أربعة أخطاء قاتلة وقع فيها فريق اغتيال وتقطيع الصحافي السعودي جمال خاشقجي للقضاء على آثار الجريمة

في وضح النهار، وفي قلب حي بشكتاش السياحي في أسطنبول، وبإزاء الرجل محط الأنظار الكاتب بصحيفة Washington Post الأمريكية، أتت طائرتان تحملان 15 رجلاً هم فريق الاغتيال، المفترض، المكلف بمهمة محددة؛ قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي والقضاء على آثار الجريمة.

لكن العملية شابها الكثير من الأخطاء، في التخطيط والتنفيذ، حسب مصادر إعلامية، وأصبحت قضية مقتل الصحافي السعودي في قنصلية بلاده محط أنظار العالم وموضع اهتمام الرؤساء والإعلاميين حول الأرض.

وأوردت صحافة عالمية ما قالت عنه بعض الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها قتلة خاشقجي:
أولاً: المكان الخاطئ
نفذ فريق الاغتيال السعودي المتهم بعملية قتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول. وهذه القنصلية تقع في حي بشكتاش الحيوي، وهي قريبة من مراكز تجارية وترفيهية مشهورة، وعلى بعد أمتار من القنصلية الباكستانية، وتقع في حي راق وسياحي تتم مراقبته وتسجيل الحركة فيه جيداً لتأمين المراكز الدبلوماسية والتجارية والثقافية المتواجدة به. ومكان بهذه الأهمية لا يمكن ألا يتواجد به كاميرات في الشارع تسجل الدخول والخروج منه، وحتى لو كانت كاميرات القنصلية معطلة (وهذا مستبعد)، فإن المنطقة المحيطة بها العديد من الكاميرات التي يمكن أن تسجل الداخلين والخارجين من القنصلية.

ولم تسجل الكاميرات خروج خاشقجي من القنصلية وهو ما اعتبر دليلاً على اختفائه داخل القنصلية.
ثانياً: الزمان غير المناسب
في الوقت الذي تبذل فيه المملكة وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، جهوداً مضنية لتحسين صورتها العالمية، جاءت هذه الحادثة لتجعلها فقط تأمل بالدفاع عن نفسها. فالأنباء التي باتت شبه مؤكدة عن مقتل الإعلامي السعودي البارز جمال خاشقجي في مقر قنصلية بلاده في إسطنبول، تسببت في إلغاء شركات عالمية حضورها مؤتمراً يرعاه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ما بات يمثل ضربة قوية لسمعة ولي العهد الذي ينادي بالإصلاح.

وقالت صحيفة The New York Times الأميركية إنه بدءاً من شارع وول ستريت، مروراً بوادي السيليكون، وانتهاءً بشارع كيه ستريت (K Street) بواشنطن، حيث تجابه جماعات الضغط، والممولون، والمديرون التنفيذيون لشركات التكنولوجيا الفائقة، والشخصيات الإعلامية خطر ممارسة أعمال تجارية مع السعودية حين تخضع لتحقيق قاسٍ لدورها في هذه القضية. أنهت مجموعة Harbour Group، إحدى جماعات الضغط العشر التي تمثل الحكومة السعودية، تعاملها مع المملكة، بينما تفكر شركات أخرى في أن تحذو حذوها، وفقاً لأشخاص على اطلاع بالمناقشات، إذ تعاني السعودية من رد فعل عنيف بشأن مزاعم ضلوعها في قتل الصحافي جمال خاشقجي. وقال هؤلاء الأشخاص إنَّ جماعات الضغط تناقش بشكل خاص كيفية المضي قدماً. لكنَّ البعض قد قرر بالفعل أنَّ احتمال الاستمرار في تحصيل المقابل المادي من السعودية، التي كانت في يوم من الأيام عميلاً كريماً ومربحاً، لا يستحق المخاطرة بسمعتهم.

