أيها السيدات والسادة، الحضور الكريم،
إنه لمن دواعي الغبطة والسرور بالنسبة لي الحضور لهذا الملتقى المهم الذي يتمحور حول إعطاء الإنطلاقة لمخطط العمل2013- 2015 المتعلق بتسريع وتيرة الخفض من معدل وفيات الأمهات والمواليد الجدد والأطفال دون السن الخامسة بالجهات ذات الأولوية، التي يبلغ عددها 9، و تتسم كلها بالنقص من حيث مؤشرات التغطية الخاصة بصحة الأم والطفل.
و تجدر الإشارة إلى أن هذا المخطط يكرس مبدءا من المبادئ التي نص عليها مخطط العمل 2012-2016 المتعلق بتسريع وتيرة الخفض من معدل وفيات الأمهات والمواليد الجدد. هذا المبدأ يتمثل في استهداف الوسط القروي و المناطق التي تعاني من نقص فيما يخص المؤشرات الخاصة بالتغطية و الولوج لخدمات صحة الأم و الطفل. الهدف من هذا الإستهداف هو تقليص الفوارق و الإكراهات التي تحد من الولوجية الى الخدمات الصحية وتحقيق المساواة بين جميع جهات المملكة و بين الوسطين القروي و الحضري، وكذا بين مختلف فئات و شرائح المجتمع على حد سواء.
ويطيب لي بهذه المناسبة أن أوجه كلمة شكر وتقدير للدكتور علاء علوان، بصفته مديرا جهويا للمكتب الإقليمي الشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، وكذا طاقم عمله على المجهودات الجبارة و الدعم المتواصل الذي قدموه من أجل إنجاح هذا الملتقى.
كما لا يفوتني أيضا أن أتقدم بجزيل الشكر إلى ممثلي صندوق الأمم المتحدة للسكان و منظمة اليونيسيف و كذا التعاون الإسباني على إسهامهم الجاد والفعلي من أجل إعداد هذا المخطط الطموح.
السيدات والسادة،
لقد حقق المغرب، منذ مطلع التسعينيات، تقدما ملحوظا و إنجازات كبيرة من أجل الرقي بصحة الأم و الطفل. و تكرس هذا التقدم بشكل ملموس خلال السنوات الخمس الأخيرة، بحيث بينت المؤشرات التي تم استخلاصها في سنة 2011 عن تحسن ملحوظ من حيث ولوج وجودة الخدمات الصحية المقدمة خلال فترة الحمل و الولادة و ما بعد الولادة. نذكر من بين هذه المؤشرات:
%67 من النساء في سن الإنجاب يستعملون وسيلة من وسائل منع الحمل، مقابل 42% سنة 1992.
77% من النساء استفدن من خدمات الفحص الطبي قبل الولادة مرة واحدة على الأقل، مقابل 32% سنة 1992.
تطور نسبة الولادات تحت المراقبة الطبية من 31% سنة 1992 إلى 74% سنة 2011.
هذا التحسن المضطرد في المؤشرات الثلاث جعل معدل وفيات الأمهات ينخفض من 332 وفاة لكل 100.000 ولادة حية سنة 1992 الى معدل 112 وفاة لكل 100.000 ولادة حية سنة 2010 أي بنسبة انخفاض بلغت 67% في ظرف عشرين سنة.
وفي نفس السياق عرف معدل وفيات الأطفال دون السن الخامسة تحسنا لافتا بحيث انخفض من معدل 84 وفاة لكل ألف ولادة حية سنة 1992 الى 30 وفاة لكل ألف ولادة حية سنة 2011، أي بنسبة انخفاض بلغت 64%.
السيدات والسادة،
على الرغم من هذا التقدم الحاصل في المؤشرات بصفة إجمالية على المستوى الوطني، إلا أن التحليل الجزئي على مستوى كل جهة على حدى وحسب المحددات السوسيو- اقتصادية وكذلك حسب وسط العيش يظهر بجلاء وجود مفارقات تهم أساسا الولوج الى الخدمات المتعلقة بصحة الأم خلال فترة الحمل و الولادة وأيضا الخاصة بصحة المواليد. و يجسد معدل وفيات الأمهات والأطفال دون السن الخامسة هذه المفارقة، بحيث يبلغ معدل وفيات الأمهات بالوسط القروي 148 وفاة لكل 100.000 ولادة حية أي ما يناهز ضعفي معدل الوسط الحضري الذي يقدر ب73 وفاة لكل 100.000 ولادة حية. و ترجع أسباب هذا الاختلال حسب نتائج الدراسة التحليلية لأسباب و ظروف وفاة الأمهات لسنة 2010 إلى عوامل تهم بالخصوص ولوج الخدمات و جودتها.
كذلك الشأن بالنسبة لمعدل وفيات الأطفال دون السن الخامسة، و الذي انخفض بنسبة تصل إلى ضعفين ونصف لدى الأطفال الذين ينتمون لعائلات غنية مقارنة مع ذوي العائلات الفقيرة.
كما تجدر الإشارة إلى أن معدل وفيات المواليد الجدد يبلغ حاليا 7,21 لكل 1000 ولادة حية و يمثل لوحده 71% من المعدل الإجمالي لوفيات الأطفال دون السن الخامسة. و ترجع الأسباب الرئيسية لهذا الإرتفاع للوفيات في صفوف المواليد إلى الولادة قبل الأوان و النقص في الوزن عند الولادة و الإختناق وكذا الإصابة بالتعفنات.
