تحتفل العاصمة الروحية للمملكة، غدا الجمعة، بيومها السنوي الذي تم إقراره كمبادرة مواطنة تروم تعبئة مختلف الفاعلين المحليين من أجل المحافظة على التاريخ العريق لهذه الحاضرة واستحضار بعدها المستقبلي عبر التفكير في نموذج التنمية الأمثل الذي يجب اعتماده للنهوض بها في مختلف المجالات.
وجاءت مبادرة تأسيس يوم سنوي للاحتفاء بمدينة فاس خلال سنة 2011 من طرف نسيج جمعوي يقوده المنتدى الإقليمي للمبادرات البيئية ويضم من بين مكوناته الجمعيات الناشطة في مجال الحفاظ على التراث وحماية البيئة ونشر قيم المواطنة وذلك بهدف تثمين التراث الحضاري والمعماري والثقافي لمدينة فاس التي تصنف ضمن التراث العالمي الإنساني والعمل على انخراط جميع مكوناتها من سلطات محلية ومنتخبين وهيئات مجتمعية لدعم وتعزيز الطابع المتفرد لهذه المدينة العريقة.
وحسب عبد الحي الرايس، رئيس المنتدى الإقليمي للمبادرات البيئية، فإن الهدف من اعتماد هذا اليوم السنوي لفاس يروم تخليد والاحتفاء بالتاريخ العريق لهذه الحاضرة التاريخية المصنفة ضمن أمهات حواضر العالم برصيدها التراثي والعلمي والحضاري وإشعاعها عبر القرون مع تمكين الفاعلين الاقتصاديين المحليين والسياسيين وممثلي هيئات المجتمع المدني من الالتقاء والتخطيط لمستقبل هذه المدينة من خلال وضع تصورات مهيكلة وقابلة للتنفيذ للنموذج الأمثل للحكامة المحلية وللتنمية المستدامة الذي يجب تطبيقه.
وأضاف أن الواقفين وراء هذه المبادرة يسعون إلى أن يصبح هذا اليوم السنوي موعدا لربط الماضي بالحاضر واستشراف المستقبل برؤية متطلعة إلى غد أفضل بكل تجلياته ورهاناته وفرصة لتعبئة مختلف الفاعلين من أجل تجديد العهد على مواصلة العمل لتحقيق التنمية المستدامة وتصحيح مختلف الاختلالات.
ويشكل الاحتفاء بهذا الموعد السنوي مناسبة لرد الاعتبار لهذه الحاضرة التي يرجع تاريخ تأسيسها إلى 12 قرن والمحافظة على هويتها الحضارية كعاصمة علمية وروحية للمملكة مع تثمين تزخر به من مآثر ومعالم تاريخية ومن تراث فكري وحضاري وإنساني عريق إلى جانب طابعها المعماري المتفرد وتقاليدها الاجتماعية ذات الخصوصية.
ويمكن الاحتفاء باليوم السنوي لفاس الذي أضحى تقليدا محمودا مختلف الفاعلين المحليين لإبداء رأيهم وتقييم ما تم إنجازه من مشاريع إلى جانب التخطيط وتطوير رؤى متجددة لمستقبل هذه المدينة من خلال وضع برامج تنموية تستهدف بالأساس النهوض بمختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لساكنة هذه المدينة.
وككل سنة يختار القيمون على هذه المبادرة شعارا يتمحور حول اهتمامات الساكنة والسلطات المحلية والترابية والذي غالبا مع ما يعكس انشغالات هذه الجهات باعتباره يهم إحدى الإشكاليات التي لها ارتباط وثيق بحياة الساكنة كالنقل أو البيئة أو الحكامة المحلية وغيرها.
وإذا كان الاحتفال باليوم السنوي لفاس تمحور خلال السنة الماضية حول التفكير في الآليات والوسائل التي تمكن من تعبئة شروط تحسين النقل الحضري بالمدينة فإن المنظمين اختاروا لهذه السنة شعارا يحمل أكثر من دلالة وهو “هل لفاس أن تؤول مجددا إلى قطب حضاري متميز”.
وعن دواعي ودلالات اختيار هذا الشعار يقول عبد الحي الرايس، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “إننا نشعر بتخوف إزاء الوضعية الحالية لمدينة فاس بسبب بعض الاختلالات التي تعرفها التوازنات البيئية والاقتصادية والاجتماعية”، مضيفا أنه بالرغم من بعض الإنجازات التي تحققت لحد الآن فإن العديد من المشاريع والبرامج التنموية إما قد تم التخلي عنها أو تم تأجيلها كما هو الشأن بالنسبة لحديقة النباتات ومشروع الترامواي وغيرها.
ودعا عبد الحي الرايس السلطات المحلية والمنتخبين ومكونات المجتمع المدني إلى تحمل مسؤولياتهم من أجل العمل على تصحيح هذه الاختلالات ووضع آليات حكامة محلية جيدة مع دعم والمحافظة على التوازنات وذلك بهدف تمكين مدينة فاس من أن تعود لتحتل مجددا موقعها كقطب حضاري متميز.
ومن تم فإن الاحتفاء باليوم السنوي للمدينة سيشكل مناسبة لمختلف الفاعلين والمتدخلين المحليين من أجل تقييم ما تم إنجازه من برامج التنمية المحلية والعمل على وضع تصورات لما ينبغي القيام به للنهوض بمختلف القطاعات، كما سيشكل هذا الموعد فرصة للمؤرخين والباحثين الجامعيين والأكاديميين لاستعادة بعض من صفحات تاريخ هذه المدينة وتراثها الثقافي العالمي.