كان الجو ربيعيا ،و الأرض اكتست حلة خضراء و أخرجت ما بزينتها من شتى الورود و الأزهار البرية تناجي الشعراء. بينما الشمس بدت كعروس البحر تسبح في كبد السماء وتقتحم بخيوطها الذهبية الدافئة عرين السحاب العابر بصمت كعبور الغرباء ، فيما جلس العشران جواد وخالد على ربوة بين أحراش الغابة ومعهما بضع أصدقاء و في نيتهما اكتشاف مفعول الخمرة التي طالما سمعا بها لأول تجربة في حياتهما، وبعد أن اقتنيا قنينة من الخمر الرديء ودفعا تمنها مناصفة ،حملاها مختبئة برفق و كأنها زئبق ثمين إلى جلستهما .
خالد : واش جبتي الزريعة بعدا؟
جواد: وهو يبحث بيديه داخل حقيبة وغير تهنا القطعة موجودة ..الكاس لي منعرف فين درتو آه هاهو فأخرج الكأس ووضعها على صخرة وفتح أوراق بداخلهما زريعة وكاوكاو .
أخرج جواد القنينة التي بدت متخمة بالخمر وضحك في وجه رفيقه وهو يتأملها متمتما: إلى شربناها كاملة موحال نقدرو نمشيو لديورنا على رجلينا .
وصاح جليس آخر: كون خليتوها حتى لسبت باش تصبحو ناعسين.. فتصاعدت القهقهات،.
وعلى نغمات الشاب بلال التي تنبعت من المحمول خليني ندير كيما نبغي صاحبي… خلونا.. فتح جواد القنينة ففاحت منها رائحة مقززة سيكتشفها أنفه لأول مرة: واه على ريحة أخاي خالد شم شم ياكما هاد الروج بيريمي؟؟ فضحك الجمع وقال أحدهم راه ريحة الروج هيا هاديك وش نتوما لي بوجاديين ؟؟،
ملأ جواد نصف الكأس أحمرا ومدها إلى رفيقه، الذي اعتذر عن شربها قائلا: الساقي من راسو .. تقزز خالد وهو يضع الكأس على شفتيه و يخفي عدم شجاعته أمام كأس الخمر المرة ليتجرعها عن كتب ثم أعاد الكأس فارغة لجليسه بينما لازال يعالج مرارتها ، ملأ جواد الكأس وتجرعها هو الآخر بصعوبة ..مرت الكؤوس بسرعة فحلى الخمر و استطابته الأذواق وعمت حرارته االسحرية الأجواء .
دارت الكؤوس ودار الحديث .
خالد: شفتي أخاي جواد أنا لقرايا طلعاتلي فراسي جوج خوتي قراو حتا عياو وغير كالسين أنا لوكان با يسعفني يعطيني غير شي جوج كيلو نحرك يها لسبانيا.
جواد: حتا سبانيا راه ما بقا فيها مايدار أخاي الناس تما وكاتعاني .
خالد: واش أنا غادي نبقا فسبانيا من تما نزيد للمان ولا سويسرا.
جواد: كب كب ورا الكاس، الله يحن عليك أعشيري الدنيا سايبا تما كيحسابليك واش غادي لدريبة؟ قالك من تما يدوز راه لوروب هاديك كولشي فيها محضي.
ويستطرد جواد وقد أنهى كأسا: شفتي أخاي خالد متلقاش بحال المغرب غير الشفارة لي مامخليينش الناس تعيش، فين تلقا بحال هاد الطبيعة و الحرية .
خالد: ياكما سكرتي؟؟
جواد: أنا بالمشاكيل لي عندي جوج قرعات بحال هادو ومايكفيونيش،منهارعقلت على راسي ونا محن، عشت يتيم ما عنديش خويا ومحكور فيما الدموع بدأت تنهمر من عينيه.
خالد: حتا واحد محاكرك أخاي جواد حنا خوتك خلينا من هادشي دابا كب الكاس فين وصلتي مع ميساء؟
جواد: ميساء ههه وراه طلعات مسميتهاش ميساء؟؟
خالد: الصراحة طريف وشنو سميتها .
جواد: سميتها رشيدة وخا كدبات عليا فالسمية وليت كنبغيها إيه أخاي خالد الحب شي حاجة كتخليك تنسا حتى الكذوب بحالو بحال هاد الشراب لي كنشربو فيه….
يتبع