المركبة الفضائية “كاسيني” تنهي رحلة علمية حافلة بالاكتشافات وتترك رسالة أمل في التنوع الكبير والمثري للإنسانية

بعد رحلة استكشافات علمية جليلة ورائدة امتدت لعقدين، تتأهب المركبة الفضائية “كاسيني” لإطلاق زفرتها الأخيرة في الساعات الأولى من يوم 15 شتنبر 2017، قبل أن تغوص في الغلاف الجوي لكوكب زحل الذي أحدثت ثورة علمية خاصة في الحلقات المرتبطة به وبعشرات الاقمار التي تسبح حوله.

وستواصل كاسيني ،الى غاية اللحظة الاخيرة التي تسبق احتكاكها بالغلاف الجوي لكوكب زحل، إرسال بيانات عن تكوين هذه الجرم السماوي، طالما ظلت هوائياتها موجهة نحو الأرض التي تبعد عن كوكب زحل بنحو 14 مليار كيلومتر . ولم يسبق لأي مركبة فضائية أن كانت على هذه المسافة القريبة من كوكب الحلقات (زحل).

وقال السيد كمال الودغيري، المهندس في مجال الاتصالات، بوكالة الفضائية الأمريكية (ناسا) والذي شغل عدة وظائف مرتبطة بهندسة هذا المشروع منذ 2002 إنه ” بمعزل عن الريادة والتفوق التكنولوجي والمعارف العلمية التي قلبت العديد من المعادلات في علوم الفيزياء الفلكية وفتحت نوافذ وفرصة علمية جديدة، فإن المركبة كاسيني قدمت رسالة أمل للإنسانية في تنوعها الكبير واختلافات الرأي والمقاربات بشأن مشروع متعدد الأطراف من هذا القبيل، والذي شارك فيه ما لا يقل عن 17 بلدا” .

وأضاف العالم المغربي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه “في الوقت الذي تمر فيه التعددية القطبية على المستوى الدولي بلحظات عصيبة في تاريخها، فإن مهمة كاسيني نجحت في توحيد عبقرية الإبداع بين علماء من جميع أنحاء العالم، وكذا الرؤى ووجهات النظر، التي بدت متعارضة في بعض الأحيان، إلا أن الجهود والطاقات كرست في نهاية المطاف لإنجاز مشروع ضخم ذي قيمة علمية وانسانية وتربوية لا تقدر بثمن”.

وسجل السيد الودغيري انه “خلال هذه المهمة العظيمة، تبرز قيمة القيادة الرؤيوية والحصيفة التي لاتقفز على جوهر الأشياء، بل تملك مايكفي من الانفتاح والتسامح لقبول، بل أكثر من ذلك، ادماج وخلق الانسجام والتناغم بين مساهمات كل فرد على حدة، لرسم الصورة النهائية “، مؤكدا أن قضية المناخ التي تمر بلحظات حاسمة هي بجاجة الى استلهام الفلسفة التي وجهت وأطرت عمل كاسيني.

ومن بين الانجازات العلمية التي قامت بها المركبة كاسيني، اكتشاف المحيطات تحت طبقة القمر إنسيلادوس وكذا البحيرات، مع إمكانية وجود غاز الميثان السائل على سطح القمر تيتان، والذي، على الرغم من أنه يبدو غير قابل لعيش الإنسان فيه ، فإنه يمكن أن يكون صالحا لإشكال أخرى من الحياة يتعين تحديدها.

كما قدمت كاسيني معلومات عن النظام الشمسي وتشكيل زحل على خلفية من التفاعلات المعقدة بين الحلقات، وعن حوالي ستين قمرا، ولكن أيضا على المساحات الأخرى من الكون التي يمكن أن تستضيف أشكالا من الحياة . وتمكنت كاسيني أيضا خلال رحلتها في الفضاء، من إرسال ما لايقل عن 450 الف صورة والكشف عن أشكال ثلاثية الأبعاد في حلقات زحل.

وتتوقع البيانات النهائية لبعثة “كاسيني” أن ينقطع الاتصال بالمركبة في 15 شتنبر عند حوالي الساعة 55و 7 صباحا (بتوقيت واشنطن العاصمة)، الساعة 55و12 بتوقيت جرينتش. ومن ثم ستدخل كاسيني الغلاف الجوي لكوكب زحل بسرعة تناهز 113 الف كيلومتر في الساعة.

وقال إيرل ميز، مدير بعثة كاسيني في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) في باسادينا بولاية كاليفورنيا ،في بيان، “إن الإشارة الأخيرة من مسبار كاسيني ستحاكي الصدى وستشع المركبة من خلال النظام الشمسي لمدة ساعة ونصف تقريبا”.

عن جريدة :فاس نيوز ميديا