خطيب الجمعة بمسجد عائشة أمّ المؤمنين : هكذا عليكم التأدب مع الله ورسوله ومع جميع المخلوقات

تمحورت خطبة الجمعة التي ألقاها الخطيب “محمد أوالهنى” بمسجد عائشة أمّ المؤمنين بعين الشگاگ حول الأدب، قائلا أن الأدب ضروري ومؤكد لأنه من صميم ديننا الاسلامي الحنيف.

وأضاف فما أحوجنا إلى أن نتأدب مع الله تعالى، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نتأدب مع الوالدين وكذلك مع جميع الناس، ولهذا وجب على الانسان المسلم أن يتحلى بالأدب مع الله عز وجل أولا وذلك باحترامه وتعظيمه وطاعة أمره ونهيه والوقوف عند حدوده والاقبال إليهم خوفا وطمعا، مصداقا لقوله تعالى : “أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا”.

وشدد الخطيب على الأدب مع الله تعالى يتجلى في معرفته ومعرفة صفاته ومعرفة فضله وامتنانه علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى وأهمها نعمة الاسلام وكفى بها نعمة، ولهذا فإننا نجد الأنبياء يحسنون الأدب مع الله عز وجل، فهذا خليل الرحمان ابراهيم عليه السلام يتأدب مع الله تعالى فهو ينسب المرض لنفسه ونسب الشفاء لرب العالمين، قال تعالى على لسان ابراهيم : “وإذا مرضت فهو يشفين”.

وكذلك فعل أيوب عليه السلام، في مناجاته لربه فلم ينسب الشر لله تعالى بل نسبه للشيطان قال تعالى : ” وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ”، وهذا سيد المرسلين محمد عليه الصلاة والسلام يضرب لنا مثلا لا مثيل له في الأدب مع الله تعالى حيث يقول في دعائه كلما قام إلى الصلاة في الليل : “لبينك وسعيدك والخير كله في يديك والشر ليس إليك” فما أروع هذا الأدب من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في حديث الاسراء والمعراج عندما له موسى عليه السلام ارجع إلى ربك واسأله التخفيف، فقال صلى الله عليه الصلاة والسلام : “سألت ربي حتى استحييت منه ولكن أرضى وأسلم” رواه البخاري في صحيحه.

وأبرز “أوالهنى” ان من تمام الأدب مع الله تعالى أيضا هو التأدب مع نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ “، قال قتادة رحمه الله تعالى : “كانوا يجهرون له بالكلام ويرفعون أصواتهم عليه فوعظهم الله تعالى ونهاهم عن ذلك، وقال الضحاك رحمه الله : “نهى الله الصحابة عن عدم مناداة الرسول صلى الله عليه وسلم كما ينادون بعضهم بعضا، وأمرهم الله تعالى بتشريفه وتعظيمه وينادونه باسم النبوة صلى الله عليه وسلم”، فاذا كان الأدب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم هو عدم رفع الأصوات فوق صوته لأن من رفع صوته فوق صوت الرسول صلى الله عليه وسلم فأنه عمله يحبط، فما بالك من يتقدم على سنته ويرفع آراءه عليه وقد قال الله تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”، فهذه الآية لم تنسخ وحكمها باق إلى يوم القيامة.

ودعا المتحدث المصلين في ختام الشطر الأول من خطبته إلى حسن الأدب مع الله تعالى ومع رسوله صلى الله عليه وسلم حيا وميتا، مستهلا الجزء الثاني من الخطبة بقوله إن الأدب لا يقتصر فقط مع الله تعالى وأمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يتعداه إلى جميع المخلوقات وذلك لأن الأدب عام وشامل في جميع المجالات فللوالدين أدب خاص بهما قال تعالى : “بالوالدين احسانا” وقال عز من قائل :” واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا”، ولهذا يجب التأدب مع الوالدين واحترامهما وعدم التكبر عليهما.

أما الأدب مع الناس فيتجلى في معاملتهم بالحسنى قال تعالى : “وقولوا للناس حسنى”، فالمسلم يتأدب في جميع مناحي حياته، يتأدب في أكله فهو لا يأكل إلا حلالا ولا يشرب إلا حلالا وأذا تقدم إلى المائدة فإنه يتذكر تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن سلامة رضي الله عنه حيث كان صغيرا وكانت يده تطيش في الغطر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يا غلام، سمِّ اللهَ، وكُل بيمينك، وكُلْ مما يليك”.

ونجد التاجر المسلم كذلك يحمل شهادة أدب يمارس بها تجارته بدون بخس لحقوق المسلمين أو غشهم أو التعامل معهم بالربا، ولا بيعهم ما يضرهم، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : تأدبوا ثم تعلموا”، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : “اعلموا أن حسن الهدي في آخر الزمن خير من بعض العمل”، وقال الأحنف بن قيس : “الأدب نور العقل”.

 واختتم “أوالهنى” خطبة الجمعة بالصلاة والسلام على خير الأنام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، وبالدعاء الصالح لسائر المسلمين في كل مكان، كما تضرع إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين ويحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم، وبأن يجعل كل مبادراته أعمال خير وبركة على البلاد والعباد، ويقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد عضده بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبأن يحفظه في كافة أسرته الملكية الشريفة.

عن موقع : فاس نيوز ميديا