فاس عاصمة الإشعاع الثقافي والوازع الديني والبعد الإنساني والواجب الوطني

أسبوع حافل بالأنشطة الثقافية والبرامج الإشعاعية التي تتوزع بين الواجب الوطني و الوازع الديني والبعد الإنساني .

أهم ما ميز الأحداث الثقافية التي عاشتها مدينة فاس الأسبوع الذي ودعناه (17 – 23 نونبر 2013 )،هو إحتضان المركب الثقافي الحرية مساء يوم الأحد 17 نونبر 2013 للندوة الوطنية الأولى تحت موضوع  : مغربية الصحراء لا جدال فيها ، من تنظيم جمعية فاطمة الفهرية للتنمية والتعاون، قام بتأطيرها الدكتور أحمد مفيد بمداخلة في موضوع : آفاق قضية الصحراء على ضوء مقترح الحكم الذاتي والجهوية الموسعة، في حين تمحورت مداخلة الدكتور صابر حماد حول موضوع : العلاقات الدولية والصحراء المغربية، كما تمحورت مداخلة الصحفي حسن أبو عقيل من واشطن حول موضوع : ماذا تريد الجزائر من المغرب؟ أدارت أشغال هذه الندوة الناجحة بكل المقاييس الأستاذة المناضلة والفاعلة الجمعوية وفاء البقالي التي أكدت في كلمتها أن هذا النشاط يدخل في إطار الواجب الوطني والدبلوماسية الموازية في أفق تفعيل التعبئة القوية واليقظة المستمرة والتحرك الفعال للتصدي لمناورات حكام الجزائر المعاكسة لوحدتنا الترابية والماسة بتوابث الأمة المغربية.

يوم الأربعاء 20 نونبر2013 إحتضنت القاعة الكبرى بقصر المؤتمرات بفاس ندوة دولية تمحورت حول موضوع : التعايش الديني وحوار الحضارات وسبل تفادي الصراعات، حضر أشغالها أكادميون عالميون ومغاربة يتقدمهم السيد أندري أزولاي مستشار جلالة الملك والسيد محمد الدردوري والي جهة فاس بولمان والسيد محمد اليماني رئيس مجلس عمالة فاس وبعض المنتخبين ورجال السلطة، بالإضافة إلى نخبة من الطائفة اليهودية بالمغرب والعالم، لتبقى مدينة فاس بإمتياز، مدينة التساكن والتعايش والتسامح الديني وحوار الحضارات والثقافات والأديان .

يوم الجمعة 22 نونبر 2013، أشرفت الأميرة الجليلة للا سلمى برفقة وزير الصحة السيد محمد الوردي  وبحضور السيد محمد الدردوري والي جهة فاس بولمان والسيد محمد اليماني رئيس مجلس عمالة فاس والدكتور علال العمراوي النائب الأول لعمدة فاس والمندوب الجهوي للصحة بجهة فاس بولمان بالإضافة لبعض المنتخبين ورجال السلطة، على حفل توقيع إتفاقية التعاون والشراكة من أجل الإرتقاء بالخدمات الصحية في مجال محاربة داء السرطان بجهة فاس بولمان، بين مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان، ووزارة الصحة، وولاية جهة فاس بولمان، ومجلس جهة فاس بولمان، ومجلس عمالة فاس، والمجلس الإقليمي لمولاي يعقوب، والمجلس الإقليمي لصفرو والمجلس الإقليمي لبولمان.

تهدف هذه الإتفاقية إلى توفير الدعم المالي الضروري لتنفيذ المخطط الإستراتيجي الخاص بالرفع من مستوى الخدمات الصحية المرتبطة بداء السرطان خلال الفترة الممتدة من سنة 1014 إلى ستة 2016، والذي تبلغ تكلفته الإجمالية 189.20 مليون درهم، والغاية من هذه الإتفاقية هي تأهيل المؤسسات الصحية الإستشفائية الإقليمية والجامعية ( المركز الإستشفائي الجامعي الحسن الثاني )، وتجهيز المراكز الصحية والمستشفيات الإقليمية بالتجهيزات الضرورية، وإحداث مصالح جديدة للتشخيص والإستشفاء، وإحداث وحدات متنقلة للكشف المبكر عن داء السرطان، وإحداث وحدات ( دار الحياة ) وهي مراكز مؤهلة للإيواء المؤقت للمرضى وأقربائهم، وتحسين هياكل التكفل وجودة العلاجات المقدمة مع التركيز على تطوير الإعلام والتحسيس من أجل الوقاية من داء السرطان.

