بارونات المخدرات يخرجون مخزون رمضان للاستهلاك بعد الإفطار بفاس

تنتعش تجارة المخدرات بأنواعها، بشكل لافت للانتباه خلال شهر رمضان المبارك الذي يشكل فرصة مواتية لمروجيها للكسب المضاعف على حساب جيوب وصحة مدمنين يتحولون أحيانا إلى أدوات مطيعة تسخر كالخواتم في الأصابع ومؤهلة لتنفيذ عمليات سرقة وإجرامية لتدبر تكاليف جرعات تخمد نار «نشوة» تتأجج نهارا في غياب إرادة حقيقية للإقلاع عن الإدمان.معجون، كيف، شيرا وأقراص هلوسة، تأسر إرادة مدمنين وتنعش جيوب أشخاص يتاجرون في كل شيء قابل للبيع حتى في إنسانية الإنسان، لتضخيم الرصيد والمدخرات، من دون أي وازع أخلاقي أو ديني حتى في شهر المغفرة والغفران الذي يرفعون فيه أسعار «البلية» للإقبال المتزايد عليها وكل السموم التي يعتقد مستهلكها خطأ، إعادتها التوازن إلى نفسيته.
وتبرر المصادر زيادة نشاط مروجي المخدرات في هذا الشهر الذين يستعينون بمساعدين لهم من الأطفال والشباب وحتى أبنائهم وبناتهم، بزيادة الطلب عليها من قبل المستهلكين الذين يفضل العديد منهم تعويض المشروبات الكحولية خلاله بمختلف أنواع المخدرات بما في ذلك مخدر الشيرا والكيف والأقراص المهلوسة التي تستهلك بشكل لافت ليلا ما بين المغرب والفجر.
وتتحول مواقع معينة ببعض أحياء فاس الهامشية منها والراقية وما بينهما، عصرا وإلى آذان المغرب، إلى وجهة حتمية لمدمنين فاقدي إرادة التحكم في «البلية»، باحثين عن المخدرات، لا يخجلون من الوقوف في صفوف متراصة للحصول على زادهم منها، «على عينك يا ابن عدي»، وبأسعار تتباين وترتفع بارتفاع حدة الحملات الأمنية التمشيطية القاطعة لحبل تجارة تلك السموم.
ومع ارتفاع وتيرة الحملات الأمنية قبيل وبعد حلول رمضان الكريم، يبدع تجار المخدرات والأقراص المهلوسة وما جاورهما من سموم تفتك بالجيوب قبل الأجسام، أشكالا وحيلا جديدة لترويجها كي لا يفوتوا على أنفسهم فرصة الربح، بما في ذلك إخفاءها بمواقع معينة بعيدا عن الأعين المتلصصة وأمكنة وجود المروجين خاصة المراقبين منهم، أو تسخير أطفال في ذلك.
وكلما تم تضييق الخناق على المروجين والطرق التي يسلكونها للتزود بالمادة من منبع إنتاجها بكتامة ونواحي تاونات، إلا وتضاعف سعرها في السوق المحلية الذي يخضع بدوره إلى التوازنات المطلوبة بين العرض والطلب، كما لو تعلق الأمر ببورصة لكنها لا تخضع إلى قوانين محددة، إلا مزاجية عارض البضاعة المتحكم في إرادة طالبها مهما كان جنسه.
يحكي عبد الحق الموظف بإدارة عمومية، عن مشهد مقزز ومثير للاستغراب لما عاين شابا في مقتبل العمر ماسكا «جوان» أو «سكود» كما أسماه زميله، غير بعيد عن مسجد بالحي، في انتظار آذان المغرب، كي «يحلل» صيامه به، بعدما حصل على سعره من والدته التي عادة ما «تشتري» سكوته بادخار مبالغ مالية متفاوتة يتدبر بها أمور «بليته» التي فشل في القطع معها.
وتشكل ساعة الإفطار فرصة لأمثال هذا الشاب لتجديد الصلة مع المخدرات التي تهدئ روع العقل التائه، قبل أي شيء آخر يملأ المعدة في شهر للصيام وتؤكد المصادر ارتفاع الإقبال فيه على المخدرات مقارنة مع الأيام العادية لارتباط ذلك بعوامل نفسية واجتماعية تزداد حدتها مع فراغ الأمعاء مما يشتهى، وإفراغ العقول من الوازع الديني وإرادة التغلب على المثبطات.
ويتفاوت استهلاك هذه السموم من حالة لأخرى حسب المدخول والمدخر من أموال تستثمر في شرائها بأسعار تضاعفت بنسب متفاوتة خاصة «القرقوبي» والشيرا اللتين تضاعف سعرهما مرتين أو أكثر، فيما تقف الدولة متفرجة أمام ارتفاع عدد المدمنين في غياب أي مركز لمحاربة الإدمان وإنقاذ مئات الشباب من مصير يغرقهم في دوامة إدمان يجهز على صحتهم.