الديمقراطية التعاقدية و الديمقراطية التشاركية

الديمقراطية التعاقدية

ضمن ما تعلمناه منذ يناير ٢٠١١ وحتى الآن، أن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات وأحزاب وإجراءات، ولكنها أيضا ثقافة وممارسة والتزام بالتعهدات. الدرس ليس جديدا، فعلم السياسة على ضعفه البين فى التوقع بما قد يقع فى المستقبل، يبقى قويا فى تقديم تحليلات واستخلاصات من الماضى والحاضر، ومن ضمن تلك التحليلات أن الديمقراطية فى مراحل التحول والتغيير السياسى لها ملامح وفلسفة مختلفة عن تلك التى يتم ممارستها فى الديمقراطيات المستقرة والمؤسسة منذ حين، ذلك أن الدول الأخذة فى التحول تمر بظروف سياسية واقتصادية ومؤسسية مختلفة عن الدول حديثة العهد بالتحول الديمقراطى ومن ثم يجب لها معالجة وفهم مختلفين.

فى عام ٢٠٠٨ صاغ عالم الاقتصاد السياسى السويسرى هانز جيرسباش «Hans Gersbach» مصطلح «الديمقراطية التعاقدية « contractual democracy» فى محاولة للتغلب على معضلات تطبيق الديمقراطية حتى فى الدول الراسخة فى التجربة، بحيث تنفض العلاقة بين الناخب والمرشح بمجرد فوز الأخير مع ضعف آليات الرقابة والمساءلة، فضلا عن علاقات المال والسياسة والتى حولت الصناديق والأصوات والمرشحين إلى مجرد سلع يتم تسويقها لزبائن عبر خبراء تسويق فى شكل دعايا وحملة انتخابية! فى مقترحه حاول جيرسباش تطوير المفهوم عبر اقتراح صياغة عقد يتضمن حوافز للمرشح الفائز فى الانتخابات، بحيث إن المسألة ليست مجرد تحصيل أصوات ولكنها تتحول إلى عقد يلتزم به المرشح الفائز أمام ناخبيه بتحقيق بنود يتم الاتفاق عليها وقت الترشح ويتم مكافأته حال الالتزام بها، ويقترح جيرسباش أربعة أشكال للعقد، يتخذ الأول شكل التعهد بتحقيق مطالب الناخبين والالتزام أمامهم بأجندة انتخابية اجتماعية واقتصادية حال الالتزام بها تكون المكافأة متمثلة فى إعادة ترشحه مرة أخرى، أما الثانى فيتمثل فى تقديم حوافز غير مادية وأخرى مادية لدعم المرشح والحزب الذى يلتزم ببرنامجه الانتخابى، أما الشكل الثالث فيتمثل فى تقديم حوافز وضمانات للمرشح بعد تقاعده حال تمكنه من تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة طويلة الأجل لمجتمعه، أما الشكل الأخير فيتخذ شكل تقديم دعم وحوافز للمرشح الذى يتمكن من تحقيق الفوز إذا ما ثبت أنه فاز بعد أن حصل على أصوات الشباب فى دائرته فى إشارة الى انحيازه لقضايا المستقبل.

 الديمقراطية التشاركية

تمثل الديمقراطية التشاركية جملة من الآليات والإجراءات التي تمكّن من إشراك المجتمع المدني والمواطنين عموما في صنع السياسات العامة وتمتين الدور الذي يلعبونه في اتخاذ القرارات المتعلقة بتدبير الشأن العام عن طريق التفاعل المباشر مع السلطات القائمة، سواء على الصعيد الوطني أو –وخاصّة- على الصعيد المحلّي. ولا تلغي الديمقراطية التشاركية الديمقراطية التمثيلية كليا، ولكنها تسعى لتتجاوز أوجه القصور والعجز فيها بمحاولة حل المشاكل عن قرب، وضمان انخراط الجميع، وتطوير التدبير المحلي والوطني عن طريق التكامل بين الديمقراطيتين، لاسيما و أن العديد من التحركات الاجتماعية (نسائية، بيئية، تنموية) لم تعد تجد في الديمقراطية التمثيلية سبلا للتعبير عن حاجياتها ومطالبها و إيجاد حلول لها.

ورغم أن جذور الديموقراطية التشاركية ضاربة في عمق التاريخ، فإنّها في العصر الحديث لم تظهر إلا في ستينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية حيث كانت أهم ما يدعو إليه اليسار الأمريكي لمواجهة الفقر والتهميش. و في أوربا الغربية، تنامت الدعوات تدريجيا إلى أهمية اعتماد الديموقراطية التشاركية وصولا إلى مؤتمر الاتحاد الأوربي حول الديمقراطية التشاركية المنعقد بالعاصمة البلجيكية بتاريخ 8 و 9 مارس 2004، حيت تم التأكيد على “أن الديمقراطية التشاركية هي الحل [لأزمة الديمقراطية الأوربية] وقيمة مضافة لدول الاتحاد الأوربي” و “يجب على الديمقراطية التشاركية ان تضخ دما جديدا للديمقراطية لتكمل الديمقراطية التمثيلية وتنمية التعاون مع باقي الشركاء الاجتماعيين”.