السيدات والسادة،
نظرا لعدة اعتبارات و تماشيا مع السياق الحالي الذي يستوجب من جميع الفاعلين الانخراط في استراتيجية ترقى بالجهات التي تعاني من العزلة و النقص في التغطية إلى مستوى التطلعات، جاء إعداد مخطط العمل 2013 – 2015 المتعلق بتسريع وتيرة الخفض من معدل وفيات الأمهات والمواليد الجدد والأطفال دون السن الخامسة بالجهات ذات الأولوية و الذي نحن بصدد اعطاء انطلاقته الفعلية اليوم. من بين الإعتبارات المهمة نذكر اقتراب نهاية العد العكسي لبلوغ أهداف التنمية في أفق 2015 وخصوصا الهدفين 4 و 5، و كذا التوصيات المنبثقة عن اللجنة الخاصة بالإعلام و المساءلة فيما يخص صحة الأم و الطفل و أيضا أخذا بعين الإعتبار الإعلان المنبثق عن الإجتماع الرفيع المستوى الذي نظم بدبي خلال شهر يناير 2013 تحت شعار: « إنقاذ حياة الأمهات والأطفال: “معا” لمواجهة التحدّي، و تسريع وتيرة التقدُّم نحو بلوغ الهدفين 4 و 5 من اهداف الألفية في إقليم الشرق المتوسط«.
و يأتي اختيار هذه الجهات التي تحظى بالأولوية في إطار هذا المخطط نابعا من نتائج البحث المتعلق بالساكنة و الصحة و الذي أجري على الصعيد الوطني في سنة 2011. هذا البحث أسفر عن تحديد تسع جهات تعاني من نقص في المؤشرات الخاصة بالتغطية في مجال خدمات صحة الأم و الطفل.
وتمثل نسبة الساكنة بهذه الجهات التسع 65% من مجموع ساكنة المملكة. كما تمثل نسبة النساء في سن الإنجاب بهذه الجهات المستهدفة 66% من المجموع الوطني لهذه الفئة العمرية من النساء.
السيدات والسادة،
يعتبر هذا المخطط خارطة طريق تم إعدادها انطلاقا من توجهات مخطط تسريع خفض وفيات الأمهات و المواليد 2012-2016 و كذا الإستراتيجيات و البرامج التي تعنى بصحة الأم و الاطفال دون السن الخامسة. و يحمل هذا المخطط في طياته إجراءات و تدابير يتوقع أن تؤثر بشكل إيجابي وفعال على الوضعية الراهنة و ترقى بها إلى الأحسن في أفق سنة 2015، لتكون بذلك أسهمت أيضا في بلوغ أهداف التنمية المنشودة على الصعيد الوطني.
و قد سطر هذا المخطط الأهداف التالية :
خفض معدل وفيات الأمهات إلى 60 وفاة لكل 100.000 ولادة حية، أي ما يعادل انخفاض بنسبة 82% بالمقارنة مع سنة 1990.
تقليص معدل وفيات الأطفال دون السن الخامسة إلى 23 وفاة لكل 1000 ولادة حية، أي ما يعادل انخفاض بنسبة 70% بالمقارنة مع سنة 1990.
تقليص معدل وفيات المواليد الجدد إلى 14 وفاة لكل 1000 ولادة حية، أي ما يعادل انخفاض بنسبة 35%.
و لتحقيق الأهداف السالفة الذكر، تمت برمجة إجراءات يستوجب إعطاؤها أولوية قصوى خلال مرحلة التفعيل، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
تحسين جودة التكفل بالمضاعفات الخطيرة و الناجمة عن الحمل،
تنظيم و دعم العرض الصحي الخاص بطب المواليد،
تحسين جودة التكفل بالمواليد،
تطوير سبل التكفل بصحة الطفل بشكل مندمج،
دعم البرنامج الوطني للتلقيح،
تتبع و تقييم التدابير المتعلقة بصحة الأم و الطفل على المستوى الجهوي من أجل نجاعة أكبر،
السيدات والسادة،
لضمان تتبع دقيق لهذا المخطط الذي نحن بصدد اعطاء انطلاقته الفعلية اليوم عمدت وزارة الصحة على إعداد و نشر دورية وزارية تهم إحداث لجنة خاصة مقرها بالإدارة المركزية تعكف على تتبع و تقييم التدابير المبرمجة في هذا الاطار و كذا لجان بالجهات التسع ذات الاولوية، اصطلح عليها اسمTASK» «FORCE .
لقد بلغ الغلاف المالي الذي رصد لتفعيل هذا المخطط المتعلق بتسريع وتيرة الخفض من معدل وفيات الأمهات والمواليد الجدد والأطفال دون السن الخامسة بالجهات ذات الأولوية ما يناهز 271 مليون دولار. و تمثل حصة تمويل وزارة الصحة للمخطط نسبة 97% ، كما تبلغ نسبة تمويل هيئات الأمم المتحدة 3%.
و تتمثل هذه المساهمة التي تضعها هذه الهيئات رهن إشارة وزارة الصحة في إعطاء الدعم التقني بواسطة خبراء في هذا المجال، و تطوير أساليب التدبير و الممارسة المهنية و تدعيم قدرات المهنيين العاملين في مجال صحة الأم و الطفل.
السيدات والسادة،
و قبل الختام، أود أن أوجه أسمى عبارات الشكر و التقدير لمنظمة الصحة العالمية التي حرصت على تنظيم هذا الملتقى في أحسن الأحوال. كما أتوجه بالشكر الجزيل لكل الشركاء الذين قدموا الدعم التقني و المالي لوزارة الصحة من أجل تحقيق التقدم اللازم لبلوغ أهداف الألفية للتنمية خصوصا الهدفين الرابع و الخامس و كذا تحسين الوضع الصحي الخاص بالأم و الطفل على حد سواء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.