بوفاة شاعر الثورة و الكلمة والتمرد، أحمد فؤاد نجم انطفأ قمر من أقمار الضعفاء و الفقراء الذي ظل يغرد ويحرس هموم المهمشين ويترجمها ألحانا تنفد إلى القلوب الملتزمة بقضايا الزمن العربي المتعب بالاستبداد و الظلم.. رحل أمير الزجل العربي فؤاد نجم إلى دار البقاء عن سن تجاوز التمانين عاما و في قلبه الذي ظل ينبض بشباب الحياة شيء من هده الهموم وهو الذي طالما ذاق مرارة الاعتقال من أجل الكلمة ..
رحل صاحب جيفارة مات. وكل عين تعشق حليوة وكل ثورة وحنا ديما فرحانين رحل ناظم بقرة حاحة النطاحة و إحنا مين وهما مين؟ والفول واللحمة و يعيش أهلي بلدي…. تلك القصائد التي لحنها رفيقه في دربه المضيء بآلاف الشموع للفقراء و المضطهدين الشيخ إمام إلى أغاني طالما ألهمت الثوار و المتمردون على الظلم و كانت رفيقة للمناضلين و المسجونين السياسيين وهم يمضون اعتقالهم بعيدا عن الأهل و الأحباب داخل زنازين السجون الباردة لتقطف لهم كلمات فؤاد نجم وهم في غربتهم زهرة برية من صحراء الحرية القاحلة في الوطن العربي.. تلك الأغاني التي طالما استمعنا إليها أيضا و نحن نمر بحياتنا الجامعية من ظهر المهراز بجماعة محمد بن عبد الله بأحلامنا الثورية وأشجاننا الطلابية اليتيمة..رحل فؤاد مخلفا وراء ظهره سيرته المثالية كشاعر ظل وفيا للفقراء، لم يسلم الظلم و الظالمين من طلقات رشاش كلماته ،رحل فؤاد إلى دار البقاء وبقيت الكلمة الحرة مسموعة إلى جيل آخر و ربما أجيال لاحقة، وبقي فؤاد نجم أيقونة للحبر المتمرد .. تلك الكلمات التي ظلت وستظل تحلق في سماء الحروف الجريئة الموزونة ، الكلمات التي كان ينضمها أمير الزجل لتبدو كعقد مطرز بأبهى الجواهر و الألغاز و طالما شكلت بجادبيتها و عفويتها الجارحة رصاصة قاتلة ودبوز يخز ضمير الاستبداد المستبدين في الوطن العربي.
أحببت الفقراء يا فؤاد و الفقراء من أهل الجنة ، أرهبت السجانين بحمامة الحرية والسجان الظالم لا يلج الجنة ، مرغت أنوف المستبدين يانجم في وحل الكلمة .و في البدء و الأخير كانت الكلمة مع الله له الحكم فيما يشاء ..رحمك الله يا فؤاد نجم و أسكنك فسيح جنانه ،في ذكرى رحيلك سنوقد دوما شمعة ونتغنى بكلماتك، على أمل أن يفك الله قيد المضطهدين في وطننا العربي الجريح.