منذ أن فُتح الملف بجنايات فاس في شتنبر من سنة 2006، وفي سابقة بمحاكم المملكة، ما تزال قرارات التأجيل مستمرة في قضية الشابة، هناء التسولي البالغة من العمر 34 سنة، والتي تتهم رجلي أمن بفاس باغتصابها وتعذيبها بمخفر الشرط
حيث أعلنت أول أمس الثلاثاء الغرفة الجنائية الاستئنافية بفاس، تأجيل القضية إلى جلسة الـ29 من أكتوبر القادم.
وبدت هيئة الحكم خلال جلسة أول أمس الثلاثاء، مرتبكة، وهو ارتباك فسره المتتبعون بمحاولة المحكمة تفادي قرار التأجيل الذي أضحى العنوان الأبرز لهذه القضية التي حظيت بمتابعة إعلامية وحقوقية، حيث نادى القاضي محمد السبع عن اسم الطبيبة والمديرة السابقة لمستشفى ابن الخطيب بفاس، والتي سبق لها أن أنجزت خبرة طبية على الضحية بأمر من الوكيل العام للملك، لكن الطبيبة تخلفت عن الحضور، مما اضطر معه القاضي إلى مساءلة الوكيل العام بخصوص سبب عدم مثول الطبيبة أمام المحكمة والتي جرى استدعاؤها للمرة الثانية على التوالي، فكان جواب ممثل النيابة العامة بأن التمس تأجيل الملف لتمكينه من الاطلاع على كتاب له علاقة بالطبيبة، كان قد ورد على مكتب الوكيل العام يومين قبل التئام الجلسة، حيث لم يتسنّ له الاطلاع على مضمونه.
وتعوّل هيئة الحكم ودفاع الشابة، على شهادة الطبيبة لحسم اتهام رجلي الأمن المتابعين في حالة سراح من أجل « استعمال العنف بدون مبرر مشروع أثناء قيامهما بوظيفتهما بمخفر الشرطة بولاية أمن فاس» و «هتك عرض فتاة رهن الحراسة النظرية «، حيث ينتظر أن تستمع غرفة الجنايات الاستئنافية لتفسيرات الطبيبة وتوضيحاتها على الخبرة الطبية التي أجرتها على الشابة بداية شهر أكتوبر 2006، ومواجهة عميد الشرطة و ضابط الأمن المتهمين بتصريحات الطبيبة وتفاصيل تقريرها الطبي، والذي توجد نسخة منه بداخل ملف القضية المعروضة على القضاء.
ويكشف تقرير الخبرة الطبية الذي سيكون موضوع جلسة الـ29 من أكتوبر القادم، عن «وجود كدمات متعددة ومتسعة على مستوى الفخذ الأيمن تمتد إلى غاية الساق الأيمن»، وأخرى في الفخذ الأيسر و»اشتباه صداع ودوخة نتيجة رض بالجمجمة وشد للشعر»، إضافة إلى وجود «جروح في طور الاندمال بكل منطقة الشرج مع جرح شرجي واشتباه اغتصاب».
من جهته اعترض دفاع الشرطيين المتهمين، على قرار المحكمة القاضي بتأجيل الملف وعدم تجهيزه خلال هذه الجلسة لاستدعاء الطبيبة الخبيرة، مشددا على استحالة إثبات التعنيف والاغتصاب بعد مرور 19 يوما من فرضية وقوعه، فيما تشبث عميد الشرطة وضابط الأمن، بإنكارهما للمنسوب إليهما.
ويأتي عرض تفاصيل ملف هذه القضية من جديد أمام غرفة الجنايات الاستئنافية بفاس، عقب مرور أزيد من سنة على تبرئة غرفة الجنايات الابتدائية لرجلي الأمن المتهمين، ولجوء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي انتصبت طرفا مدنيا في مؤازرة الشابة، إلى استئناف الحكم وتوجيه طلب يقضي باستدعاء الطبيبة التي أنجزت الخبرة الطبية على الضحية، عقب إيداعها سجن عين قادوس، وإقدامها على تفجير قنبلة بمكتب الوكيل العام للملك بخصوص تعرضها للاغتصاب والتعنيف والتعذيب من قبل رجلي أمن أشرفا على حراستها النظرية بولاية أمن فاس.
وتعود فصول هذه القضية، والتي هزت مدينة فاس وما تزال تشغل الإدارة العامة للأمن الوطني، إلى نهاية شهر شتنبر من سنة 2006، حين اعتقلت الشرطة القضائية لولاية أمن فاس، الشابة هناء التسولي، الحاصلة على دبلوم في التسويق والمحاسبة، بناء على شكاية تقدم بها مشغلها بإحدى كبريات الشركات بفاس، اتهمها فيها بالمشاركة في السرقة واستعمال مفاتيح مزورة، وهي التهمة التي برأتها منها المحكمة ابتدائيا واستئنافيا بعد قضائها سنة كاملة من الاعتقال بالسجن المدني عين قادوس