وحدات الماستر بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ، وسؤال الحكامة في البحث العلمي

     تتجدد  التحديات التي تشهدها العديد من وحدات الماستر بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بمجرد انطلاق الموسم الدراسي الجديد، حيث تعيق الإمكانيات أحيانا كثيرة تطور  هذه الوحدات نحو الأفضل،  لتحيلها إلى مجال فاقد للبوصلة، وعاجز عن مجاراة إيقاع التحولات والتطورات التي تعرفها البلاد في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها..
 ما زاد الطين بلة هذه السنة القرارات التي اتخذتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر،  والتي يراها كثير من المتتبعين أنها قرارات “ارتجالية” لا تخدم مصالح الجامعة والطلبة، وأنها تضر بمصداقية الأساتذة الجامعيين.
منع الموظفين وضرب المجانية :
الممارسة أبانت بالملموس، خلال ما يزيد عن سنة ونصف الارتجالية في القرارات المتخذة في تنظيم التعليم العالي، دون مراعاة للنصوص القانونية المنظمة التشريعية منها أو التنظيمية،  فالسائد هو منطق العاطفة والأهواء والتسرع في اتخاذ مجموعة من القرارات.
  إصدار مذكرة تمنع تسجيل الموظفين، يعني تجريدهم من مواطنتهم، في الوقت الذي يعترف فيه الدستور لجميع المواطنين والمواطنات بهذا الحق، ليتم بعد ذلك اكتشاف خطأ القرار والتراجع عنه، لكن هذا لم يمر دون ترك آثار الاستنكار والتذمر من قرار يأتي في ظل وزارة في عهد حكومة حملت شعار محاربة الفساد، وضمان تكافؤ الفرص بين المواطنين.
    أما القرار الثاني، ، فهو التمهيد لفرض رسوم على والجي التعليم العالي، مما يعني المساس بمبدأ المجانية، كعنصر من عناصر تدبير مرفق التعليم في المغرب، وهو ما أثار استغرابا كبيرا على اعتبار أن مسألة المجانية هي قضية وطنية، وليست قطاعية تتعلق بقطاع وزاري دون آخر.

   قرار إلغاء الاختبار الشفوي :
قرار آخر أربك التعليم العالي بالمغرب، وهو ذلك المتخذ من خلال دورية صدرت عن وزير التعليم العالي، لحسن الداودي، مع نهاية السنة الجامعية 2012/2013، ووجهت إلى رؤساء الجامعات بشأن ولوج مسالك الإجازة المهنية والماستر والماستر المتخصص.
  الدورية شددت على الامتحان الكتابي في الانتقاء، ولم تذكر الاختبار الشفوي ليغلب التفسير البيروقراطي، ويفرض الأمر الواقع بالإعلان عن إلغاء الاختبار الشفوي كمرحلة أساسية في الانتقاء، بدعوى أن هذا الإجراء سيساعد على تحقيق الشفافية، وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص بين مختلف المرشحين.
 هذا القرار يؤكد عدم استيعاب الواقع داخل الجامعة المغربية في مجال ضمان الشفافية والنزاهة وحماية تكافؤ الفرص بين الطلبة، على اعتبار أن الامتحان الكتابي لا يمكن الجزم بأنه لوحده قادر على ضمان الشفافية وتكافؤ الفرص، بالنظر إلى الوسائل غير المشروعة التي يستعملها المرشحون والمرشحات أنفسهم من أجل الغش في مختلف الامتحانات الكتابية. فالمجالس التأديبية في مختلف الجامعات المغربية سجلت، من خلال محاضر ضبط الغش، بأن وسائل الكترونية جد متطورة أصبح يلجأ إليها الطلبة للغش في الامتحانات، وهي تقنيات تتجاوز إمكانات المشرفين على الحراسة في ضبطها، مما يجعل المعنيين يسائلون السيد وزير التعليم العالي حول الضمانات التي ستجعل الاكتفاء بالاختبار الكتابي كفيلا بضمان الشفافية وتكافؤ الفرص بين مختلف المرشحين؟.