وألغت العديد من وسائل الإعلام الإخبارية، بما فيها صحيفة The New York Times الأميركية مشاركتها في مؤتمر للمستثمرين برعاية الحكومة في الرياض من المقرر أن يعقد في غضون أسبوعين، حيث من المتوقع أن يتحدث ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. كما أعلنت كل من صحيفة The Los Angeles Times و The Economist أنَّهما لن يشاركا في المؤتمر. لكن بالنسبة للشركات المالية والتقنية، والعديد منها لديه تعاملات بمليارات الدولارات مع السعودية، فالحسابات أكثر تعقيداً. وقد تراجع عدد قليل من مديريها التنفيذيين عن حضور المؤتمر، الذي يُطلق عليه مبادرة مستقبل الاستثمار، والمعروف باسم «دافوس الصحراء».
ثالثاً: الأشخاص المكشوفون
جاء فريق الاغتيال السعودي المتهم بقتل خاشقجي على متن طائرتَين خاصتين تابعتين لشركة «غلف ستريم» اللتين قال مسؤولون تركيون إنهما قد نقلتا العملاء الذين شاركوا في إخفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وعلى الأرجح قتلوه في مدينة إسطنبول التركية، تنتميان إلى شركةٍ واقعةٍ تحت سيطرة ولي عهد المملكة السعودية، بحسب صحيفة Wall Street Journal الأميركية. وكشفت السلطات التركية أيضاً الأربعاء 10 أكتوبر، عن أسماء 15 رجلاً وصورهم، معتبرة أنهم متورطون في مقتل جمال خاشقجي المشتبه به داخل القنصلية السعودية بإسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول قبل العودة بعد ساعات إلى أرض السعودية.

وكان من ضمن أولئك الرجال خبير طب شرعي ورجل التُقِطت له صورة في العام 2017، وهو يرتدي الزي الرسمي للحرس الملكي السعودي. وقال مصدر على اطلاع بالملف أن ثلاثة من فريق الـ 15 هم أعضاء في وحدة الحماية الخاصة للأمير محمد بن سلمان. وأضاف أن تقرير الشرطة ينص على أن أمتعة السعوديين تم تفتيشها عند مغادرتهم وأنها لم تتضمن أي شيء مشبوه. من ناحيته، ذكر تقرير لصحيفة Washinton Post الثلاثاء، أن مسؤولي الاستخبارات الأميركية اعترضوا اتصالات من مسؤولين سعوديين يناقشون خطة للقبض على جمال خاشقجي. وقالت الصحيفة نقلاً عن مسؤول مجهول على دراية بالموقف أن المسؤولين أرادوا إعادته إلى السعودية. ونقلت صحيفة New York Times عن مسؤول تركي قوله إن منشار العظام استخدم لتفريق جثة خاشقجي. وذكرت الصحيفة أن «المسؤول وصف عملية سريعة ومعقدة قتل فيها خاشقجي في غضون ساعتين من وصوله إلى القنصلية من قبل فريق من العملاء السعوديين الذين قاموا بتقطيع أوصال جسده بمنشار عظم جلبوه لهذا الغرض».
رابعاً: الفشل الإعلامي
كان الأداء الإعلامي للشخصيات ووسائل الإعلام السعودية مرتبكاً للغاية، فبينما نفى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن يكون خاشقجي على الأراضي السعودية وقال إن السلطات تبحث عنه، روجت شخصيات سعودية معروفة لاتهام قطر وتركيا بالتخطيط لإرباك المملكة والتآمر على صورتها في وسائل الإعلام، لكن الإعلام الغربي والأميركي بصفة خاصة جعل هذه الاتهامات مثاراً للسخرية. وقال القنصل السعودي إن الكاميرات الخاصة بالقنصلية لا تقوم بالتسجيل وهو ما أثار سخرية واسعة من المعلقين وبينهم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بوب كوركر.

ولم تقدم وسائل الإعلام السعودية تفسيراً أو رواية واحدة متماسكة.

عن موقع : فاس نيوز ميديا