الملح معدن شفاف، هش، استُخدِم منذ العصور القديمة لإعطاء الطعام مذاقه ولحفظه. ويتركب الملح من عنصري الصوديوم والكلور، ويعرف علمياً ب»كلوريد الصوديوم»
واسمه المعدني «الهاليت». يتكون الملح، عادة، من بلورات صافية في شكل مكعبات كاملة التكوين، والشوائب في الملح تعطيه اللون الذي قد يكون أبيضَ أو رمادياً أو أصفرَ أو أحمرَ. ويبدو ملح الطعام أبيض اللون ولكنه، في الحقيقة، يتكون من مكعبات صغيرة شفافة، ومصدره الترسبات الملحية الموجودة تحت سطح الأرض «الأجاج»، أي المياه المالحة من البحار والبرك والأجسام المائية الأخرى. والواقع أن ترسبات الملح الموجودة الآن قد تكونت تحت الأرض بتبخر مياه البحر منذ ملايين السنين. وتعد الولايات المتحدة والصين أكبر منتجين للملح في العالم، ومن الدول الرائدة في إنتاج الملح، أيضاً، ألمانيا وكندا والهند والمكسيك. والملح ضروري للصحة الجيدة، ويحتوي دم الإنسان على الملح، كما يجب أن يكون في خلايا الجسم ملح، حتى يمكنها أن تؤدي وظائفها بطريقة صحيحة. غير أن بعض الدراسات أوضحت أن كثرة الملح أو مركبات الصوديوم الأخرى في طعام الإنسان يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
والملح نوعان، أحدهما ملح بحري يُستخرَج من مياه البحر، حيث يوضع في أحواض واسعة تبنى على شواطئ البحار أو قربها فيتبخر الماء بأشعة الشمس ويبقى الملح كتلاً بلورية تنقل إلى معامل خاصة تنظفها وتطحنها وتعدها للاستهلاك، والنوع الثاني هو ما يعرف بالملح «الأندراني»، والذي يوجد في مناجم على الأرض على هيأة كتل صخرية بلورية تُقطَع وتنقل أيضاً إلى معامل خاصة لتصفيتها وطحنها، قبل عرضها للبيع. ويعتبر الملح من السموم البيضاء إضافة إلى «سكر المائدة»، التي تستهلك بكمية كبيرة في الثقافة الغذائية المغربية، مع العلم أننا نستهلك أكثر من احتياجاتنا بكثير.
وقد أظهرت نتائج الدراسات أن تناول الطعام الذي يحتوي على كميات عالية من الملح بانتظام يضاعف أخطار الإصابة بسرطان المعدة وارتفاع الضغط الدموي، لذا يجب التعود على مذاق الأطعمة خفيفة الملوحة، ولذلك فقد بدأ خبراء الصحة العامة في دعوة شركات تصنيع الأغذية وكذلك المطاعم إلى خفض نسبة الأملاح في الطعام، باعتبار أن زيادة كمية الصوديوم ترفع الضغط، مما يؤثر سلبيا على القلب والمخ والكليتين. ويمكن لتقليل تناول الملح أن ينقذ حياة الملاين عبر العالم. وتعتبر الجلطات القلبية والسكتات الدماغية سبب الوفيات الأساسي. ورغم أن الملح يعد أحد العناصر القليلة التي لا يمكن لأحد الاستغناء عنها، فإن الإفراط في تناوله قد يكون أحد الأسباب الرئيسية للبدانة، في الوقت الذي يلجأ البدناء إلى اتباع عشرات الوسائل من أجل التصدي لبدانتهم أو للتخفيف منها، دون إدراك أن الإفراط في تناول الملح قد يكون سببا في الوزن الزائد وأن زيادة أو نقصانا في هذه الكمية يعرضان الجسم لعدد من المشاكل الصحية.
والملح، من الناحية الكيميائية، مركب بسيط مؤلف من عنصرين فقط هما الصوديوم والكلور، لكنه معقَّد ومثير للجدل، لأن الملح مكون حيوي في جميع سوائل الجسم، بما فيها الدم إلى درجة أن الجسم يحتوي على سلسلة مفصلة ودقيقة من آليات التنظيم، التي تعمل على إبقاء تركيز الملح في الدم ضمن النسب الصحيحة، وعندما يهدد ملح الجسم بالانخفاض، فإن الكليتين تستطيعان أن تحبسا كل الملح الموجود في البول. وعندما تدعو الحاجة، فإن غدد إفراز العرق في الجسم تستطيع، أيضا، أن تحفظ الملح، فالجسم البشري، لاعتماده على الملح، طوّر أجهزة تسمح له بالعمل على نحو رائع، حتى إذا لم يحصل إلا على كميات قليلة من الملح في الوجبات الغذائية. ولهذا فعلى الراغبين في الحصول على أفضل النتائج ل»الريجيم» التقليل من الملح (السم الأبيض) في الطعام، لأن كافة الخضر والفاكهة الطازجة تحمل كميات متوازنة من الأملاح الطبيعية، لذا يُنصَح بالإكثار من تناولها، في حين أن بعض الأطعمة تحتوي على نسبة عالية من الملح، كاللحم والسمك المجفف واللحوم المعلبة والجبن والزبدة والمخللات والمكسرات والفاصوليا والصلصة المعلبة، التي يجب التقليل منها واستبدالها بالطبيعية، كما يمكن تناول البدائل التي تحتوي على أملاح طبيعية، مثل النعناع والبقدونس والزعتر، أو تناول الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم، التي تساعد على إخراج مزيد من الأملاح في البول، بمعدل أكبر من الطبيعي، كما يجب شرب الماء بكثرة، لنحافظ على صحتنا.. ولا تنسوا أن المرض وارد و الشفاء مطلوب والوقاية خير من العلاج…