الملتقى الوطني الأول بفاس يكرّم شخصيات مغربية بمناسبة عيد العرش المجيد

د. خالد التوزاني[1]

     احتفالا بعيد العرش المجيد، نظم المركز المغربي للاستثمار الثقافي (مساق) ومركز كليفر لايف كوتشينغ، الملتقى الوطني الأول في موضوع نجاحات من بلادي، خصص لتكريم عدد من الشخصيات المغربية المعروفة بعطاءاتها وخدمتها للوطن ولثوابت المملكة.

    في حفلٍ بهيجٍ، وحضورٍ باذخٍ لعدد مِنَ الشَّخصيات الثقافية والفكرية والإعلامية والمقاولاتية، في مدينة فاس، العاصمة العلمية والروحية للمملكة، أقيم يوم الجمعة 19 يوليوز 2019، بأحد الفنادف الفخمة بهذه المدينة العريقة، الملتقى الوطني الأول: نجاحات من بلادي، والذي نظَّمه المركز المغربي للاستثمار الثقافي (مساق)، ومركز كليفر لايف كوتشينغ، تَمَّ خلاله تكريم عدد من الشخصيات المغربية المشهود لها بعطاءاتها المتميّزة، وحضورها البارز في مجال اهتمامها، وخدمة الإشعاع المغربي ورسالة التنوير والتحديث التي يشهدها المغرب، ومن أبرز تلك الشخصيات، يأتي الدكتور الناجي الأمجد، والذي تم تكريمه بصفته خبيراً في التربية والتواصل والتنمية الذاتية، مفخرةُ الوطن وبيتُ العزّ ونبعُ العطاء، أزيد من أربعة عقود قضاها في خدمة التربية والتواصل والتنمية والتدريب والتنوير، فكانت بصمته واضحة في عموم المغاربة داخل الوطن وخارجه من خلال برنامجه الشهير على قناة السادسة: مواقع الجمال، وبرنامجه في القناة الأولى: الجلال والجمال، الذي يسلط فيه الضوء على معاني الجلال والجمال في القران الكريم، وبرنامجه: بطعم الإنجاز، وغير ذلك من البرامج المفيدة والمميّزة، فضلاً عن عطاءاته الجمعوية وإسهاماته الفكرية المتميّزة في عدد من المجالات، وتجاوز صدى أعماله المغرب، ليستفيد منه المشارقة أيضاً وينظروا إليه بصفته أحد أكثر الشخصيات العلمية والفكرية والتربية تأثيراً في العصر الحاضر، نظرا لقوة برامجه في الإعلام وتفرّدها بنشر قيم الجمال والجلال والمحبة والتسامح، ولعل ميزة الدكتور الناجي الأمجد تكمن في قوة بلاغته وامتلاك ناصية اللغة حتى إنَّ المتتبّع لبرامجه الإعلامية ومداخلاته الفكرية يعتقد أنه أحد علماء المشرق، في حين هو مغربي حتى النخاع، ولكن ضبطه للغة العربية ضبطاً تاماً خلق منه شخصية عالمية محبوبة من لدن الجميع، سواء في المغرب أو المشرق.

    أنصت جمهور الملتقى الوطني الأول: نجاحات من بلادي، لمداخلة متميّزة، ألقاها الدكتور الناجي الأمجد الخبير في التربية والتواصل والإعلام والتدريب والتنمية الذاتية، حملت عنوان: نجاح بطعم الإنجاز، تحدّث فيها عن مساره الحافل بالمنجزات، وعن تجربته في الإعلام ورؤيته للنجاح والإنجاز وخواطر منتقاة من عصارة خبرته في الحياة، فكان شهداً يُقطِّرُ عسلاً، حسب تعبير بعض المشاركين في الملتقى، وكان حديثه بحقٍّ ماتعاً ورائعاً؛ فقد أضحك وأبكى وأدخل الفرحة والسرور وأشعل النور في القلوب وأضاء القاعة بابتسامته الصافية العذبة وبحديثه المفعم بروح المبادرة والخير والعطاء والتضحية والإيثار والتواضع والنُّبل، قدّم قصصاً مؤثرة جداً منتقاة من معين تجربته الطويلة ولقاءاته المتعددة بكثير من الناس في مواقف مختلفة وفي أزمنة متفاوتة وأماكن متباينة، فالرجل كثير الأسفار، رحّالة باستمرار، لا يتوقّف إلا ليقدّم محاضرة أو يفيد مجتمعاً أو يسهم في تكوين فئة معينة أو ينصت لهموم الآخرين فيقدّم البلسم الشافي من رصيد حكمته ومعين خبرته ومهاراته في التواصل والإنصات والدعم والتشخيص والعلاج، فالرّجل متعدد الاهتمامات وافر العطاءات، جدير بكل تكريم، فكانت مداخلته مُلهِمة للحضور المشارك في الملتقى الوطني الأول، بمدينة فاس.

