الإشاعة في المجتمع المغربي الأسباب والآليات والأهداف.. بقلم الدكتور عبد الجبار شكري

الإشاعة في المجتمع المغربي
الأسباب والآليات والأهداف
الدكتور عبد الجبار شكري
أستاذ باحث في علم الإجتماع وعلم النفس
باحث مشارك في مختبر الأبحاث والدراسات
بكلية اللآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة

– إن الإشاعة هي مجموعة أخبار مغلوطة وأحيانا تكون كاذبة لا أساس لها من الصحة، يتم تداولها وترويجها حول شخص أو شيء أو حدث.
هناك مجموعة من الأسباب النفسية والاجتماعية تؤدي إلى وجود الإشاعة وتصديقها من طرف المجتمع، منها ماهو سيكولوجي، ومنها ما هو اجتماعي؟
ففيما يتعلق بالأسباب النفسية نجد ما يلي ؟
أولا وجود دوافع عدوانية من البعض ، اتجاه الشخص الذي تنشر حوله الإشاعة ، أو وجود دوافع عدوانية اتجاه شيء معين، أو اتجاه حدث معين، كلها تحدث أصلا قلقا عصابيا عند صاحب الإشاعة .
ثانيا وجود حقد و عجز عن الانتقام من الشخص المقصود بالإشاعة بشكل مباشر ومادي، فتشكل الإشاعة عند صاحبها الوسيلة الوحيدة للانتقام.
ثالثا سيطرة مشاعر الحسد والغيرة على الشخص صاحب الاشاعة اتجاه الشخص المقصود بالإشاعة ، فيسعى إلى إلغاء هذه المشاعر بواسطة الإشاعة، ليتشفى من الشخص الذي تنشرحوله الإشاعة.
أما فيما يتعلق بالأسباب الاجتماعية التي تؤدي إلى انتشار الإشاعة نذكر منها ما يلي :
أولا غياب الشفافية والصدق في المعلومة والخبر في المجتمع المغربي، وسيادة سلطة التعتيم والضبابية والغموض في الكشف عن الخبر أو المعلومة، أو في نقلهما،ويؤدي ذلك إلى تعطش المغاربة إلى معرفة الحقيقة، فيروون عطشهم المعرفي من خلال الإشاعات.
ثانيا غياب ديمقراطية حقيقية في المجتمع المغربي، هذه الديموقراطية التي تعتبر امتلاك الخبر الصادق والمعلومة الصحيحة من حق جميع المغاربة بدون استثناء، وهذا لن يتأتى إلا بوجود إعلام ديمقراطي حقيقي مستقل يمارس بكامل سلطته الإعلامية حرية التعبير والنقد، دون خوف من المتابعات القضائية، التي تلجم أفواه الكثير من رجال الصحافة عن قول الحقيقة.
ثالثا سيادة سذاجة الوعي الجمعي الشعبي في المجتمع المغربي، الذي يغيب فيه التحليل العقلاني المنطقي، يجعله مندفعا إلى تصديق الإشاعة وترويجها وكأنها الحقيقة المطلقة دون إخضاعها لسلطة العقل والمنطق،والتي لاتقبل التصديق بشيء إلا بواسطة الحجة والبرهان.
هناك مجموعة من الأطراف في المجتمع المغربي تشكل آليات تشتغل على صنع الإشاعة وترويجها.أولها هي الدولة، ممثلة في وزارة الداخلية بكل أجهزتها المؤسساتية، ويكون الغرض من صناعة الإشاعة، هو استقطاب عقول المغاربة و تحويلها عن التفكير في وجود أزمة اجتماعية أواقتصادية أو سياسية أو طبيعية، حتى لاتؤدي بعض هذه الأزمات إلى القيام بإضرابات وتظاهرات ، قد تؤدي هي بدورها إلى زعزعة استقرار المجتمع المغربي. وثاني هذه الأطراف هي المؤسسات السياسية والنقابية، التي تروج عن خصومها السياسيين والنقابيين إشاعات خصوصا في الحملات الانتخابية الغرض منها النيل من سمعة الخصوم لتقليص نسبة نجاحهم. وثالث هذه الأطراف هي المؤسسات الإقتصادية، (الفلاحية والصناعية والتجارية ) التي توظف الإشاعة في المضاربات الاقتصادية من أجل السيطرة على السوق الاقتصادية. ورابع هذه الأطراف هي المؤسسات الإعلامية، التي تروج للإشاعة في قضية هي موضوع الساعة، لتحقق سبقا إعلاميا تجني منه الأرباح من خلال كثرة المبيعات. وخامس هذه الأطراف هم بعض المغاربة في الداخل
الذين يصنعون الإشاعة وترويجها نتيجة الأسباب النفسية والاجتماعية التي ذكرتها. وسادس هذه الأطراف هي الجهات التي تحمل عداء للمغرب كالجزائر او البوليزاريوأو ذوي الاتجاه الانفصالي أو المعارضين من المغاربة الموجودين خارج الوطن .
أما أهداف الإشاعات بمختلف مضامينها فهي أهداف سياسية والقتصادية واجتماعية ودينية تسعى إلى تحقيقها ، منها ماهو عدواني بحيث يكون الهدف هو تدمير الشخص وإحباطه من خلال تشويه سمعته، ومنها ماهو تمويهي وتغليطي من أجل طمس الحقيقة، ومنها ماهو مادي من أجل الحصول على ربح أكبر ومنفعة أكبر.

عن موقع : فاس نيوز ميديا