يحتشد ناشطون مغاربة مساء اليوم الجمعة امام البرلمان المغربي بالرباط للاحتجاج على عفو الملك محمد السادس عن مواطن اسباني محكوم بثلاثين سنة سجنا نافذا بعد إدانته باغتصاب اطفال مغاربة، بمدينة القنيطرة.
وحفلت صفحات التواصل الاجتماعي بدعوات مكثفة للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية على العفو الملكي في وقت التزمت فيه الصمت منظمات وجمعيات المجتمع المدني المشتغلة في ميدان حماية الطفولة، وهو ما رفع من حدة الاستنكار.
وقرر العاهل المغربي الملك محمد السادس العفو عن دانييل الياس وهو أستاذ جامعي متقاعد يبلغ حاليا عامه الـ63 ادين بتهمة الاعتداء الجنسي وهتك عرض 11 طفلا قاصرا (إناثا وذكورا) تتراوح أعمارهم ما بين 2 و 15 سنة وتصويرهم. وقضت المحكمة الابتدائية لمدينة القنيطرة يوم 2 ايار/ مايو 2011 بحبسه 30 عاما وادائه تعويضا بـ 50 ألف درهم للضحايا اكدته محكمة الاستئناف يوم 9 ايلول/ سبتمبر من السنة نفسها الا انه لم يقض منها سوى سنتين وثمانية شهور.
وكان المواطن الإسباني دانييل فينّا غالفان يستدرج الأطفال بواسطة كلب ”كانيش”إلى شقة يستأجرها في مدينة القنيطرة منذ سنة 2006 وإلى أرضه الزراعية، حيث كان يعتدي عليهم جنسيا ويقوم بتصويرهم بواسطة كاميرا وقد أثبتت الخبرة الطبية التي خضع لها الضحايا الأفعال المنسوبة للبيدُوفِيليّ الإسباني وفق منطوق حكم القضاء الجنائيّ المغربيّ، وحجزت الشرطة القضائيّة، أثناء توقيفها له، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2010، كاميرا رقمية وحاسوبا يتضمن صورا إباحية.
وجاء العفو عن دانييل غالفان في اطار عفو ملكي مغربي عن 48 مواطنا اسبانيا ادينوا بجرائم مختلفة بالمغرب وذلك اثر زيارة للملك الاسباني خوان كارلوس للمغرب الاسبوع الماضي.
وأعلن عبد الحق المريني الناطق الرسمي باسم القصر الملكي يوم الثلاثاء الماضي أن الملك محمد السادس ، ونزولا عند رغبة الملك خوان كارلوس الأول، أصدر أمره بإطلاق سراح مجموعة من السجناء الإسبان، وذلك بمناسبة ذكرى عيد العرش.
وذكر الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، أنه خلال الزيارة التي قام بها، مؤخرا، الملك خوان كارلوس الأول عاهل المملكة الاسبانية للمملكة المغربية، التمس من الملك محمد السادس، أن يصدر عفوه على 48 من السجناء الاسبان المحكوم عليهم من طرف المحاكم المغربية، ونزولا عند رغبة العاهل الاسباني أصدر الملك أمره بإطلاق سراح هذه المجموعة من السجناء الاسبان بمناسبة حلول يوم عيد العرش.
وقالت صحف مغربية ان من بين هؤلاء الاسبان سائق شاحنة اسبانيا، يدعى أنطونيو غارسيا فيردييل /67 سنة ، الذي كان يقضي بسجن بطنجة حكما بالسجن أربع سنوات بعد اعتقاله في شهر نيسان/ أبريل 2012 اثناء محاولة تهريب 9 أطنان من مخدر الشيرا.
وأعلن القصر الملكي الإسباني أن الملك خوان كارلوس أعرب في اتصال هاتفي مع الملك محمد السادس عن شكره له بمناسبة عفو ملك المغرب عن ثمانية وأربعين سجينا أسبانيا في المغرب. وأضاف بلاغ صدر في مدريد أن خوان كارلوس عبّر خلال الاتصال الهاتفي عن شكره ‘العميق’ لمحمد السادس على هذه الالتفاتة التي تشكل ‘دليلا متميزا على الصداقة التي تجمع بين البلدين’.
وتجاهلت وسائل الاعلام الاسبانية وجود دانييل غالفان ضمن المعفى عنهم، وفور كشف موقع لكم عن هذه الحقيقة اندلعت على مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب حملة قوية لادانة القرار واستنكاره واعتباره مسيئا للمغاربة ومشجعا على ارتكاب ابشع الجرائم بحق اطفالهم.
ووصفت اوساط اسبانية لـ’القدس العربي’ العفو الملكي عن دانييل بانه ‘أكبر الفضائح الأخلاقية التي تهز المجتمع المغربي’ وان كانت هذه الاوساط تشير الى ان خوان كارلوس توسط دون أن يدري في طلب العفو عن اسباني مدان بـ 30 سنة سجنا بسبب اغتصابه 11 طفلا مغربيا.
وبدأت أصابع الاتهام تشير الى دور ملك اسبانيا في هذا الملف، وبدأ الرأي العام الإسباني يهتم به بحكم أن قضية اغتصاب الأطفال في اسبانيا وأوروبا ذات حساسية خاصة ولا يتم التسامح معها، علما أن الإسباني الذي حاز على العفو الملكي قضى فقط 22 شهرا من عقوبة 30 سنة سجنا.
واتصلت ‘القدس العربي’ بالقسم الإعلامي للقصر الملكي في العاصمة مدريد لاستيضاح دور الملك خوان كارلوس في العفو عن الإسبان ومنهم غالفان المثير للجدل. وكان الجواب من القسم الإعلامي للقصر ‘لاسرسويلا’ أن ‘الملك خوان كارلوس طلب العفو لصالح مجموعة من الإسبان المعتقلين في المغرب، ولا يمكننا تقديم توضيحات أكثر لأن السفارة الإسبانية في الرباط هي التي تتولى تحديد اللائحة، فالقصر يتوصل بطلبات التوسط للعفو في ملفات اسبان معتقلين في الخارج، ووساطة الملك تقليد متبع منذ مدة طويلة وليس في حالة المغرب فقط’.
وتابع المصدر، كان هناك تدخل للملك خوان كارلوس لدى السلطات المغربية بصورة مباشرة في ملف اسباني معتقل في طنجة يعاني صحيا من أجل نقله الى اسبانيا لقضاء باقي عقوبته في سجن اسباني وليس العفو عنه. ويتعلق الأمر بغارسيا فيدرييل المحكوم بأربع سنوات في أبريل 2012 بتهمة المخدرات، وتدخل لصالحه 70 ألف اسباني وقعوا على عريضة تطالب بنقله الى اسبانيا. ويذكر أنه توجد اتفاقية بين المغرب واسبانيا تسمح للمعتقلين من البلدين الانتقال الى بلدهم لقضاء باقي العقوبة ولكن بعد قضاء ثلث العقوبة في البلد الذي تم الحكم فيه.