أنواعها

الديمقراطية: Democracy

نظام اجتماعي يؤكد قيمة الفرد وكرامته الشخصية الانسانية ويقوم على اساس مشاركة اعضاء الجماعة في تولي شؤونها، وتتخذ هذه المشاركة اوضاعا مختلفة وقد تكون الديمقراطية سياسية Political Democracy ويكون الشعب فيها مصدر السلطة وتقرر الحقوق لجميع المواطنين على اساس من الحرية والمساواة من دون تمييز بين الافراد بسبب الاصل، الجنس، الدين او اللغة، ويستخدم اصطلاح الادارة الديمقراطية للدلالة على القيادة الجماعية التي تتسم بالمشورة والمشاركة مع المرؤوسين في عملية اتخاذ القرارات.

 وتوجد انواع من الديمقراطية:

1- الديمقراطية المباشرة Direct Democracy

 فيها الشعب مصدر السلطة ويمارس السلطة في آن واحد، ولا وجود للحكام في الديمقراطية المباشرة، وسبق ان طبق هذا النوع من الديمقراطية المباشرة في المدن اليونانية القديمة وبشكل خاص في اثينا، وفي بعض الكانتونات”المقاطعات “ الصغيرة في سويسرا.

2- الديمقراطية غير المباشرة

ولها تسميات اخرى”الديمقراطية النيابية او التمثيليةParliamentary Democrocy فيها الشعب يختار من ينوب عنه لكي يمارس السلطة، فالشعب يبقى مصدرا للسلطة غير انه لا يمارس السلطة بنفسه بل يفوض السلطة الى حاكم يختارونه من بينهم، وهذا هو النوع الشائع في الوقت الحاضر، حيث يختار الشعب ممثلين او نواباً لمدة معينة من السنين لكن لا يستطيع الناخبون محاسبة النائب الى حين انتهاء فترة نيابته.

3- الديمقراطية شبه المباشرة Semi Direct Democracy

في الديمقراطية شبه المباشرة العلاقة تبقى قائمة بين جمهور الناخبين وبين الشخص الذي انتخبوه، ويستطيع الناخبون ازالة النائب واجراء انتخاب اخر للنيابة عنهم، وهذا النوع مطبق في سويسرا وبعض الولايات الاميركية، وتوجد وسيلة اخرى في الديمقراطية  غير المباشرة هو الانتخاب وهو الوسيلة العظمى في انتخاب الافراد، ممكن ان يطرح على جمهور الناخبين مباشرة مشروع قانون وابداء الرأي بكلمة”نعم او لا“ ، فاذا قالوا نعم يكون القانون بدون ان يمر على المجلس التشريعي، ويعتبر من وسائل تولي السلطة والقبض عليها من الوسائل الاربع وهي:

1-الوراثـة، 2 -الاختيـار الذاتـي، 3 -الاسـتيـلاء، 4 -الانتخاب، حيث يعتبر الانتخاب من اهم الوسائل على تولي السلطة في الوقت الحاضر، وارتبط الانتخاب ارتباطا عضويا بالديمقراطية وظهر الانتخاب عندما ظهرت الديمقراطية لان الشعب يختار شخصا لكي يمارس السلطة نيابة عن المجتمع.

4- الديمقراطية الشعبية Popular Democracy

تطلق هذه التسمية على نظام الحكم في الدول الخاضعة للنفوذ الشيوعي كالنظام القائم في الاتحاد السوفيتي سابقا ودول المعسكر الاشتراكي السابقة، وتعد الديمقراطيات الغربية هذا النظام غير ديمقراطي لان اساليبه لا تتفق والمقاييس الاساسية التي تقرها الديمقراطيات، فالتعبير عن ارادة الشعب يجرى على اساس نظام معقد مفروض من داخل اعلى قيادة حزبية او جهة حكومية واحدة بحيث تقيد حرية الاختيار لدى المواطن وحرية تأييده او رفضه لحزب دون اخر.

5- الديمقراطية الوسيطة Mediatory Demcracy

النظام الذي من شأن تعدد الاحزاب السياسية فيه منع المواطنين من اختيار رئيس الحكومة عن طريق الانتخابات البرلمانية، بل يعتمد هذا الاختيار على الاتصالات التي تتم بين كبار رجال السياسة.