بصراحته المعهودة، انتقد الملك محمد السادس في خطابه الذي افتتح به الدورة الخريفية للبرلمان اليوم الجمعة تدبير القطاع الجماعي بمدينة الدار البيضاء التي يرأسها العمدة محمد ساجد، ضاربا المثال في التدبير بمدينة فاس التي يرأسها حميد شباط ومدينتي مراكش والرباط، معتبرا أن هناك تفاوتا كبيرا في مستويات تدبير الشأن المحلي والجهوي، فإذا كانت كثير من الجماعات المحلية تتمتع بكثير من التسيير المعقول –يقول الملك – فان هناك مع الأسف بعض الجماعات تعاني اختلالات في التدبير من قبل هيئاتها المنتخبة. واستحضر الملك المشاكل التي تعيشها العاصمة الاقتصادية للمملكة حيث قال ” وهنا أستحضر المشاكل التي تعيشها بعض المدن كالدار البيضاء مثلا التي أعرفها جيدا وتربطني بها وبأهلها مشاعر عاطفية من المحبة والوفاء التي أكنها لجميع المغاربة، فقد خصصت لها أولى زياراتي سنة 1999 ، مباشرة بعد جلوسي على عرش أسلافي المنعمين، بل ومنها أطلقت المفهوم الجديد للسلطة “. وأضاف الملك “منذ ذلك الوقت وأنا أحرص على القيام بجولات تفقدية لمختلف أحيائها للوقوف على أوضاعها. كما أتابع مختلف البرامج والمشاريع الهادفة لتجاوز الاختلالات التي تعيشها . واعتبارا لمكانة الدار البيضاء كقاطرة للتنمية الاقتصادية، فإن هناك إرادة قوية لجعلها قطبا ماليا دوليا. إلا أن تحقيق هذا المشروع الكبير لا يتم بمجرد اتخاذ قرار، أو بإنشاء بنايات ضخمة وفق أرقى التصاميم المعمارية”.
وقال الملك محمد السادس إن تحويل الدار البيضاء إلى قطب مالي دولي يتطلب ،أولا وقبل كل شيء ، توفير البنيات التحتية والخدماتية بمواصفات عالمية، وترسيخ قواعد الحكامة الجيدة، وإيجاد إطار قانوني ملائم وتكوين موارد بشرية ذات مؤهلات عالية واعتماد التقنيات وطرق التدبير الحديثة”، غير أن الدار البيضاء حسب الملك “لا تجتمع فيها مع الأسف كل هذه المؤهلات رغم المجهودات الكبيرة على مستوى التجهيز والاستثمار، وخاصة ما يتعلق منها بالتأهيل الحضري.” قبل أن يتساءل ” لكن لماذا لا تعرف هذه المدينة ،التي هي من أغنى مدن المغرب ، التقدم الملموس الذي يتطلع إليه البيضاويون والبيضاويات على غرار العديد من المدن الأخرى؟ وهل يعقل أن تظل فضاء للتناقضات الكبرى إلى الحد الذي قد يجعلها من أضعف النماذج في مجال التدبير الترابي؟.” مؤكدا بأنها ” مدينة التفاوتات الاجتماعية الصارخة، حيث تتعايش الفئات الغنية مع الطبقات الفقيرة. وهي مدينة الأبراج العالية وأحياء الصفيح. وهي مركز المال والأعمال والبؤس والبطالة وغيرها، فضلا عن النفايات والأوساخ التي تلوث بياضها وتشوه سمعتها.”
وأعطى الملك محمد السادس المثال بمدينة فاس التي يرأسها حميد شباط والرباط ومراكش فيما يخص مجال التطهير من خصاص كبير مقارنة بمدينة الدار البيضاء، ذلك أن مجال التطهير بالبيضاء حسب الملك، تظل منجزاته محدودة “وأقل بكثير من حاجيات السكان، مقارنة بما تم تحقيقه بالرباط وفاس ومراكش ومدن أخرى. قبل أن يتوقف عند نسبة تصفية المياه المستعملة، “التي تبقى ضعيفة جدا، إذ لا تتجاوز 45 بالمائة بالدار البيضاء، في الوقت الذي تم الإعلان عن التطهير الكامل لمدينة الرباط، بنسبة بلغت 100 بالمائة ، سواء في الربط بقنوات الصرف الصحي، أو في مجال تصفية المياه المستعملة. كما تصل النسبة في هذا المجال إلى 100 بالمائة، بكل من فاس ومراكش.”