لماذا تستقدم فرنسا 300 إمام برمضان من المغرب والجزائر؟

استقبلت فرنسا هذا العام نحو ثلاثمئة إمام ومرشد ديني بمناسبة شهر رمضان الكريم، وتم استقدامهم من المغرب والجزائر خاصة، بسبب نقص عدد الأئمة القادرين على أداء صلاة التراويح، إلى جانب أسباب أخرى.

لكن اليمين المحافظ واليمين المتطرف وعدد من القيادات اليسارية العلمانية المعروفة بعدائها للمسلمين استهجنوا الخطوة، واتهموا الحكومة الفرنسية بانتهاك قيم الدولة العلمانية، وبالتسامح مع الأفكار المتطرفة ومع “الإسلام الراديكالي”.

وتشرف منظمة “اتحاد مسلمي فرنسا” على هؤلاء الأئمة، وقال مديرها محمد موساوي إن هناك شخصيات أيديولوجية وعنصرية في فرنسا تتحين كل الفرص من أجل “شيطنة” المسلمين ووصمهم بالتطرف والتشدد.

واعتبر موساوي في حديث للجزيرة نت أن عملية استقدام الأئمة تخضع لاتفاقية بين فرنسا والمغرب منذ 1990، وبأن ملفات هؤلاء المقرئين والمرشدين تخضع لبحث وتمحيص دقيقين في بلدهم الأصلي. وبعدها يتم إرسال لائحة المرشحين لوزارة الداخلية الفرنسية التي توافق عليها بعد دراسة كل ملف على حدة.

وفي مرحلة أخيرة، يتم إرسال تقرير مفصل لوزارة الخارجية، حيث تعطي الضوء الأخضر بمنح التأشيرات لهم.

وأوضح موساوي أنه منذ نحو ثلاثين سنة لم يثبت ولو مرة واحدة أن أحدا من هؤلاء الأئمة خرق القانون الفرنسي أو نشر أفكارا متطرفة أو كان ضالعا في أية أعمال إجرامية أو إرهابية.

وأضاف أن هؤلاء الأئمة أكفاء وحاصلون على درجات علمية، ويتبعون المذهب المالكي، كما أنه بحكم تجربتهم وتدريبهم يعرفون جيدا الثقافة والقوانين الفرنسية، حسب وصفه.

وكشف رئيس اتحاد مسلمي فرنسا أن هؤلاء الأئمة سيخصصون جزءا كبيرا من دروسهم الدينية خلال شهر رمضان لتحريم الإسلام كل أشكال الإرهاب والعنف.

يذكر أن المغرب أوفد هذا العام لفرنسا نحو 160 إماما، بينهم 142 مقرئا و18 واعظا دينيا، بينهم 12 امرأة، أما الجزائر فقد أوفدت نحو 140 إماما. ويوجد في فرنسا نحو ثلاثة آلاف مسجد، عدد كبير منها لا يتوفر فيها إمام مقرئ حافظ لكتاب الله.

أما رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية (غرب فرنسا) محمد إقبال زيدوني فقلل من شأن هذه الانتقادات واعتبرها روتينية والهدف منها التشويش على المسلمين في شهر رمضان.

وقال في تصريح للجزيرة نت إن بعض الأطراف السياسية تعودت على مهاجمة الإسلام والمسلمين، وصارت تجارة رائجة من أجل التغطية على فشلها في اقتراح حلول سياسية للمشاكل اليومية التي يعاني منها المواطن الفرنسي، حسب تعبيره.

ونفى زيدوني مزاعم تشديد السلطات الفرنسية الإجراءات على المساجد والأئمة في فرنسا تحت ذريعة محاربة الإرهاب، موضحا أنه على اتصال بشكل يومي مع رؤساء المنظمات الإسلامية الجهوية، وقال إنه لم يلحظ أي ممارسات أو إجراءات تضييق على المسلمين، مؤكدا أن حبل الود والثقة ما يزال متينا مع السلطات الفرنسية، حسب وصفه.

وأكد أن المجالس الإسلامية الجهوية تتولى مسؤولية الأئمة ورعايتهم والسهر على راحتهم من حيث الإقامة والمأكل والتنقل، كما أنها تنصحهم بعدم الدخول في معاملات تجارية والذهاب لأماكن مشبوهة.

ولفت زيدوني إلى أن الإمام المقرئ يتولى فقط صلاة التراويح طيلة شهر رمضان، أما المرشد الديني فمهمته إعطاء دروس ومواعظ تتركز أساسا حول التسامح والمحبة والتعايش بين الديانات، أسوة بمنهاج القرآن والسنة، من أجل حماية المسلمين، خاصة الجيلين الثالث والرابع من أية انحرافات عقدية مثل الإرهاب والأعمال الإجرامية.

ومن ضمن هؤلاء الأئمة المغربي الشيخ مجدوبي محمد الذي تعود منذ سنوات على المجيء لفرنسا في شهر رمضان. وقال للجزيرة نت إنه يحس بالفخر والاعتزاز وهو يخدم منذ عام 1999 الجاليات الإسلامية في فرنسا وأوروبا.

وحل المجدوبي هذا العام ضيفا على مسلمي مدينة ألونسون (غربي فرنسا)، وقال إنه سعيد برؤية مئات المصلين يملؤون جنبات المسجد الذي يؤم فيه صلاة التراويح.

وأضاف أنه جاء مع زملائه من المغرب والجزائر من أجل مهمة نبيلة، وهي خدمة المسلمين ونشر قيم التسامح والتعايش التي جاء بها الإسلام، ونبذ كل أشكال الغلو والتطرف.

عن جريدة : فاس نيوز ميديا