نقطة نظام : أزمة السير والجولان بمكناس نتيجة حتمية لطول زمن الإصلاحات

هل تمطيط شهور إصلاح شوارع وأزقة مكناس ظاهرة صحية؟، هل هي تستهدف الوصول إلى متم سنة 2021؟، لما الساكنة بمكناس تعتبر أن دوام الحفر والردم بركة جارية؟. حين آثرت تناول الموضوع بالكتابة وتكوين فكرة أولية عما يتداول الشارع بمكناس، فتحت أقواسا متعددة لأسئلة قبلية ترمي الكشف عما تعايشه الساكنة و تكابده يوميا مع تلك الإصلاحات الممتدة في الزمن و المكان.

من حسن الرأي، التواصل مع عينة ضابطة واعتباطية في الاختيار والتنوع والعدد. ولسلامة المقصد فقد كنت أحاور من جانب تعدد الإصلاحات الجارية وطول مدة الانجاز دون إشارات تلميحية سالبة. اختلفت الآراء المستقاة إلى حد التباين. فكان البدء من حوار سليم مع الشاب زياد، حيث يرى أنه لا يجب الحديث عن تلك الإصلاحات وكأنها المعجزة التامة وعصا سيدنا موسى التي ستنقل مكناس من وضعيات البؤس والتخلف إلى تمام التنمية المحلية المتكاملة، بل يجب مقارنتها بالمصادمة التفضيلية مع مدن الشمال من تم يظهر تدنيها، فالإصلاحات الجارية بمكناس يقول زياد” ما هي إلا ترميم وسد حفر طال الأمد عليها، ما هي إلا تأثيث هيكلة ما وجد من الزمن الماضي بمكناس…”. هنا استشعرت سهام تهديف كلامه المضمر بالتلميح، من أن المدينة تنفض غبار الماضي عنها بأسلوب الترميم و الترصيف الجديد.

فيما رأي حليمة البرجاوية (الأنيقة) كما قدمت نفسها، فهي تعتقد أن الإصلاحات تستهدف الواجهات الرئيسية، وأن تلك الإصلاحات ما هي إلا نتاجا تراكما للتفكير النخبوي، حيث ضاعت شوارع وأزقة هوامش المدينة وسط ركام الحديث عن شوارع بعينها تلتصق كلها بحمرية… حين انتهت حليمة من كلامها وقفت مشدودا من فطنة طرحها الذي يطالب بالمعالجة الشمولية لكل أجزاء مكناس بالإصلاح والهيكلة.

أما شيخنا الطاعن في السن ذي اللحية البيضاء (عمي مبارك) كما لقب نفسه، فقد شدد القول على مباركة تلك الحركة الإصلاحية بمكناس وهي نعمة ربانية يجب علينا جميعا التصفيق لها… من جانب أن مكناس كانت فيما مضى من المدن المغضوب عليها !!! و أن التصالح  مع المواطن بمكناس بات ممكنا،  وقال” نقطة، نقطة تيحمل الوادي” ابتسمت لمثاله حين سألته استنكاريا عن مدى تعليقه عن جفاف مصب وادي بوفكران؟، نظر إلي مليا وعلامات ذكرى الماضي تقض مضجع تفكيره، رفع رأسه بمفهوم (بركة علي) وتحرك بالتثاقل نحو مول كريسة الهندية بشارع محمد الخامس (حمرية).

لم أكن أنوي مخاطبة أي سياسي بسؤالي عن تمطيط زمن تلك الإصلاحات، إلا أنني وجدت نفسي مجبرا على ذلك. حين تحدث السيد عماد عن تلك الإصلاحات، حيث فصل القول من جهة أن مبررات الموسم المطير ليس معيارا سليما لتبرير تمطيط زمن الإصلاح(سنة من المعاناة تقريبا بشارع بئر انزران)، تساءل لما المقاولة تشتغل وفق التوقيت الإداري المحض إلا لماما وكان ذلك قبل افتتاح الملتقى الدولي للفلاحة وبطلب من السلطة المحلية؟، تساءل لما الأشغال الكبرى تنجز في أوقات ذروة الحركة المرورية؟، تساءل لما لم يتم تغيير الاتجاهات غير ما مرة وترك المواطنون في مواجهات غير سليمة مع عمال الشركة؟، وقال، لما لم يتم إخبار المسافرين القادمين من مدن الشمال والجنوب عن عدم صلاحية المرور في شارع (بئر انزران) وبيان إمكانيات تحويل الاتجاهات؟. يقول السياسي بحكمته ” … إنه غياب التواصل بين مكتب الجماعة والساكنة، إنه عدم التنسيق مع مصالح أمن المرور لإيجاد مسالك بديلة بدل الاختناق المميت ونحن في فصل السفر و العيد، إنها عربات ومركبات المواطنين التي تلقى الإتلاف لأجزائها بينما المقاولة تشهر للجميع (شكرا على تفهمكم)…” .

هي نماذج من آراء نمذجة صغيرة من ساكنة مكناس وأخرى لم يتم اتساع المقال لها. هي الخلاصة السليمة أن مكناس لم تحقق السبق في مجال الهيكلة التحتية و بمعيار الإبداع والابتكار، هي أن مكناس لازالت تشتغل وفق قاعدة (قضي وعدي)، هي أن مكناس لا زالت لم تكشف عن مفاتنها التراثية و ثقافتها التاريخية، هي أن مكناس لازالت تدير ظهرها لتاريخ المدينة عنوة وبقصد، هي أن مكناس تفرح بالقليل وتستكين عن الترافع عن الكثير والحق في المعادلة التنموية بالمساواة بين مدن المملكة.

قد تطول الإصلاحات إلى غاية 2021 ، وستكون الحملة الانتخابية القادمة من هذا المنطلق (هي البداية مازال مازال…)، نفس المشاكل ستعاينه المدينة عند بدء الأشغال في محور شارع الجيش الملكي. فبدل انتظار زمن وقت بدل الضائع، لا بد من طرح إصلاح شارع الجيش الملكي للمناقصة، فبدل تسويق صور الإصلاحات ورأي الرئاسة في عملية البطء بالتسويغ، كان لزاما تتبع الإصلاحات من طرف لجنة مختصة، ليس اختصاصها مراقبة جودة الإصلاحات بل في تتبع معاناة الساكنة من نمط الإشتغال، وكذا في تعداد حجم الاختلالات لتجاوزها حين بدايات إصلاح شارع الجيش الملكي، في الكشف عن الحلول الممكنة لتسريع وثيرة الإصلاحات لاحقا وتلافي اختناق المركبات والعربات، في التواصل والاستماع إلى صوت الساكنة و تدوين ملاحظاتهم حتى و إن صغر حجمها، في رفع الحرج عن مكتب المجلس و كتابة لوحة بالأصفر (مكتب المجلس الجماعي بمكناس يتمنى لكم السلامة والتفهم و ضبط الأعصاب).

محسن الأكرمين

عن موقع : فاس نيوز ميديا