إن التعاطي مع موضوع الصحافة الإليكترونية وأخلاقيات المهنة، أضحى ضروريا في هذه اللحظات التي يمر بها المشهد الإعلامي بالمغرب، نظرا لبعض الهفوات والأخطاء التي تصدر من حين لآ خر من طرف بعض الصحافيين الذين لم يستوعبوا بعد الرسالة النبيلة للصحافة في بعدها الإجتماعي والتربوي والتصحيحي، في علاقة مباشرة مع المجتمع والمدينة الفاضلة التي يسعى لتحقيقها والعيش في كنفها والإعتزاز بالإنتماء إليها، كل من لديه غيرة وطنية على مدينته ووطنه وبيئته وبيته .
فهناك العديد من الموضوعات الآنية التي يجب التطرق إليها والتعاطي معها بما يسلزم من روح المسؤولية والجدية والموضوعية والكفاءة المهنية، من قبيل إبراز دور الدبلوماسية الملكية وما حققته خلال زيارة جلالة الملك نصره الله الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكذا دور الدبلوماسية الموازية في التعبئة القوية والتحرك الفعال واليقظة المستمرة، دفاعا عن الوطن في وحدته الترابية ونظامه الملكي رمز الإستقرار والتنمية المجالية المستدامة وفتح الأوراش الكبرى في مجال حقوق الإنسان والجهوية الموسعة والحكم الذاتي، وكذلك التصدي لمزاعم ومناورات حكام الجزائر المعاكسة والمعادية لمغربية الصحراء والماسة بثوابث الأمة، بما في ذلك العقيدة الإسلامية التي تدعو إلى القيم النبيلة والمقومات الروحية والأخلاق الفاضلة، من قبيل التسامح والتساكن والتعايش الديني والحريات العامة وحقوق الفرد والجماعة في إطار الوسطية والإعتدال بعيدا عن التطرف والغلو والإرهاب .
إن الصحافة تعتبر بحق مرآة المجتمع المغربي والسلطة الرابعة به، لأنه بإمكان رجالها إعطاء صورة حسنة للوطن الذي ينتمون إليه، وذلك بالتركيزعلى مزاياه الحسنة وخصوصياته المتميزة التي ينعم بها من قبيل نظام حكمه والإستقرار الذي يوفره له وروابط البيعة التي تجمعه بالشعب وهي نعمة أنعم الله عز وجل بهاعلى الشعب المغربي ،محسودا عليها من طرف دول الجوار قبل غيرهم.
وبمقدورهم أيضا إعطاء صورة سيئة لهذا الوطن قد يستغلها الخصوم للترويج لها في المحافل الدولية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، التعاطي المهول مع ملفات الإختطاف والإغتصاب وزنى المحارم والمخدرات القوية وحرب العصابات والتصفيات الجسدية عن طريق إستعمال الأسلحة النارية والبيضاء والسيوف في الشارع العام، من دون الإشادة أوالإشارة إلى المجهودات التي تقوم بها المصالح الأمنية بمختلف أجهزتها في إطار التعاون المشترك في ما بينها، من أجل إيقاف الجناة وتقديمهم إلى العدالة في وقت وجيز في الكثير من الأحيان، علما بأن نشر مثل هذه الأخبار بمثل هاته الصورة المهولة والمبالغ فيها، يوحي وكأننا نعيش في بؤر التوثر والإنفلات الأمني ( وهذا ليس صحيح )، الشيء الذي قد يؤثر سلبا على جلب الإستثمارات الخارجية وتأهيل القطاع السياحي بصفة خاصة،
بالإضافة كذلك إلى إعتمادهم أسلوب النبش في ملفات الأحياء والأموات والترويج لأخبار مزيفة في حقهم من أجل الإبتزاز تارة، ومن أجل التشهير بهم والإنتقام منهم تارة أخرى، وذلك بإعتماد الأسلوب اللا أخلاقي ( أعطي لمو لراس)،( وهنا أستسمح زوار موقعنا الأعزاء على هذا المصطلح ) الذي لايمت لأخلاقيات مهنة الصحافة في شيء وبسببه يتعرض الكثيرمن الصحافيين الذين يشتغلون وفقه إلى المتابعات القضائية، وهذا ما نتأسف له غاية التأسف.
ومن خلال منبر فاس نيوز الإيليكتروني ندعو الزملاء الصحافيين إجتناب مثل هكذا أسلوب، واستحضار قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) فمن خلال هذه الآية الكريمة يتضح أن البينة في نشر أي خبر ضرورية وذلك أيضا مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (البينة لمن إدعى ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم : ليس الخبر كالمعاينة .
أرجو أن تصل هاته الرسالة الواضحة والمتواضعة لمن يهمهم الأمر الزملاء الصحافيين، ويتم إصلاح الأخطاء السالفة الذكربالتعامل مع مهنة الصحافة بطريقة الصحافيين الحكماء أصحاب العقول الكبيرة الذين يناقشون الأفكار والتوقعات والمستجدات ويبحثون عن الحلول الناجعة والممكنة بالتأطير والتوعية والتحدير، ولديهم رغبة كبيرة في إصلاح المجتمع وتحصينه من جميع السلوكات المشينة الدخيلة والإشاعات المغرضة التي تزرع الفتنة والتفرقة وتصيب بالإحباط والفشل وتؤدي إلى مجتمع الرذيلة، كما أنهم يبذلون مجهوداتهم بنكران للدات، وذلك كله من أجل إنشاء وتشييد المدينة الفاضلة، مدينة قيم المواطنة الحقة والعيش الكريم والأخلاق الفاضلة .
محمد علوي مذغري