النيابة العامة بفاس وإستراتيجية المقاربة التشاركية مع النسيج الجمعوي لمحاربة العنف ضد النساء والأطفال

إنعقدت بقاعة المكتبة  بمحكمة الأسرة بفاس، أشغال الدورة العادية للجنة المحلية لمناهضة ظاهرة العنف ضد النساء والأطفال ترأسها السيد وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية بفاس الأستاذ محمد زواكي بمعية نائبته الأولى رئيسة خلية النساء والأطفال في وضعية صعبة الأستاذة المكاوي، وذلك من أجل تقييم الحصيلة وتسليط الضوء على المعيقات وفسح المجال للشركاء الفعليين ( الجمعيات النسائية والمنظمات الحقوقية والمنابر الإعلامية ومراكز الإستماع والتوجيه والإرشاد القانوني ومركز الإيواء ) في مقاربة التحسيس والمعالجة والقضاء على ظاهرة العنف ضد النساء والأطفال على إعتبارهما عماد الأمة والرهان الحقيقي لتقدمها وإستقرارها ومن شأن الإهتمام بأوضاعهما الإجتماعية ورعايتها الحد من الجريمة التي تسيء إلى البلد وطنيا وقاريا، وذلك من أجل ترسيخ التنسيق والتعاون وتقريب الرؤى وإبداء الملاحظات وتقديم الإقتراحات والمشاركة في المعالجة وإيجاد الحلول.

الكلمة التوجيهية للسيد وكيل الملك الأستاذ محمد زواكي كانت في مجملها إشارات وتعليمات لضباط الشرطة القضائية المكلفين بالنساء والأطفال ضحايا العنف، بضرورة إتخاذ الإجراءات الإستباقية  في أفق حمايتهن ومساعدتهن على الولوج بتلقائية إلى مراكزالشرطة القضائية من أجل وضع شكاياتهن وتتبعها بما يستوجب ذلك من اليقظة المستمرة والتحرك الفعال والتدخلات الناجعة للحد من هذه الآفة التي أصبحت تنخر المجتمع في قيمه ومتانته .

أما فيما يخص العرض القيم الذي تقدمت به السيدة النائبة الأولى للسيد وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدئية بفاس رئيسة خلية النساء والأطفال في وضعية صعبة الأستاذة إبتسام المكاوي، همت بالخصوص تقديم حصيلة عمل هاته الخلية منذ نشأتها سنة 2010 حيث بلغ عدد الشكايات المسجلة بها 5496 شكاية تمحورت حول العنف الجسدي الذي يأتي في المقدمة، يليه مباشرة العنف النفسي والمعنوي كما أن الطرد من بيت الزوجية والحرمان من الأبناء والذي قد يصل إلى حد حرمانهم من التمدرس مما يشكل عائقا كبيرا وسببا رئيسيا في التفكك الأسري والهدر المدرسي على إعتبار أن الضحايا الرئيسيين هم النساء والأطفال والمجتمع بصفة عامة.

تدخلات الفرقاء الجمعويين والحقوقيين أعضاء اللجنة المحلية تمحورت حول ضرورة ترسيخ مبادئ التعاون الوطيد والتنسيق المحكم مع مختلف أجهزة ضباط الشرطة القضائية ( مصالح الأمن والدرك الملكي ) من أجل الحد من هذه المعضلة الخطيرة التي أصبحت تتكاثر أمام التساهل والتهاون في التتبع وتنفيذ المساطير  مع مطالبتهم بتشديد العقوبات وتحويلها من العقوبات الزجرية إلى العقوبات الردعية في الحالات التي تجتمع فيها جرائم الإختطاف المرفوق بالإحتجاز والإغتصاب والسرقة وحالات العود، كما شددوا عبر تدخلاتهم على ضرورة فتح ملراكز الإيواء في وجه المعنفات بشكل إستعجالي وفي كل الساعات خصوصا في الساعات المتأخرة من الليل، وأثاروا بالمناسبة إشكالية المركز الوحيد الموجود بالبطحاء والذي بالمناسبة لم تحضر من تمثله في هذا الدورة .

حضر أشغال هذه الدورة العادية للجنة المحلية لمناهضة ظاهرة العنف ضد النساء والأطفال رؤساء المناطق الأمنية الأربع  لولاية أمن فاس السادة فؤاد غلوضي رئيس منطقة فاس الجديد دار دبيبغ والسيد توفيق الوليدي رئيس منطقة بنسودة، والسيد الحاج وهبي  رئيس المنطقة الأمنية الثالثة ، والسيد أحمد أفراش بالنيابة عن رئيس منطقة فاس المدينة، بالإضافة إلى السادة رؤساء المراكز القضائية الترابية التابعة للمحكمة الإبتدائية بفاس مرفوقين بالمساعدة الإجتماعية غيثة التازي التابعة للقيادة الجهوية للدرك الملكي،كما أن مصلحة الشرطة القضائية بولاية أمن فاس كانت ممثلة من طرف الضابطة نعيمة، في حين القطاعات الحكومية التي شاركت في هذه اللجنة همت كل من التعاون الوطني والصحة العمومية والتربية والتعليم وجميعها قدمت تبسيطات في المساطير من أجل المساهمة في حل إكراهات هاته المعضلة حيث إستجابوا بشكل تلقائي لجميع مقترحات السيدة رئيسة خلية النساء والأطفال في وضعية صعبة خصوصا فيما يخص إنتقال الأطفال في وضعية صعبة لمتابعة دراستهم من مؤسسة تعليمية إلى أخرى من دون الحصول على موافقة الوالد السبب الرئيسي في التعنيف.

jamila_houkouk_nass_fesnews

كما أن العديد من الجمعيات النسائية والحقوقية كانت حاضرة وبقوة وذلك من خلال التدخلات التي أغنت النقاش على سبيل المثال لا الحصر ( السيدة خديجة الحجوبي رئيسة جمعية قافلة النور،  والسيدة جميلة بلعزيز رئيسة جمعية الأيادي البيضاء، والسيدة حليمة الزومي رئيسة جمعية فضاء التنمية المستدامة، والسيدة بنيس نادية رئيسة جمعية دار الأطفال الوفاء، والسيدة أمينةعامري رئيسة جمعية البسمة، والسيدة خديجة زكي رئيسة جمعية المنتدى النسائي، أما المنظمات الحقوقية فكانت ممثلة من طرف الأستاذ جمال الشاهدي رئيس مركز حقوق الناس الذي يقدم خدمات جليلة للنساء ضحايا العنف من قبيل الإيواء وتبني ملفاتهن والدفاع عليها، وكذلك الأستاذة حكيمة الحضري رئيسةمركز الدراسات والأبحاث في قضايا الأسرة  والمرأة بفاس، في حين  الصحافة كانت ممثلة في شخص الصحافية حنان النبلي،  وطاقم فاس نيوز الذي قام بهذه التغطية الصحفية في شخص محمدعلوي مذغري.

جدير بالذكر إن إنفتاح النيابة العامة على فعاليات المجتمع المدني والحقوقي والإعلامي في إطار تفعيل المقاربة التشاركية التي ترسخ للمفهوم الجديد للسلطة القضائية، من شأنه إرجاع الثقة للمتقاضين في مؤسسة القضاء وتشجيعهم على الإلتجاء إليه من أجل الإنصاف والتبليغ على الإعتداءات وجميع أشكال التعنيف وذلك في أفق معاقبة الجنات والحد من الجرائم المرتكبة في حقهم وفي حق المجتمع .

محمد علوي مذغري