هيلاري كلينتون تحذر القاهرة

دخلت العلاقات بين المجلس العسكري الحاكم في مصر والولايات المتحدة مرحلة جديدة من التوتر على خلفية الدعم الأميركي المالي لمنظمات المجتمع المدني التي كان لها دور فاعل في ثورة 25 يناير.
 
فقد أحالت السلطات المصرية 19 أميركيا و24 مصريا من منظمات مدنية للقضاء بتهمة الاستغلال غير الشرعي لأموال أجنبية بهدف إثارة الفوضى في البلاد، متجاهلة تهديد الولايات المتحدة بقطع المساعدات.
 
وردت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على الموقف المصري بتحذير القاهرة من عواقب الفشل في حل هذه المسألة الخلافية ونتائجها المرتبة على المساعدات الأميركية السنوية لمصر التي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار، فضلا عن 250 مليون دولار كانت واشنطن قد أعلنت تخصيصها لمصر في العام الحالي.
 
بيد أن وزير الخارجية المصري محمد عمرو رد على نظيرته الأميركية الأحد على هامش مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن بالقول إن الحكومة لا تستطيع التدخل في عمل القضاء، لكنه وعد بأن تقوم السلطات المصرية بما يمكن عمله لاحتواء الأزمة.
يشار إلى أن التحقيقات المصرية في عمل منظمات المجتمع المدني ترتبط ارتباطا وثيقا بحالة الاضطراب السياسي التي تمر بها مصر منذ اندلاع احتجاجات ثورة 25 يناير التي أجبرت الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك على التنحي عن السلطة.
 
كما أكدت وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا -أحد الباقين من عهد مبارك- مواصلتها ملاحقة تلك الجمعيات والمنظمات ومتابعة قضية "الأموال الأميركية" حتى النهاية، مشيرة إلى أن التحقيقات كشفت وجود "مؤامرة لضرب الاستقرار في البلاد".
 
يذكر أن من بين الأميركيين الذين تم تحويلهم للقضاء رئيس مكتب المعهد الجمهوري الدولي في القاهرة سام لحود، وهو نجل وزير النقل الأميركي راي لحود.
 
وانتقد المعهد قرار السلطات المصرية بإحالة لحود وزملائه للقضاء، واصفا هذه الخطوة بأنها "تعكس تصاعد الهجمات على منظمات الديمقراطية المصرية والدولية.. من قبل بقايا نظام مبارك".
يشار إلى أن السلطات المصرية منعت 43 شخصا من السفر على ذمة القضية وسط احتمال أن يواجهوا حكما بالسجن سبع سنوات في حال إدانتهم بالتهم المنسوبة إليهم من مثل "الاستفادة من أموال أجنبية لضرب استقرار البلاد".
 
ويرى مراقبون أن القضية برمتها تدخل فيها اعتبارات عدة، أولها أن مجرد إحالة تلك الجمعيات الأهلية للقضاء بتهمة "الاستفادة من أموال أجنبية" يعني في ثقافة الشارع المصري وصمها بصبغة "أقرب إلى الخيانة"، والإشارة إلى وجود "عناصر خارجية" في التطورات الميدانية الأخيرة.

في الطرف الآخر، يعكس الموقف الأميركي وتهديداته بقطع المساعدات استياء واشنطن من المجلس العسكري الحاكم في مصر ومساعيه "لعرقلة الديمقراطية"، ومحاولته -كما يقول ناشطون مصريون- البحث عن "كبش فداء" لإخفاقات المجلس في تحقيق الاستقرار منذ استلامه السلطة في فبراير/شباط 2011.