حذف الاختبار الشفوي يكرس اعتقادا فيه حكم مسبق، واتهام مباشر لمختلف أساتذة التعليم العالي المشرفين على مباريات الماستر في مختلف الجامعات المغربية بأنهم مفسدون ومتلاعبون،  إذ كيف لهذا القرار الذي يخلق الشعور بعدم الثقة، ويزرع بذور التفرقة بين الأساتذة والطلبة أن يساعد على تكريس العطاء والإنتاجية والتواصل البناء بين مختلف مكونات الجامعة؟.
يُذكر أن الجامعات الوطنية عرفت إحداث عدة شُعب ماستر مؤدى عنها، وهي شعب وإن كان لبعضها أهداف تواكب التنمية المحلية والوطنية، فإن شُعبا أخرى ذات أهداف «غامضة». علما أنه يتم إحداث تلك الشعب من طرف أساتذة جامعيين، وفق دفتر تحملات واضح ودقيق، حيث يكون لكل ماستر رئيس مشرف، يحدد التعويضات المفروضة على كل الطلبة الذين يلجونه، قد تصل إلى 50 ألف درهم سنويا، وهي مبالغ مالية تخصم منها الجامعة الحاضنة 30 في المائة، بينما يتكفل رئيس الماستر بصرف باقي التعويضات على أجور الأساتذة المكلفين بتدريس مواد الماستر، وكل ما يلزم الماستر من وثائق وتجهيزات. علما أيضا أن كل مدرس يتقاضى حوالي 500 درهم لكل ساعة، وهو ما جعل شعب الماستر الخاص تعرف إقبالا كبيرا من طرف الأساتذة الجامعيين، في أوقات فراغهم، بل إن بعضهم يعملون يومي السبت والأحد، إلى درجة أن بعضهم أصبحوا يشتغلون ساعات عمل أسبوعية تفوق بأضعاف الساعات القانونية المحددة لهم.. كما أن عدم التزام مجموعة كبيرة من الموظفين المسجلين في مسالك الماستر بحضور حصصهم الدراسية حد من تحصيلهم، كما حد من أهداف هذه المسالك، ولو أن بعض الموظفين يلجون التكوينات بدعم من شركات ومؤسسات يعملون فيها.
بجامعة سيدي محمد بن عبد الله ، أكد الكثير من الطلبة والمتدخلين على ضرورة اتخاد مبادرات أكثر جرأة، تخص التدقيق في ما يجري داخل بعض التكوينات من اختلالات، سواء أثناء عملية الترشيح لولوجها أو عند خضوع المترشحين لاختبارات انتقائية، وكذا طيلة فترة التكوين، معتبرين أن بعض التكوينات «مُحتكَرة» من طرف أصحاب المال والجاه وأن بعض رؤساء الماستر يماطلون في تسليم الدبلومات لأصحابها. ولم ينفِ الطلبة وجود مجموعة كبيرة من رؤساء الماستر والأساتذة الجامعيين الشرفاء الذين يتابعون عن كثب الطلبة ويصححون تعثراتهم وإخفاقاتهم ، إذ يمكن هنا الاشادة ببعض وحدات الماستر على صعيد كلية الحقوق بفاس و التي استطاعت في ظرف وجيز أن تجيب على سؤال الحكامة في التكوين الجامعي من قبيل وحدة العدالة الجنائية والعلوم الجنائية للأستاذ المنسق الدكتور بوزلافة محمد ، والذي استطاع رفقة الفريق العلمي المرافق له في ذات الوحدة أن يعطي نموذجا رائدا لوحدة بحث راعت شروط البحث العلمي الرصين ومتطلبات الاندماج الفعال في سوق الشغل بفعل علاقاته الواسعة وفعله الحقوقي المتميز على الصعيد الوطني والدولي وانتهاجه أساليب الحكامة الرشيدة في كل مراحل ولوج هذه الوحدة .