باحة تفكر رمضانية (ج4) :مكناس من احتلال رصيف الملك العام إلى احتلال أماكن الصلاة بالمساجد

حين نفتح ملف احتلال الملك العام كنا نلقي اللوم الأولي على السلطة المحلية، ثم نجر القول إلى رئيس الشرطة الإدارية في شخص رئيس مجلس جماعة مكناس للمساءلة عما قام به من منجزات لتحرير الملك العام، لكن اليوم آمنا وبامتياز أن مدينة مكناس تسير بدون رصيف للمارة، وأن تحرير الملك العام المشترك بات مستحيلا في ظل تلك العلاقات غير السوية داخل مكون المدينة التدبيري.
لكن أسوأ المظاهر غير الحضارية ولا الدينية حين امتدت آفة احتلال الملك العام إلى داخل المساجد المخصصة لعبادة الله، وكأن هنالك علاقة مصاهرة وثقها عدول المدينة في شهر الغفران تشبكت لتصيب حتى المساجد بوضع اليد على الملك المشاع.
نعم وضعية احتلال أماكن العبادة الجماعية هي ناتجة من سوء استعمال الرصيد القيمي الرزين، ولما حتى الكفاف عن تجديدها و تحديثها وفق القانون وسلم القيم الأخلاقية التعاملية.
نعم هو التسيب الفوضوي غير الرقيب من السلطة الدينية (وزارة الأوقاف و مند وبياتها)، ولا من تحولات جزاءات القيم الاجتماعية والتي أضحت تركب أنانية أفراد كثر من المجتمع، نعم هي النرجسية بحد تعيين مكان الجلوس في المساجد وتحفيظه بسجادة حمراء الجوانب أو عبر علامات من السطو ووضع اليد بنية مبيتة.
من سوء الطالع يحكي متعبد شاب والعهدة على ذمته الأخروية، يورد قولا: أنه توجه لأداء صلاة عشاء وقضاء تراويح بمسجد ما بالمدينة العتيقة، لكنه تفاجأ بالترامي واحتلال الصفوف الأولى إما بكراسي أو مرفوعات خشبية للمصاحف أو بمناديل… لم يكثر للأمر وجلس بمحاذاة كرسي مقلوب على عاقبيه، لحظة حضر صاحب الكرسي، وحين استوى جلوسا على كرسيه المقيد باسمه على ظاهره، خاطبه بأن ذلك الموضع المحاذي له هو لمولاي…سليل…، لم يلغ قولا ولا مشادة كلامية، ما دام أنه حضر للعبادة فقط، ولكنه تراجع وتكرر الأمر غير ما مرة، إلى أن وجد نفسه جالسا في الصفوف الأخير. يحكي لنا وهو يبتسم، وكأن المسجد له رجالاته النبهاء من ثلة صفوة اليمين المقدمين والمقربين، وما تبقي فهو مخصص لثلة الوجوه النكرة عن العبادة بذلك المسجد…
نعمم المسؤوليات ونقول، كلنا معنيون بتحرير الملك العام ولما حتى بتحرير أماكن العبادة من بداية السطو والتحكم. نعم المسؤولية ترفق بنا كمجتمع مدني أضحى كفيفا ومتواضعا عن إثارة وضعية احتلال الملك العام بمكناس والتي باتت المساجد تعاني منها كذلك. بات الأمر من السلوكيات غير المدنية حتى تشبع المواطنون بالقيم السلبية وممارسة السيبة واحتلال أبواب المساجد ب (كراريس الفواكه والخضر واللبن…)، فيما آخرون فقد رسموا داخل المسجد حدود أماكن تواجدهم .
أسوء المظاهر غير الحضارية حين أصبحت الصفوف الأولى بمساجد معينة محتلة عنوة، حين أصبحت (السيبة) تتحكم في مداخل المساجد، حين باتت مساجد تاريخية بعينها مغلقة لأجل الإصلاح الذي ممكن أن يمتد لسنوات طوال(مسجد الروى التاريخي/مسجد الأزهر سيدي عمرو…).
أولا، ليكن حد قولنا موجه بالتنبيه والتساوي إلى مندوبية الأوقاف باعتبارها القيمة عن الشأن الديني بالمدينة، وعلى مراقبة المساجد
والحد من تلك الممارسات غير السليمة، إلى القيمين على المساجد و التعامل بحزم ضد احتلال أماكن العبادة عنوة، والحد من تلك المظاهر التي بدأت تزحف بالتدريج نحو كل مساجد المدينة، إلى مريدي العبادة بالمساجد واحترام الآخر باعتبار الناس سواسية كأسنان المشط فلا فضل ولا تمايز بين الأفراد، إلى السلطات المحلية بمكناس وفض (السويقات) المقابلة للمساجد، إلى رئيس الشرطة الإدارية (رئيس مجلس جماعة مكناس) على تأمين استعمال الملك العام على الشياع وفك الحصار عن أرصفة المدينة و عن أبواب المساجد.
لا نريد بهرجة من هذا المقال و لا سوء نية في شهر الغفران، فالمطلب بسيط في تشغيل مقاربة كلية تحرر الساكنة والأرض من السطوة و أحكام الحماية الجديد على الملك العام، تحرر المساجد من تلك العادات الدخيلة.

بقلم: محسن الأكرمين/ مكناس

عن: فاس نيوز ميديا