كما أشرفت سموها كذلك على وضع حجر الأساس لبناء معهد البحث العلمي في داء السرطان، وذلك بالمركز الإستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، حيث قامت بعد ذلك بزيارة تفقدية لمقر دار الحياة الذي تم تشييده بهذا المركز الإستشفائي، وهو مركز مؤهل لإيواء مرضى داء السرطان وأقاربهم وتحسين هياكل التكفل وجودة الخدمات .

وفي نفس اليوم وعلى إمتداد يومين ( 22-23 نونبر 2013 )، إحتضنت كلية الطب والصيدلة بفاس أشغال منتدى فاس العاشر من تنظيم المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الإستراتيجية والدولية، حول تحالف الحضارات والتنوع الثقافي والشراكة الأورومتوسطية في موضوع : ( عن المستقبل العربي المنشود، نحو خطة عمل لإصلاح منظومة التربية والتعليم والبحث العلمي) .

شاركت في أشغال هذا المنتدى  أسماء وازنة في عالم الثقافة والسياسة والبحث العلمي والإقتصاد  والمال والأعمال وحقوق الإنسان،( مفكرون ورجالات الدولة ومؤرخون وأكادميون مغاربة وعالميون)، ساهموا في تأطير عشر جلسات بعناوينة بارزة همت بالأساس منظومة التربية والتعليم والبحث العلمي ومدى تأثيرها على تعايش الجالية المسلمة في العالم العربي .

الجلسات التأطيرية : 1 – تحديات منظومة التربية والتعليم والبحث العلمي في العالم العربي والإسلامي بين الواقع والمتغير،2 – النظام العربي وتحديات المستقبل، 3- في أي إتجاه تتبلور أولويات جغرافية العلوم في القرن الواحد والعشرين؟ 4- أية جامعة نريد للقرن الواحد والعشرين؟ 5- عولمة العلوم بين الواقع والمتغير، 6- العالم العربي وضرورة تطوير التعليم، 7- العلاقة بين نظام التعليم العربي ومشاكل البطالة، 8- البحث العلمي المتقدم وجودة التعليم كممهدين لقوة الإقتصاد وهيمنته، 9- الجالية المسلمة في العالم الغربي ورهانات التنمية، 10- كيف يمكن أن نجعل المهاجرين العرب والميلمين فاعلين تنمويين في بلدانهم الأصلية في إطار شراكة شمال /جنوب .

ولقد تمخضت عن هذا المنتدى العاشر، توصيات تدعو حكومات العالم العربي والإسلامي إلى ضرورة تطوير وإصلاح منظومة التربية والتعليم والبحث العلمي، لأن بهم تكون نهضة الأمم وتنمو المجتمعات وتزدهر، وبهم تتحقق التنمية المستدامة والنمو الإقتصادي، والغاية المتوخاة هي الإستثمار السليم لكل الموارد من أجل الإنسان والسعي لتأصيل حوار ينتظم به ومعه التنوع البشري بكل أشكاله ومصالحه، وتنتظم به المفاهيم المشتركة وتتوحد معه الغايات المشتركة، ويصان به المصير الإنساني المشترك وذلك بضرورة وضع الشباب في صلب أولوياته من أجل التحليل والفهم وصياغة الحلول الجدرية

إعتبارا لهذه الأنشطة التي عرفتها مدينة فاس خلال هذا الأسبوع، يحق لنا كإعلاميين يعتزون بإنتمائهم لهذه المدينة العريقة، أن نعترف بأنها بدأت تسترجع بريقها الإشعاعي ودورها الريادي كعاصمة علمية ووجهة ثقافية عالمية بإمتياز، وقلعة التشبث والتشبع بقيم المواطنة الكريمة والدفاع عن توابث الأمة والوحدة الترابية والتعايش الديني، وهي الصورة التي يجب على المسؤلين بولاية جهة فاس بولمان على رأسهم السيد محمد الدردوري والي الجهة وكذلك رؤساء وأعضاء المجالس المنتخبة بعمالة فاس وفعاليات المجتمع المدني،  صيانتها  والحفاظ عليها وتحسينها إعترافا بالتاريخ المجيد لرجالاتها الأبرار .

محمد علوي مذغري