توصلت فاس نيوز عبر بريديها الإكتروني ببلاغ من اصلاح القطاع السمعي البصري كما يلي نصه
تداول المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية في التطورات الحاصلة بالقطاع السمعي البصري، وذلك على ضوء خلاصات الندوة التي نظمتها النقابة يوم 23 يناير 2014، من أجل تشكيل تنسيقية قطاع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وبعد الإطلاع على التقرير الصادر عن اللجنة الإستطلاعية النيابية، بخصوص القطاع، وكذا استحضار توصيات اليوم الدراسي الذي نظمته النقابة مع جمعية مقاولات السمعي البصري يوم 19 دجنبر 2013، فإن المكتب التنفيذي يؤكد ما يلي:
لقد خاضت النقابة نضالات، منذ بداية التسعينات، من أجل تحرير القطاع السمعي البصري بالمغرب، وإرساء نظام للمرفق العام والخدمة العمومية، واعتماد مبادئ الشفافية والحكامة وتكافئ الفرص، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وإنشاء هيكل ديمقراطي لتقنينه على شاكلة ما يحصل في البلدان المتقدمة في هذا الشأن. كما تذكر النقابة بمواقفها النقدية التي تنطلق من هذه المبادئ، وذلك خلال الإعلان عن الظهير المؤسس للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وأيضا خلال عرض مشروع قانون الاتصال السمعي البصري، والذي تقدمت النقابة حوله، بجملة من الاقتراحات، سواء في حوارها مع وزارة الاتصال آنذاك، أو لدى مناقشته في البرلمان.
و واصلت النقابة نضالها ودفاعها عن المرفق العام، وعن الجودة والشفافية، في هذا القطاع، وذلك من خلال تأسيسها لمنتدى الدفاع عن الخدمة العمومية، والذي ضم عددا كبيرا من الهيئات الإعلامية والثقافية والنقابية والحقوقية.
وقد مكنت تلك الجهود والمعارك التي خاضتها النقابة خلال أكثر من عقدين من الزمن، في هذا المجال، بالإضافة للعمل الغني والشامل الذي تم خلال الحوار الوطني “الإعلام والمجتمع” بمساهمة فاعلين سياسيين بالبرلمان و فعاليات مهنية ومجتمعية، من تكوين رؤية استراتيجية، واضحة، ذات بعد شمولي، ومتوافق عليها، لإصلاح القطاع السمعي البصري وتطويره، وجعله أداة في خدمة التعددية والتنوع والتنمية ونشر العلم والثقافة والفن الرفيع، ومبادئ حقوق الإنسان.
وعكست النقابة هذا التوجه في المذكرة التي قدمتها للجنة تعديل الدستور، حيث تضمنت مبادئ كبرى لضمان استقلالية الإعلام السمعي البصري، ووضع أسس الحكامة والتقنين الديمقراطي، وإرساء هياكل الشفافية اللازمة، واحترام مبادئ التعدد والتنوع والاختلاف و المرفق العام. وجاء النص الدستوري مستجيبا لهذه الروح، مما يحتم الآن، على السلطات العمومية، وعلى مختلف المسؤولين عن هذا القطاع، والمتدخلين فيه، ضرورة وضع القوانين والآليات و الإجراءات، الضرورية لتجسيد هذه المبادئ في أرض الواقع.
وتعتبر النقابة الوطنية للصحافة المغربية انطلاقا، من كل هذه المرجعيات والمعطيات، أنه من اللازم استحضار روح الدستور، في كل مشاريع القوانين والإجراءات التنظيمية والتدابير الإدارية والقرارات، حيث أن دور السلطات العمومية ينبغي أن يظل محصورا، طبقا لنص الدستور، في الالتزام بالاستقلالية التامة للقطاع، وإعمال مبادئ الديمقراطية التشاركية، في تفعيل مقتضيات تعتبر أساسية في النظام الديمقراطي، وتهم ملكا عاما، حاسما في حماية التعددية و التنوع و الاختلاف، و في إعمال الحق في الخبر، و صناعة الرأي وتنمية الثقافة والفن والتربية.
