بكاء على الأطلال .. مقالة رأي

بكاء على الأطلال

على المدخل الغربي للطريق الوطنية رقم 6 لمدينة فاس و أنت بتجزئة باب الأندلس تنتصب بناية خرسانية بحجم البرج المائل بها أقواس كقوس النصر ، لكنها لم تختفي كما اختفى برج إيفل من مدارة ازواغة لتظل البناية شاهدة على سوء التسيير المحلي و القطيعة السائدة منذ زمن بين المجالس ، عكس ما تقتضيه المصلحة العامة ألا و هو الاستمرار في المشاريع و البرامج المُسَطرة أو تعديلها بِما يتوافق مع الميزانيات و الأهداف التنموية لمدينة بحجم مدينة فاس ، و قد كان بالإمكان تحويل البرج و المكان المحيط به لمرفق من المرافق أو حتى لحديقة عامة وسط أكوام الإسمنت التي ضَيَّقَت الخناق على أنْفُسِ الأطفال و العائلات ، و قد أثار البرج الذي دُشن كخزانة كبرى إلى جانب مرافق ثقافية أخرى كان مقررا إنجازها بمكان تم تغييره و تقليصه ربما بحكم قيمة المِتر المربع الذي بلغ ذِروته قبل سنين سِجالا بين المُنتخبين الحاليين و المجلس الذي انتهت صلاحية تدبيره للشأن المحلي بالانتخابات الأخيرة .
لكن الحديث عن الخزانة التي يُتحَدَّثُ عن ميزانية كبيرة رُصِدت لإنجازها يُمكن تجاوزه إذا ناقشنا القضية من باب الأولويات التي كانت و لا زالت تحتاجها الأحياء المجاورة للبناية ، و التي دُشنت بعد تجزئة واد فاس حيثُ تتواجد بوسطها مدرسة ابتدائية عمومية كانت تسمى ( عبدالله الشفشاوني) و أخرى قديمة على جنباتها باسم مدرسة “السندس” ببنايتها المتواضعة التي تستقطب أطفال بعض التجمعات السكنية العشوائية و الدواوير المحيطة ب”جبل تغات” و هي الوحيدة الأقرب لسكان التجزئات المُحْدَثَة نذكُرُ منها تجزئة “هِبَة “و “رياض الليمون وتجزئات  ” المنتزه” بأربعة أشطر و  “هَوَّار” “باب الأندلس” و تجزئة “مولاي ادريس 1  ” إضافة إلى الأشطر الأولى من تجزئة “مولاي ادريس 2” للسكن الاقتصادي والتي يفوق عدد الشقق بها  3000شقة و لا زال (السكن الاجتماعي)  ينتشر بعدد سكانه الهائل حيث الخصوبة في أعلى مستوياتها و أعباء الأقساط الشهرية للسكن ، و متطلبات الحياة ، و الدخل المحدود يحكمون على الوالدين بالعمل سَوِيا ، و يَحُول دون مرافقة  أطفالهم للمدرسة في سن يستلزم ذلك لما قد يتعرضون له من مخاطر في طريق قد يصل زمن قطعها حوالي النصف ساعة بالنسبة لأبعدهم و كأنهم في مداشر بالقرى النائية ، و لا يُؤَهلهم لولوج المؤسسات الخصوصية القريبة المتواجدة بكثرة  ببناياتها الشاهقة المُزخرفة بأبهى الألوان و سياراتها الصفراء المُصْطَفة رهن إشارة من استطاع عليها إنفاقا ،

و ليست المدارس وحدها المطلب الوحيد للساكنة ، بل هناك المساجد التي يحاول البعض الاستحواذ على البقع المخصصة لها على “الماكيت” (maquette) و يراهنون على مرور مزيد من الوقت حتى يُمْحى الحِبْرُ الذي سُطِّرَتْ به  ، بالإضافة إلى افتقار المنطقة لدائرة أمنية في ظل انتشار الجريمة و ترويج المخدرات و أشياء يندى الجبين لذكرها  تُزاول على مرآى أعين الجميع .

فعَن أي خزانة و عن أي قُرّاءٍ و عن أي تنمية و حُسْنِ تدبير يتكلم السياسيون المحليون و يتقاذفون بينهم و يواصلون سياسة المعارضة العقيمة  و تولي الريادة دون وضع مصالح المواطنين الأساسية  ضمن اهتماماتهم ، و تصميمات التهيئة  لم يَرِدْ في حُسبان المسؤولين عنها تزويد الأحياء  بالمرافق التي قد تُميز المدن عن البوادي  ، فالأبراج الإسمنتية وَحدَها لمْ تَعُدْ مِيزة الحواضِر فقط .

بقلم : الغريب الغيور

عن موقع : فاس نيوز ميديا