بعد ليبيا : من التالي؟

ما هي البلدان العربية التالية التي يرجح أن يحظى الحراك الاحتجاجي فيها – إن وجد – بدعم عسكري مباشر من الحلف الأطلسي؟ وهل تعنى القوى الغربية فعلاً بقيام أنظمة عربية ديمقراطية حقاً.. أم هي تسعى فقط إلى تبديل المعادلات في المنطقة وفقا لمصالحها ؟ هذا وغيره من العناوين محورُ حلقة اليوم.

 

سقوط نظام القذافي في ليبيا يمكن ان يشجع حركاتٍ احتجاجية ً وثورية جديدة داخل العالم العربي وخارجَه. الا ان تدخل النخب الغربية وآلتها الحربية المتمثلة بحلف الناتو  تدخلا فاعلا في الأحداث يثير مخاوف جدية بشأن استخدام "السيناريو الليبي" لخلق البلبلة وتغييب الإستقرار في  دول  وأنظمة عديدة اخرى، بما فيها التي تعتبر تقليديا حليفة و"مقربة" للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا . وثمة مخاوف أيضا من ان النخب المالية والسياسية الغربية ، في ظروف الأزمة الإقتصادية العالمية وتصاعد الإحتجاجات والمطالب المشروعة للجماهير الشعبية في كثير من البلدان، يمكن ان تعمد الى تحويل العشرات من دول آسيا وافريقيا الى "أمثال الصومال" ، فيتغير من حيث المبدأ معنى مفهوم "الدول الحليفة" و"الدول المعادية" في اطار المشروع العالمي الذي  يتزعمه الغرب.  

بديهي ان الأنظمة التي التهمتها الثورات كانت هي نفسها، ومن نواح عديدة، مذنبة في سقوطها وفي كل ما حصل لها. الا ان غياب الإستقرار، في ظل الأنظمة الجديدة التي حلت محل الأنظمة البائدة بدعم من الغرب، يمكن من جهة اخرى ان يترك أثرا سلبيا على تطورات الوضع السياسي الداخلي في الدول الديمقراطية المستحدثة ، ويمكن ان يزعزع استقرار السياسة الإقليمية والدولية على حد سواء. هذا السيناريو قد لا يصب في مصلحة الغرب، ذلك لأن زيادة عدد المناطق التي تفتقر الى الإستقرار قد تولد تحديات سياسية واقتصادية اضافية بالنسبة للدول الغربية نفسها نظرا لتزايد موجات الهجرة وتجذر التطرف الإجتماعي والعقائدي،  بل وحتى تصاعد الإرهاب.