الصين في قفص الاتهام إلكترونيًا

قال مختصون في مجال الأمان الإلكتروني إن الصين هي المقصودة باتهاماتٍ وجهها تقرير لشركة “مكافي” لأمن الحواسيب، تحدث عن حملةٍ غير مسبوقة من قرصنة الإنترنت وقعت السنوات الخمس الماضية، واستهدفت عشرات الدول والمنظمات، وهي هجماتٌ يقول الباحثون إنها تهدد المنشآت الطاقوية والصناعية، وكانتْ في صلب مؤتمر عن الأمن الإلكتروني بدأ في لاس فيغاس.

وقالت “مكافي” في تقرير الثلاثاء إن قراصنةَ اخترقوا نظمَ حمايةِ حواسيبِ 72 منظمة في أكبر عملية قرصنة من نوعها في التاريخ، كان بين ضحاياها حكوماتُ الولايات المتحدة وكندا وفيتنام وكوريا الجنوبية والهند وتايوان واللجنة الأولمبية الدولية وشركاتُ سلاح.

ونفت الصين في السابق اتهامات بالضلوع في هجمات إلكترونية ناجحة استهدفت أسرارا في قطاعات التكنولوجيا والدفاع وإستراتيجية قطاع الأعمال.

الصين متهمة
ووصف ديمتري آلبيروفيتش نائب رئيس قسم أبحاث الأخطار في “مكافي” ما وقع خلال السنوات الخمس الماضية بـ”أكبر نقل في تاريخ البشرية لثروةٍ متعلقة بالملكية الفكرية”.

وقالت “مكافي” إنها تعتقد أن هناك دولة تقف وراء الهجمات التي قادت آثارها إلى سيرفر واحد.

ورفضت “مكافي” تسمية هذه الدولة. وقال خبراء إن الدلائل تشير إلى الصين.

لكن باحثين آخرين يحذرون من التسرع في اتهام الصين بالضلوع في هجماتٍ تنسب عادة إلى مستقلين أو دول أخرى تستعمل الصين كستار للتضليل.

وفشلت في الماضي محادثاتٌ في الموضوع بين منظمات غير حكومية أميركية وصينية أُجريت بإشراف من مسؤولي البلدين، كما قال مشاركون في الجلسات.

منشآت مهددة
ويقول باحثون إن المنشآت الطاقوية والصناعية باتت معرضة لهجمات إلكترونية مدمرة، تكفي لتنفيذها أحيانا رسالة نصية واحدة.

وعُرضت هذه المخاوف في مؤتمر لأمن الحواسيب في لاس فيغاس، وسط دعواتٍ من حكومات بعض الدول إلى تعزيز الدفاعات الإلكترونية.

وقال تيم روكسي وهو مختص في تقييم الأخطار في شركة مسؤولة عن تطبيق المقاييس الصناعية “إذا وضعك أحدهم نصب عينه، فإنه سيهزمك”.

وقالت “مكافي” في تقرير من 14 صفحة إن القراصنة يمكنهم السيطرة على برامج التحكم التي تسيّر المهام الأساسية للمصانع مثل التوربينات والصمامات.

وروى أحد المختصين على هامش مؤتمر لاس فيغاس كيف استطاع اختراق برامج تحكم واستغرق الأمر منه بضعة أسابيع فقط من العمل داخل غرفته.

مخاوف أميركية
وقال متحدث باسم البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما يعمل على تطوير الدفاعات الإلكترونية للحكومات والقطاع الخاص على حد سواء.

وفي وقت سابق من العام طلبت الإدارة الأميركية أقْلمةَ اتفاقيتيْ جنيف ولاهاي المتعلقتين بسير الحروب لتسريا أيضا على الهجمات الإلكترونية التي تستهدف المنشآت المدنية كالمستشفيات ومنشآت الطاقة.

ويتحرك مسؤولو الأمن القومي الأميركي لتعزيز الحصانة الإلكترونية للولايات المتحدة، وانتقل عدد من مسؤولي وكالة الأمن القومي ووكالات أخرى إلى مؤتمر لاس فيغاس، حيث صرّحوا علانية برغبتهم في تجنيد مختصين في هذا المجال.

وقال ريتشارد جورج مسؤول قسم الحماية من الهجمات الإلكترونية في وكالة الأمن القومي لرويترز “اليوم منْ نبحث عنهم هم المحاربون الإلكترونيون لا علماء الصواريخ”.

ونقلت صحيفة فايننشال تايمز عن روبرت بوتلر -نائب وزير الدفاع الأميركي لشؤون سياسات الإنترنت- قوله إن الحكومة الأميركية تريد أن تساعد القطاع الخاص في هذا المجال.

ورفض البيت الأبيض التعليق على تفاصيل تقرير “مكافي” لكن الصحيفة البريطانية نقلت عن متحدث باسمه قوله إن “الهجمات الإلكترونية على المعلومات ونظم الاتصالات تشكل تحديا اقتصاديا وأمنيا للولايات المتحدة وشركائها، وهو أمر جعل الرئيس يضع أمن الحواسيب ضمن أهم أولوياته”.

عقبات في الطريق
لكن عراقيل تواجه مسعى تعزيز الحصانة الإلكترونية في الغرب، بينها مخاوف الشركات على سمعتها إن أقرّت بتعرضها لهجمات، وصعوبة التقييم الدقيق للتكلفة التي ستتحملها الشركة بسبب عمليات القرصنة، إذْ “يكاد يستحيل أن نقيّم بشكل معقول الأثر المالي لأن الأمر يتعلق في كثير من الأحيان بملكية ٍفكرية، لا يمكن أن تنجز قبل سنوات”.

وهناك أيضا حقيقةُ أن الحكومات نفسها تتجسس على بعضها البعض إلكترونيا، وهو ما يعني وجود حاجة إلى معالجة مشكل غياب الثقة هذا، كشرط لنجاح أي جهد دولي لمناغمة القوانين الهادفة لتجريم القرصنة الإلكترونية بصورة عابرة للحدود.

وهناك أخيرا مشكل يتعلق بالفروق الأيديولوجية بين الدول الغربية ودول أخرى في العالم تميل إلى ممارسة الرقابة.