لا يمكن بناء مجتمع ديمقراطي حداثي دون مساهمة النساء في وضع كافة السياسات العمومية

أكد المشاركون في ندوة حول “المناصفة بين الوثيقة الدستورية وإكراهات الواقع”، أمس الجمعة بالرباط، أنه لا يمكن بناء مجتمع ديمقراطي حداثي دون مساهمة النساء في وضع كافة السياسات العمومية. وأضاف المشاركون في هذه الندوة التي نظمتها منظمة المرأة التجمعية، بشراكة مع اللجنة الوطنية للمناصفة والمساواة، أن مساهمة النساء في بناء المجتمع لن تكتمل دون أن تكون لهن نفس الحقوق ونفس الواجبات، ودون احترام كرامتهن الإنسانية وضمان حقهن في المواطنة الكاملة، وتمتعهن بنفس الحظوظ لولوج مراكز القرار.

واعتبروا أن الأحزاب السياسية تعد مشاتل لتكوين القيادات النسائية، باعتبارها الفضاء الطبيعي لربط المرأة بالفضاء العام وبممارسة السلطة، ومعبرا أساسيا لتفعيل المقتضيات الدستورية المرتبطة بالمساواة والمناصفة، مبرزين أن على الأحزاب السياسية تنفيذ التزاماتها الدستورية في ما يتعلق بسياساتها الانتخابية، وتعزيز توجهاتها في مجال التكوين، وتشجيع الولوج المتكافئ لمراكز المسؤولية داخل وخارج الأحزاب، ودعم انتداب وترشيح النساء للمناصب التمثيلية ومراكز اتخاذ القرار.

وأكد المتدخلون أن المجتمع المدني يعد شريكا للدفاع عن قضايا المرأة، ويضطلع بدور بارز في التعريف بحقوقها والإسهام في تحقيق مكتسبات مهمة، مشيرين إلى الاستراتيجية الترافعية القوية للمنظمات النسائية، وكذا الوظائف الجديدة للمجتمع المدني في إطار التعاون مع المؤسسة التشريعية استنادا إلى مبدأ الديمقراطية التشاركية.

من جهته، أبرز وزير العدل، السيد محمد أوجار، في كلمة ألقيت باسمه، أن توجه المغرب نحو إقرار مبدأ المناصفة ليس وليد اليوم، بل يمتد لسنوات ماضية من خلال مصادقته على مجموعة من العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بصفة عامة، وتلك المتعلقة برفع جميع أشكال التمييز ضد المراة بصفة خاصة.

وأشار في هذا الصدد إلى أن دستور 2011 كرس مبادئ المساواة والمناصفة بين الجنسين بشكل لا رجعة فيه، حينما أكد من خلال مقتضيات الفصل 19، بصورة واضحة، على أن يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في الدستور، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.

وذكر الوزير بأن صدور مدونة الأسرة سنة 2004 شكل محطة بارزة في التوجه الرامي إلى إرساء ثقافة المساواة بين الجنسين، وتأسيس منظور جديد للتعاطي مع وضعية المرأة داخل الأسرة؛ قوامه المسؤولية المشتركة للزوجين والمساواة بينهما في الحقوق والواجبات، والعدل والتنشئة السليمة للأطفال. وأضاف أن العناية التي توليها وزارة العدل لحقوق المرأة لا تنحصر في مجال القوانين المدنية، بل تغطي الجانب الجنائي في بعديه الحمائي والعقابي، موضحا أن الوزارة عملت على إدراج مقتضيات جديدة في القانون الجنائي تتعلق بتمكين الزوجة من الاستفادة من ظروف التخفيف، كما هو الشأن بالنسبة للزوج، في ما يخص الضرب والجرح والقتل في حالة الخيانة الزوجية ( الفصل 418 من القانون الجنائي)، ورفع إلزامية السر المهني عن التقارير الطبية في حالة العنف ضد المرأة والأطفال البالغين أقل من 18 سنة (الفصل 446 من القانون الجنائي).

ومن جانبها، قالت السيدة أمينة بنخضرة، رئيسة منظمة المرأة التجمعية لجهة الرباط-سلا-القنيطرة، إن وضعية المرأة المغربية عرفت تقدما ملموسا خلال 15 سنة الأخيرة، حيث استفادت من عدة إصلاحات مؤسساتية ومجتمعية تضمن لها حقوقا أكبر وتعزز تحررها ومشاركتها الفعلية، مشيرة إلى أن وضعية المرأة تحسنت بشكل ملحوظ بفضل هذا الوعي السياسي الذي أثمر عددا من البرامج والاستراتيجيات الرامية إلى ضمان عدالة ومساواة أكبر بين النساء والرجال. وأبرزت أنه من الناحية القانونية، منحت مدونة الأسرة حقوقا إضافية للمرأة المغربية، إذ تشكل حاليا نسبة 40 في المائة من الموظفين في الإدارات العمومية، و20 في المائة من مناصب المسؤولية، فيما تعزز حضورها من الناحية السياسية ببلوع تمثيليتها في البرلمان نسبة 21,11 في المائة مقابل 17 في المائة سنة 2011.

وخلصت إلى أنه بالرغم من الإصلاحات المهمة التي عرفها المغرب، لا سيما مدونة الأسرة سنة، وإقرار قانون الجنسية، والتوقيع على اتفاقة رفع كافة أشكال التمييز ضد النساء، فإنه لا تزال هناك تحديات كبيرة على مستويات عديدة، من بينها المناصفة. يذكر أن فدرالية المرأة التجمعية تعتزم مناقشة هذا الموضوع بشراكة مع اللجنة الوطنية للمناصفة والمساواة في جولة ستشمل 12 جهة بالمملكة.

عن جريدة: فاس نيوز ميديا