أسوار مكناس تستغيث بياء نداء الإنقاذ

مسلسل دراما التنمية يصور بمكناس تحت عنوان (شدني و لا نطيح)، و وجد ضالته يوميا  في المخزون التراثي للأسوار الإسماعيلية، حيث تتهاوى أجزاء كبرى منها يوما بعد يوم في غفلة عن أعين المسؤولين الإقليميين و أهل الحل والعقد.

صباح يوم (14/07/2019) سقط جزء من السور الاسماعيلي  في (الجهة الشرقية/ بمقربة من الطريق الرابطة بين مدارة الزهوة وأكدال) و المحيط  بالحريسة الوطنية للخيول الكائنة مدخلها الرئيسي بحي الجبابرة /الزيتون ، ولولا البعد القليل ولطف الخالق لسقط السور على رؤوس لاعبي الكرة الحديدية.

 اليوم سنركز قولنا حول الذاكرة التاريخية للمدينة، حول أكبر مخزون تراثي يؤرخ بمداد الفخر حضارة مملكة، من تم نتساءل، هل يجوز لنا القول بأن ذاكرة المدينة محفوظة؟، هل الأسوار الإسماعيلية في وضعية صحية و تنافسية سياحية؟، هل مكناس تدير ظهرها حقا لتراثها التاريخي (الأسوار والقصبات)؟، هل هناك رؤية إستراتيجية واضحة تهتم بالترميم والرعاية؟، وهل الاهتمام بالمخزون الحضاري للمدينة يفتح البوابات الأثرية على مكونات السياحة العالمية ؟.

لنكن أكثر عدلا ونقرر بأن الدولة لها المسؤولية الأولى في حفظ ذاكرة تراثها التاريخي وهوية البلاد الممثلة بما يزيد عن 15% من الآثار الوطنية تتمركزة بمدينة مكناس ، لنكن أوفياء أمام تاريخ مدينة السلاطين  و نحدد أن المسؤولية الثانية تلحق بالمجلس الجماعي بمكناس ووزارة الثقافة وحتى الأوقاف و اللائحة ممكن أن تطول. نعم كل الأسوار الإسماعيلية و الأبراج تستغيث بأدوات الندبة التامة ” وا محمداه ” من الأضرار التي تتعرض لها من كل العوامل الطبيعية والبشرية.التهالك والتدرج نحو الاندثار أصبح السمة الكبرى التي تلحق المأثور التاريخي للمدينة، وحتى أن أعمال الصيانة التي تباشر هنا وهناك طيلة السنة فهي لم تستطع أن تحد من التشققات المتوالية، و لم تكن ناجعة وفق مقتضيات جودة ترميم الآثار.

هي أسوار وقصبات وأبراج آيلة للسقوط بمكناس ، والخوف التام أن تحصد أرواحا مثل ما حدث في فاجعة صومعة مسجد باب بردعيين. هي المعالم التاريخية الخالدة بمكناس التي تطلب من رئاسة المجلس الجماعي خلق لجنة استعجالية للمتابعة ومعاينة الوقوف عن سوء مآلها و الأخطار التي ممكن أن تشكله. لجنة تضم خبراء آثار وتقنيين من الجماعة تطوف على شمولية خارطة المآثر التاريخية بمكناس، تقف على كل المساوئ التي تلحقها بالتآكل، توثق كل ملاحظاتها بالترتيب وأولويات التدخل المستعجل، تكشف بالواضح حالة أسوار باب الرحى، ووضعية الأسوار المحيطة بحبس قرى ، والبرج الأيل للسقوط باب كبيش العويجة (قرب السويقة العشوائية)، ووضعية أسوار قصر المنصور، والبقية  تكمن في جل امتدادات الأسوار والقصبات الإسماعيلية فحدث و لا حرج.

دراما مسلسل (شدني و لا نطيح) يعلن في نهايته الحزينة أن مكناس تدير ظهرها لمعالمها التاريخية ولا تستفيد البتة من تنوع منتجوها الأثري و البيئي، يعلن أن المدينة القديمة بمكناس تجدد جلدها بالآجور الأحمر و تفقد مرجعيتها التاريخية ، يعلن عبر مشهد نهائي بأن مكناس تضيع علامتها الحصرية كوجهة سياحية جاذبة مثل ما ضيعت رأس قطب الجهة.

بقلم: محسن الأكرمين/ مكناس

عن: فاس نيوز ميديا