صورة هزت اللبنانيين عن جيشهم الذي أصبح غريباً بينهم

لبنان الذي يمارس في معظم الأحيان مقولته الشهيرة: “مع العرب إذا اتفقوا وعلى الحياد إذا اختلفوا” وجد نفسه الثلاثاء الماضي مضطراً إلى تطبيقها على اللبنانيين أنفسهم، وهي ظاهرة فريدة بين جيوش العالم، وأكدت ممارستها صورة نشرتها في اليوم التالي صحيفة “النهار” اللبنانية، وهزت لبنان واللبنانيين، ثم عبر خبرها الحدود ووصل صداه إلى ملايين المغتربين منهم والمتحدرين، وإلى عرب وأجانب أذهلتهم وما زالوا مندهشين.

 يظهر في الصورة التي يراها قراء “العربية.نت” الآن عدد من المسلحين، بعضهم ملثم والآخر مكشوف الوجه، وهم يمرون أمام ملالة مصفحة للجيش اللبناني قرب مدينة صيدا، البعيدة جنوباً 40 كيلومتراً عن بيروت، وإليهم ينظر 3 جنود كانوا من دون أن يفتح أحدهم فمه ليسألهم من أنتم وكيف وإلى أين؟ فبدا المشهد كنزهة مسلحة أمام المفترض أن يكون حامي البلاد والعباد.

 



الإعلامي نديم قطيش

وبعدها بأقل من 24 ساعة ظهر الأسوأ في تقرير أعدته الإعلامية نوال بري، وهي من “تلفزيون الجديد” اللبناني، وكانت تتحدث قرب حاجز أقامه مسلحون بين بلدتي اللبوة وعرسال في منطقة البقاع، حيث أقدم مجهولون على قتل 4 أشخاص قبل أيام، وفجأة مرت شاحنة مكتظة بجنود من الجيش فسمح أفراد الحاجز لها بالمرور من دون أن تتوقف لينزل منها الجند ويعتقلون حملة سلاح غير شرعي.

 ودفعت الصدمة من الصورة بالإعلامي من تلفزيون “المستقبل” اللبناني، نديم قطيش، لأن يخصص حلقة كاملة من برنامجه “دي.أن.أي” الذي تعرضه المحطة يومياً من الاثنين للجمعة، للتعبير عما سببته من استياء، بحسب الفيديو الذي تعرضه “العربية.نت” مما قاله في برنامجه، وهو سياسي بسلاح السخرية، ومنه يتضح كم أصبح الجيش اللبناني غريباً في أرضه.

“أعداء لبنان المولودون على أرضه”

واتصلت “العربية.نت” بنديم قطيش، الشهير بملاحقته الإعلامية لحزب الله إلى درجة أنه ما إن ينتهي أمينه العام، السيد حسن نصر الله، من إلقاء خطبة ما، إلا ويعد عنها تقريراً يكهرب أعصاب المؤيدين للحزب في الليلة نفسها، مع أنه من الطائفة الشيعية “إلا أنني علماني” بحسب ما قال عبر الهاتف، مضيفاً أن إضاءته على الصورة في برنامجه الأربعاء الماضي زاد من صدمة اللبنانيين ومن ذهولهم المستمر للآن.



وزير الداخلية اللبناني مروان شربل

واتصلت “العربية.نت” أيضا بوزير الداخلية، مروان شربل، لتسأله عما فعلته وزارته بالمسلحين الذين ظهروا في صيدا والبقاع أمام الجيش اللبناني، من دون أن يفعل شيئاً، فقال عبر الهاتف من بيروت إنه استاء جداً وانزعج من الصورة كسواه، وأخبر أن أسماء جميع من ظهر مسلحاً فيها أصبحت بحوزة وزارة الداخلية التي أحالت الأسماء للقضاء.

 وروى الوزير شربل أنه نقل انزعاجه من الصورة في اجتماع لمجلس الأمن المركزي، وأخبر أن قيادة الجيش أصدرت أمس بياناً توضيحياً عن ملابسات تلك الصورة، مؤكداً أن الجيش هو حامي البلاد، “لكن ظروفه تضطره أحيانا لأن يحجم عن القيام بردة فعل قادر عليها متى أراد، إلا أن توابعها قد تكون أسوأ من الذنب نفسه” على حد تعبيره.

كما اتصلت “العربية.نت” بإعلامي لبناني مطلع على الأوضاع الأمنية، فطلب عدم ذكر اسمه ونشر ندائه حرفياً، وهو مما قل ودل: “نحن بلد فيه 50 ألف صاروخ متنوع، وميليشيات قررت تحرير فلسطين والقتال في سوريا والوقوف بوجه أعداء إيران، فساعدونا على أعداء لبنان المولودين والمترعرعين على أرضه”.