   وقد عبّر الدكتور الناجي الأمجد في مداخلته عن كثير من الصعوبات التي واجهت مساره وكيف نحت اسمه في صخر الجلمود بالصَّبر والعمل المستمر ومن خلال الاجتهاد الدائم وإبداع ما لم يبدعه الآخرون، وما لا يتحمّله الباقون، يقول: “الاسمُ لا يُصنَعُ هكذا.. أُقسِمُ أنّنا كتبنا وحَفَرْنا أسمَاءَنا بأظافِرِنا على صَخْرِ الجُلمود، ولاقَينا ما لاقينا من الاضطهاد ومِن الحروب حتَّى.. لشيءٍ واحد هو ضريبةُ النجاح”، ويُضيف قائلا: “لا بدّ أن تتحارب، وأن تصنع لنفسك ترسانة من القواعد كي لا يُداسُ عليك”.

مؤكداً كذلك أنَّ: “الاجتهاد لهُ ثمن، له نوعٌ من المعاناة والصّبر والجَلَد، ولكنَّ الاجتهاد الرائع والجميل هو أن تُبدع، وتُنِجز ما لم يُنجزه الآخرون، هو أن تُحاول أن تكون أنتَ، وأن لا تصِلَ بين عشية وضُحاها.. الذين وصلوا بالدّفع أو بهواتف أو بتوصياتٍ، سُرعانَ ما سقطوا، ولكنَّ الذينَ وصلوا وهم يصعدون “الإفريست” بطريقتهم، يَصِلون في يومٍ من الأيام، ويَصِلون في لحظةٍ من اللحظات”.

وبذلك لم تكن مداخلة الدكتور الناجي الأمجد، مجرد حديث عابر أو محطة في مسار رجل خبير وعالم مغربي كبير قدّم الكثير للثقافة المغربية، وللإشعاع الوطني خارج المغرب، بقدر ما كانت أعماله تحفيزاً  للأجيال الصاعدة وللمشتغلين في حقول الإعلام والصحافة والثقافة والفن والأدب، للوقوف على جمالية المنجز وكيف يصل الإنسان إلى تحقيق أهدافه عبر الكفاح المستمر والعمل الدؤوب والإخلاص والوفاء والإتقان.

ثم اختتم الدكتور الناجي الأمجد مداخلته بالحديث عن مدينة فاس، العاصمة العلمية والروحية للمملكة المغربية، وأنّها مدينة فاضلة تستحق الكثير وتتضمن العديد من رموز العطاء والتضحية والإيثار والبذل والسّخاء، سواء في التاريخ أو الراهن، مقدّما بعض الأمثلة وعلى رأسها السيدة فاطمة الفهرية التي أنشأت أول جامعة في التاريخ، وهي جامعة القرويين.

   وفي اختتام فعاليات هذا الملتقى التكريمي، قدّم درع التكريم للدكتور الناجي الأمجد السيد صلاح الدين أشرقي المدير العام لمركز كليفر لايف كوتشينغ، كما قدم له شهادة التكريم الأكاديمي والباحث المغربي الدكتور خالد التوزاني رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي (مساق)، وأهداه بعضاً من مؤلفاته الجديدة، وقد عبّر المشاركون في الملتقى الوطني الأول، عن عميق امتنانهم للدكتور الناجي الأمجد ومحبتهم الراسخة وكونهم تأثروا بسلسلة البرامج الفكرية والحوارية التي يقدمها في عدد من القنوات الوطنية والإذاعية، والتي كانت وصفات للرقي والارتقاء بالإنسان أينما كان وحيثما وجد.

