فاس :الأمن الوطني عيون نائمة والرقم 19 خارج التغطية

فاس نيوز – سكينة الملاكي

 

رعب كبير،وذعر خطير،خلف كل شارع ودرب،وفي كل اتجاه وصوب،وامام اعين الجماهير العريضة تشهر في وجه العزل سيوف وميضة.المشهد لم يستوح من افلام الاكشن ولا من حلقات اخطر المجرمين،بل هو منظر يردد على مرأى العيون يوميا وبالعرض البطيء على أرض مدينة فاس العتيقة.

نعم مدينة فاس،التي كانت موطن السلف الصالح و قبلة العلماء و ووجهة الدعاة من كل حدب وصوب، حتى لقبت بالعاصمة العلمية،ولكن في ايامنا هذه، من الأفضل أن نناديها بفاس الاجرامية،ليس نسيانا لجميل مسقط راسنا وحبيبتنا، ولكن تمردا على واقع سئم الشعب منه ولم يعد ابدا راض عليه فقد وصل السيل الزبى.

هذا هو حال المدينة في عهد اصحاب اللحي،التي ما فتئت تصريحاتهم تسبب البلبلة والغثيان للمواطن البسيط،الذي لا يتعدى سقف طموحاته المحدودة المطالبة بلقمة عيش و ساعة أمن اشتاق لاريجها ولو وجدها لالتقط معها صورة او قال لها بالحضن يا حبيبتي من شدة اشتياقه لها.

لا يمكن أن تمر بشارع من شوارع فاس،أو أن تمر بزقاق من أزقتها الا وان تسمع صراخ فتاة خطف اللص هاتفها من يدها،أوأنين امراة انشل الحرامي عقدها من عنقها،او رجل ينهال بالسب والشتم على قطاع طرق أروه وميض سيوفهم حتى سلبوه كل ما يملك بكل الهدوء الممكن.

تعددت الطرق والسرقة واحدة،لا آسفة السرقة درجات ومراتب،ولا يمكن لكل من هب ودب أن يقول أنا “شفار حرايفي”،هناك المبتدئ الصغير الذي يسرق بيديه الناعمتين وبكل سلاسة “بزطام” امراة وهي منهمكة في اختيار البطاطس الاجود والارخص كي تصنع بها عصيرا في رمضان بدل “لي بنان”الذي يقارب ثمنه العشرون درهما،ولكنه لا يجد فيه سوى عشرون درهما على أبعد تقدير،فيهرول بها الى سيده لكونه حققا انجازا عظيما في يومه الاول،وبعد أسبوع أو أكثر يصبح اختصاصه هو انشال عقد اي فتاة او امراة مرت من امامه،مستغلا بذلك قامته القصيرة ووجه البريء الذي يمحي من البال كل الشكوك.

شهر من التمارين الاصبعية،وتصبح أنامله ذهبية فيحصل على ترقية ويصبح من أصحاب “شفارين الطوبيس”،مستخدما في ذلك ما تعلمه من خدع وحيل كأن يساعد رجلا شيخا في ايجاد مقعد،أو يساعد امراة في صعود الدرج،أو ان يتفل على ظهر ضحيته كي تدير وجهها ويترك هو الفرصة لزميله في العمل أن يسلبه ما بجيبه.

وبعد المرور من هذه المراحل،لم يعد أمامه الا الحصول على جواز السياقة والاستعانة بدراجة نارية من النوع السريع،كي يدخل الى باب الاحتراف ويختص في انتشال الخقائب عن بعد،وهذه طريقة اكتشفت في المغرب فقط وحازت على “جائزة نوبل للتشفار”،وبعد أن أثبت عن امكانياته لسيده “مول السيكتور”،يغدو من حقه أن يتنازل عن سلاحه الصغير “بونقشة” ويسبدله بواحد أكبر “الطويلة” شريطة أن تكون حافتي السكين مرتا على نصف كيلو أو أكثر من الثوم،كي يكون اختراعه ساري المفعول وتاركا ندبة على الوجه يطول أمدها ويستحيل محوها ولو بالتجميل،وبعد أن أخد الزاد والعدة يستهدف الموظفين المساكين أمام أبواب الابناك،كي يأخذ راتبهم بالكامل وهو في قمة السعادة،لانه حقق انجازا عظيما مقارنة مع العشرين درهما التي لم يأخذ منها الى النصف في صغره.

ولكن بعد كل هذه المراحل التي قطعها سارقنا المحترف،يغدو معروفا للجميع وشكله يوحي لك بالرعب والذعر ويصبح ممن ينادونهم العامة”أراك من بعيد”كأنه قد كتب على جبينه “شفار”.وذلك جراء الندبات والوشم الذي يزوق ذراعيه بعد أن قضى أشهر معدودة بيد شناعة جرائمة في “عين قادوس”،حتى أصبح السجن كبيته الثاني.وهذا هو ما يجعل “مول السيكتور أو الشاف أو المعلم” يرقيه ولكن يرسل من يسانده في عملياته التي ستصبح أكثر خطورة.

وهذه المرة ستكون مساندته فتاة،نعم فتاة كل ما يشترط فيها هو الجمال والاثارة كي تستهوي من اخضرت عيونهم،وتقودهم الى مكان خالي تستعمل فيه رشاشها للاغماء،ويأتي الصنديد الشجاع كي يتم العملية ويرمي بصاحبنا الى أبعد مكان ممكن، بعد أن تفنن قي رسم خريطة المغرب على وجهه،وقاد السيارة الى سيده وأرجع اليه الامانة.

مرورا بسرقة “البزطام” و خطف العقود وانشال جيوب ركاب الحافلات وخطف حقائب النساء واختلاس رواتب الموظفين والهروب بالسيارات،دون اهمال مرحلة”حط اللي عندك ولا نحيك”،أصبح لصنا المبتدئ محترفا كبيرا،ومعدته أكبر كي يصل الى قمة الهرم اللصي ويختص في سرقة المنازل والفيلات وفك شفرات الخزانات وأخذ الرهائن والاطفال للاستبزاز،وبعد نجاح العملية تلو الاخرى نظرا للتسهيلات والظروف الملائمة التي ما لبثت تساعده على تحقيق انجازاته العظيمة،لم يعد بوسعه الآن الا أن يتخلص من سيده كي يصبح هو مول السيكتور.

ولعل من أبرز هذه العوامل والظروف المساعدة التي لم تقدم لاصحاب امشاريع والاستثمارات نذكر،التصريحات الحكومية التي تدعي أن” الدنيا هانية والسما صافية”،خوف المواطنين اللامعقول تطبيقا لقولة “راسي يا راسي”،والطامة الكبرى والمسؤول الاول والاخير،الا وهو الامن الوطني أو كما يدعونه أصحاب فاس“لالا مينة”،الذي لا يتحرك ولا يجيب على نداءات المواطنين الا بجملة “ان امنكم الوطني مشغل اوخارج التغطية،يمكنم اراقة الدماء واعادة الاتصال لاحقا”،أو “ان رصيدكم غير كاف لاجراء هذه الشكاية،المرجوا منكم حك جيوبكم لطلب المساعدة”.

وأخيرا،تجدر الاشارة الى أن هذه القصة هي شرذمات أفكار مستوحاة من وحي الخيال وأن أي تطابق أو تشابه في الشخصيات فهو من قبيل الصدفة،وأن هذا البرنامج قد لا يلائم الجمهور الناشئ فرجة ممتعة…أقصد هذا هو حالنا في فاس: حكومة جديدة ولحي ممدودة وأعين الامن الوطني لا زالت نائمة.