لذلك لا يمكن لأي طرف وحده، أيا كان، أن يمنح لنفسه شرعية فرض القوانين المنظمة للقطاع، أو محاولة تمرير مقترحات لإضفاء المشروعية عليها، عبر حوار مع جهات لا تمثل الفاعلين الحقيقيين في القطاع، و تهمش المهنيين و الهيئات النقابية و الجمعوية والحقوقية، التي تتمتع بالمصداقية والنضالية والكفاءة.
لذلك، فإن النقابة تدعو، انطلاقا من توصيات اللقاء الدراسي المنظم بتاريخ 19 دجنبر 2013 المشار إليه، إلى:
ـ وضع خارطة طريق للقطاع، عبر حوار وطني، بمنهجية تشاركية ونقاش عمومي وواسع، تساهم فيه المؤسسات الدستورية والسلطات والقطاع والمجتمع المدني، والخبراء والمعنيون من فاعلين ومنتجين ومستهلكين.
ـ الالتزام باستقلالية وسائل الإعلام العمومية السمعية البصرية، عن كل الأطراف، من سلطات وأحزاب سياسية ومجموعات اقتصادية وتيارات إيديولوجية.
ـ الإقرار بضرورة تقوية وتعزيز القطاع العام، كأساس للمجال السمعي البصري في المغرب، وكنواة صلبة لتقديم خدمة عمومية. وتظل المؤسسات، الخارجة عن هذا الإطار، خاضعة للالتزامات والتعاقدات المتوافق عليها، و المؤطرة بالدستور والقوانين.
ـ ضرورة تحديد تصور جديد لمفهوم الخدمة العمومية بهدف الانتقال من التوجه الرسمي إلى تطبيق مقتضيات المرفق العام، انطلاقا من المبادئ الواردة في الدستور، ومن التجارب الدولية المتقدمة في هذا المجال.
ـ احترام مبدأ الحق في الخبر والوصول إلى المعطيات، واعتبار تعددية الآراء من المبادئ الكبرى، التي ينبغي احترامها، من طرف وسائل الإعلام السمعية البصرية، عمومية وخاصة.
ـ مراجعة القوانين المؤطرة للقطاع، في ضوء الإصلاحات الدستورية والتطورات السياسية، الحاصلة في المغرب، نحو مزيد من الانفتاح وتكريس التعددية في الآراء والحق في الاختلاف، ونحو تعزيز تمثيلية الصحافيين و العاملين المهنيين، والمجتمع المدني، في المجالس الإدارية لمؤسسات الإعلام العمومي.
ـ تطوير آليات الحكامة في التسيير الداخلي لمؤسسات الإعلام العمومي السمعي البصري، خاصة في إدارة الموارد البشرية، وذلك عن طريق وضع قواعد تكافؤ الفرص واعتماد الكفاءات وربط المسؤولية بالمحاسبة ووضع برنامج متطور للتكوين والتكوين المستمر.
ـ اعتبار وسائل الإعلام العمومية، السمعية البصرية، رافعة أساسية في تنمية الثقافة والفن والترفيه الراقي، وذلك بالانفتاح على مختلف المكونات الثقافية والفنية، وعلى الخبرات والكفاءات والمكونات الثقافية والفكرية والفنية، من أجل وسائل إعلام أدوات في تطوير قدرات المجتمع والإنتاج الوطني والتربية.
– تعزيز دور وسائل الإعلام السمعية البصرية في تطوير الحوار السياسي والتعددية والتنوع، ومحاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة وتصحيح الصورة النمطية حولها، ونشر ثقافة حقوق الإنسان ومبادئ الحداثة والديمقراطية.
– إرساء القواعد والآليات الضرورية، لضمان الاستقلالية المهنية لوسائل الإعلام السمعية البصرية، وذلك بواسطة ميثاق ومجلس للتحرير، منتخب بطريقة ديمقراطية، ووضع الهيآت والهياكل المستقلة لاحترام أخلاقيات المهنة والتجارب مع متطلبات الجمهور، في الارتقاء بدور هذه الوسائط.
و ستواصل النقابة الوطنية للصحافة المغربية نضالها و دورها من أجل تفعيل هذا الحوار الوطني، الجدي و النزيه، بهدف تفعيل الدستور و تحقيق التطور الذي ينتظره المجتمع، من أجل وسائل سمعية بصرية متطورة، تستجيب لمتطلبات الديمقراطية و الحداثة.