وجدير بالذكر أنَّ فعاليات هذا الملتقى الوطني الأول: نجاحات من بلادي، قد شهِد تكريم شخصيات أخرى مغربية، عُرِفت بحضورها الوازن وإسهاماتها الكبيرة في تقدم المغرب والإسهام في نهضته، من أبرزها المهندس يونس اليعكوبي الرئيس المؤسس والمدير العام لشركة Fes Marketing Services  والذي تحدَّث في مداخلة له، بمناسبة تكريمه، عن تجربته في خلق المقاولة الناجحة، مؤكِّداً أنَّ “النجاح في عمل ما، يحتاج إلى الإصرار، والثقة في الإمكانيات، والرّغبة القوية في تحقيق الإنجاز”، كما تحدث عن بداياته الأولى وكيف استطاع تحقيق النجاح عبر التكوين الذاتي والاستمرار في التعلم واكتساب مهارات جديدة وإتقان عدة لغات وبرمجيات الحاسوب، مما أهّله لتأسيس شركة في الإعلاميات وفي التسويق الإلكتروني والتحليل المعلوماتي، استطاعت كسب ثقة المتعاملين معها داخل المغرب وخارجه، ونجح بذلك في مشروعه، فكانت مداخلته مصدر إلهام للشباب ودافعاً للعمل الجاد والمثمر وتحفيزاً وتشجيعاً على البدء وعلى أخذ المبادرة بكل تفاؤل وإيجابية، وهي القيم التي يحتاجها شباب اليوم للخروج من ضيق الأفق إلى رحابة التفكير الإبداعي، ولعل هذه القضايا أشار إليها أيضاً المدير العام لمركز كليفر لايف السيد صلاح الدين أشرقي في مداخلته الافتتاحية لهذا الملتقى، كما أكّد ضرورتها الدكتور خالد التوزاني رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي (مساق) حيث دعا إلى نشر ثقافة النجاح والاعتراف بالمنجزين والأكثر تأثيراً في تحسين جودة العلاقات الاجتماعية والارتقاء بالثقافة والمعرفة وجعلها منتجة وذات قيمة في عالم اليوم.

  وقد قدّم للمهندس يونس اليعكوبي درع التكريم والشهادة التقديرية الدكتور فتيحة عبد الله رئيسة الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة، التي عبّرت في كلمة لها عن عميق الشكر والتقدير للمهندس يونس اليعكوبي على مداخلته القيمة والتي كانت في نظرها ملهمة ومحفّزة للشباب المغربي وفاتحة الأمل والأفق الكبير أمام الأجيال الحاضرة، مؤكدة أيضاً على ضرورة الاهتمام بمثل هذه الطاقات المغربية المتميّزة، ومنحها المكانة اللائقة بها، وإعطائها الفرصة للإسهام في الحياة الثقافية والاجتماعية، كما قدم الدكتور خالد التوزاني هدية عبارة عن جديد إصدارته في التصوف والنقد، معبّراً عن مشاعر المحبة والتقدير التي يكنّها للمهندس السيد اليونس اليعكوبي وأمثاله من الشباب المغربي الناجح والمتميّز.

   وعرف الملتقى الوطني الأول: نجاحات من بلادي، تكريم الإعلامي والصحافي يونس الشيخ صاحب البرنامج الشهير: “بلا زواق” الحواري الأسبوعي في إذاعة أصوات المغربية، والمستشار الإعلامي والمدرب في التنمية، كانت مداخلته أيضاً حافلة بالكثير من المفاجآت من حيث التركيز على حجم الصعوبات التي واجهها في مساره، وكيف استطاع تحقيق أهدافه بالكثير من العمل والصبر والتضحية والعطاء البذل بسخاء، مع الاستمرارية والإتقان، لأن الأهم والأصعب هو الحفاظ على النجاح، بمتابعة التكوين والتفاني في العمل وتقديم الجديد والمفيد، وهذه علامات الناجحين عموما، الذين يستطيعون إنجاز ما لم يتمكن غيرهم من إنجازه. وقد قدّم الدكتور خالد التوزاني رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي (مساق) درع التكريم وشهادة الوفاء للإعلامي يونس الشيخ، مع هدية عبارة عن آخر إصداراته في التصوف والأدب.

