألف وجوهنا و حفظ أسماءنا وأدرك غاياتنا، ولا يبخل علينا من بركات الدعاء ، فئات اجتماعية سماها الحبيب المصطفى «بأهل البلاء»، والتي تحمل في أجسادها من الأمراض المزمنة و الإعاقات، ما ينكسر به صخر جندل، فماذا عن قلوبكم البشرية (…)؟؟.

لقد تمنيت لو أنكم تفضلتم علينا بطيب الكلم وتكونوا صادقين معنا، مرحبين بطلباتنا أو رافضين لها ولن نجادلكم في ذلك ولن نطلب تبريرا، ولسنا حاسدي أولي النعمة الذين تتفضلون ، على جمعياتهم و تمولون إيقاعات «بناديرهم» بأطيب الأثمان ، لقد كان لنا في مطلبنا الذي أخذت عهدا أن يكون آخرها ذلك الذي في قائمة مهملاتكم ، كان في محتواها ، توفير ركن للتواصل بينا و بينكم ، في إيجاد صيغة عملية تشاركية للعمل على الرفع من مؤشر التنمية الاجتماعية والبشرية ، خصوصا في المجال الصحي لدعم مرضى الأمراض المزمنة ، وكذا الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ، الذين اقترحتهم سيادتك على الجمعية ، لقد كان من مطالبنا الدعم في حدود الإمكانيات المتاحة ، بتسهيل المساطر و تيسير سبل استفادة مرضى الأمراض المزمنة و ذوي الاحتياجات الخاصة ، من بطاقة «راميد» لتيسير سبل استفادتهم من الخدمات الصحية ، تيسيرا علينا طرق الاشتغال (…)، وكان أيضا من بين مطالبنا التدخل و المواكبة للرفع من الخدمات الصحية ، و تكثيف الجهود من كل الجوانب ، لإيجاد مخرج للأزمة الصحية ، التي توفي على إثرها أحد مرضى الجمعية المداوم على تصفية الدم بمركز آزرو.

لمن نشكوا مآسينا ؟؟

ومن يصغي لشكوانا و يجدينا ؟؟

لقد انتابني الذهول حقا سعادتكم ، وأنا على باب مدخل بوابتكم ، و حارسكم الوفي يمنعنا التقدم بخطوة أو حتى الاستمرار في الوقوف ، قلت انتابني الذهول وأنا أرى شخصا قادما يتأبط ملفا و نظارة سوداء ، و حداء ملمع مشمع ، يستل من جيب قميصه الأزرق المرتب الأصداف ، بإضافة نسوية متميزة ، إستل بطاقة زيارة«carte visite  »، لا يعلم سوى القدر ما بها، سوى ما لمحته عيناي من صورة لأيقونة مقاولة أو شركة لم يمانع موظف الأمن إدخاله وقتها، ازددت إدراكا أن المواطنة في وطننا الحبيب درجات، والأسبقية لرجال الأعمال و أرباب المقاولات ، أما عامة الشعب ليست في صلب الاهتمامات، وقد كنتم ستحضون بشرف لقاء فئة من أبناء المدينة تمثل مؤسسة أو جمعية للرعاية الاجتماعية، كانت تود أن تخدم إلى جانبكم الصالح العام ، والدفع بعجلة التنمية الاجتماعية و الصحية إلى الأمام، قبل أن تعيق سيرها ترتيباتكم البيروقراطية ، وبروتوكولاتكم الشكلية ، على كل حال شكرا لكم

حتى لا نطيل على القارئ الكريم و على سيادتكم، سنظل باحثين في أرضنا الطيبة عن شخص رشيد ، يشاركنا اهتماماتنا ، والاهتمام الصادق بالملايين التي لا تلتقي بالخبز إلا في الخيال ، والتي تسكن في الليل بيوتا من سعال ، أبدا ما عرفت شكل الدواء ، تتردى جثثا تحت الضياء (…). وإلى ذلكم الحين دمتم في مكاتبكم دافئين ولسيارات الدولة راكبين ، وبرجال الأمن محصنين، وفي أجواء إفران مستمتعين ، إلى أن تشملكم إعادة التعيين.

 

من عبد السلام أقصو