مفارقة عجيبة بين منهج الجلسات العلمية والخطابة في يوم “المجتمع المدني وآفة المخدرات “

مر حدث ما اصطلح عليه تسمية بالمناظرة الوطنية حول، المجتمع المدني وآفة المخدرات ” أية مقاربة مجتمعية للتصدي الظاهرة المتنامية” بمكناس يوم السبت 22 يونيو 2019 بالقصر البلدي، وذلك بتعطيل زمن الافتتاح لما يقارب الساعتين حتى أن من حضر بالقاعة أولا قد أعياه الانتظار. هي الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني التي تحمل المشروع بالتمرير الموضعي، والتمويل، والإشراف، وذلك بشراكة مع مجلس جهة فاس مكناس، وجماعة مكناس.
لن نسميها حتى في السر مناظرة، ولا ملتقى، ولا ندوة، مادام صوت المجتمع المدني قد غيب كليا عن القاعة وأصبح مستهلكا لكلام المنصة المباح. كان بحق يوم الخطابة بامتياز بمكناس والتناوب على منصة تكبير الصوت و طاولة توقيع الاتفاقيات والشراكات (الكبيرة). من الأسف الشديد أن يصبح المجتمع المدني بمكناس مستهلكا لكلام المنصة وطيع الإنصات، من الأسف أن تحضر نخبة من المجتمع المدني بمكناس بغية تحريك أيدي التصفيقات عند ختم كل كلمة خطابة منصة مستفيضة.
حقيقة المجتمع المدني بمكناس له صوته الرزين بالإبداع و الابتكار و التجارب الميدانية والعملية، له اكراهاته التي كان على القاعة أن تسمعها بقلب رحب لأنه هو الأقرب القريب من القضايا الاجتماعية وظاهرة ” آفة المخدرات المتنامية”، له تجاربه الميدانية في مجال الاشتغال على تثبيت وعي سلوكي للحد من آفة المخدرات، والاشتغال على مشتل الفئات العمرية الصغرى، له اقتراحاته وابتكاراته التراكمية، ويحمل مشروعا مجتمعيا مواكبا للتطور السلبي لظاهرة ” استهلاك المخدرات”، له خططه الإستراتيجية التي تروم إلى محاصرة ظاهرة استعمال المخدرات بمكناس.
لما نخاف من آراء وصوت المجتمع المدني بمكناس؟، لما نقلص من قوة سماع البدائل المكانية بالدفع بالمجتمع المدني بمكناس نحو التشاركيىة في الرأي و توحيد الجهد؟، لما في الرسميات و خاصة بحضور السيد مصطفى الخلفي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني والناطق الرسمي باسم الحكومة نترفق من صيغة مكاشفة المشاكل واكراهات المجتمع المدني بمكناس؟، هل للعنوان دلالة مثيرة ” المجتمع المدني وآفة المخدرات”؟، هل تشكل المخدرات آفة أم أن استهلاكها هو الآفة؟، هل مقاربة التصدي لظاهرة المخدرات يحمل بصمة حلول المجتمع فقط أم أن الدولة لها مسؤولياتها الكبرى؟.
تحييد رأي المجتمع المدني من تسميع صوت التنوع بمكناس حول الظاهرة وغيرها، وركوب القاعة على الرسميات و تجويد خدمات القرب في حد توفير فاصل حفل شاي وشرب العصائر، ثم وجبة غداء ببهو القصر البلدي، كانا من بين الملاحظات في تنجيح ما يمكن الاصطلاح عليه (فصل الخطاب الرسمي في آفة المخدرات).
فحين يتحدث البرنامج عن جلسات علمية كنا نتمنى أن تكون على شكل ورشات تدفع بالفاعلين المدنيين بمكناس إلى التفكير في محاصرة ظاهرة المخدرات المتنامية، كنا نطمح في الخروج من مكناس بتوصيات متفق عليها بين جميع المتدخلين و قابلة للتطبيق على وجه أرض الواقع، كنا نطمح إلى تشبيك الأفكار والصوت والقوى التفاعلية للبحث عن حلول موضعية لتقليص تبعات ظاهرة “المخدرات المتنامية”، بدل انهاك سماع صوت المجتمع المدني في آخر الجلسات (العلمية) من خلال ممثل الجمعية المغربية لمحاربة التدخين و المخدرات بمكناس وجمعية أنا وأنت بفاس ، وتحت تسيير من ممثل الوزارة.
هي بياضات التطبيق، وهي الفراغات التدبيرية التي لازالت تلازم الديمقراطية التشاركية الدستورية بمكناس، هي النقلة النوعية التي لا زالت لم تحدث بمكناس بين توجيه الديمقراطية التمثيلية إلى خدمة لغة الديمقراطية التشاركية بالاحتضان، هو المجتمع المدني بمكناس الذي أعياه الانتظار لنيل حصصه من الدعم، هو المجتمع المدني بمكناس الذي لا بد له من المرور إلى سن الرشد والتفكير في المشاركة التفاعلية في إيجاد حلول لإشكالات التنمية المندمجة بمكناس.

بقلم : محسن الأكرمين/ مكناس

عن: فاس نيوز ميديا