   ومن الشخصيات المكرّمة في الملتقى الوطني الأول: نجاحات من بلادي، حضر الدكتور عماد محمد، مدير عام المركز الأمريكي الكندي للتنمية البشرية  ACCHDوهو الشخصية الأكثر تأثيراً في مجال تدريب المدربين بالمملكة المغربية، حيث يقدّم دورات تكوينية في هذا المجال، وأسهمت جهوده في تأهيل عدد من المدربين والمكونين المغاربة الذين استفادوا من خبرته ومن تكوينه العلمي في هذا المجال، وقد أبدع في مداخلته التفاعلية التي ألقاها بمناسبة تكريمه، حيث استطاع تحفيز الحضور على ضرورة النجاح والتميّز وضرورة الإنجاز المبهر، مؤكّداً أنَّ ” الأمم لا تتقدّم إلا بقيم العمل؛ الإتقان، الجودة، الإنتاجية.. وليس بالشعارات”، ومضيفاً أنَّ “العمل قضية رئيسية حتى نلتحق بركب الحضارة من جديد، وعلينا تثمين أيّ مجهود، ولو كان صغيراً، علينا أن نمتلك مِجهراً لنرى الأشياء الصغيرة الجميلة، لكي نثمّنها ونُعزِّزَها، وترتقي في ذهن مَنْ يصنعها..”. وقد قدّم الكوتش والمدرب صلاح الدين أشرقي المدير العام لمركز كليفر لايف للكوتشينغ درع التكريم وشهادة الوفاء للدكتور عماد محمد، معبّرا عن عميق المحبة والتقدير التي يكنّها له، وشاكراً له جهوده في مجالات التدريب والتطوير والتحفيز والمرافقة، كما قدّم الدكتور خالد التوزاني بعض مؤلفاته هدية للمحتفى به، معرباً عن سعادته بتتويج أحد أعلام التدريب والتكوين في المغرب. اختتم الملتقى الوطني الأول: نجاحات من بلادي، بعرض موسيقي قدّمته فرقة وتر، أبدعت في العزف على آلة العود، كما تضمنت فقراته قراءات شعرية ألقاها الشاعر المغربي الدكتور عبد الكريم الوزاني، الكاتب العام لمؤسسة مولاي عبد الله الشريف الوزاني للدراسات والأبحاث العلمية، وعلى إيقاع الوفاء والاحتفاء بنجاحات مغربية أصيلة، ضرب المنظمون للملتقى موعداً آخر للدورة القادمة، وقد كان في تسيير فعاليات الملتقى وفقراته الكوتش والمدرب عبد الرحيم عازم، المنسق العام للملتقى الوطني الأول: نجاحات من بلادي، إلى جانب لجنة التحضير التي تضمنت أعضاء المركز المغربي للاستثمار الثقافي ومركز كليفر لايف كوتشينغ، السيد صلاح الدين أشرقي، والدكتور خالد التوزاني، والدكتور أنس شافعي، والمهندس يونس اليعكوبي، والسيد الحسن جمالي، والسيد عبد الرحيم عازم، والدكتور أنس الداودي والدكتور إدريس لوديي، إضافة إلى فريق مركز كليفر لايف كوتشنيغ. وقد تابع أشغال الملتقى عدد من القنوات الوطنية وخاصة إذاعة فاس الجهوية، وموقع فاس نيوز، وجريدة شباب العرب، وغير ذلك من ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، وقد اختتم هذا الحدث الثقافي والوطني بمناسبة عيد العرش المجيد بالبيان الختامي والبرقية المرفوعة إلى السّدة العالية بالله  والدعاء لأمير المؤمنين بالعز والتمكين والنصر والتأييد.


[1] رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي (مساق) بمدينة فاس.