مقتطف من كلمة الأستاذ امحمد بوستة الأمين العام لحزب الاستقلال، عضو مجلس الرئاسة، في تخليد ذكرى الزعيم علال الفاسي رحمه الله العاشرة تحت شعار:« نحو مجتمع إسلامي مستقبلي» المنشورة بجريدة العلم يوم 13 ماي 1984:
إننا نعيش في غمرة منعطف مهم تتجاذبنا التيارات المتضاربة أحيانا، المتقاطعة في بعض الأحيان، و هذا يستدعي أن توضع المفاهيم الإسلامية في مكانها الصحيح، و أن تسلط الأضواء الكاشفة على هذه المفاهيم و نراجع مسيرتنا و ننكب على تحليل الاتجاهات لتبين واقعنا و لتصحح السير.
فهذا الوقت يتطلب مراجعة الذات، لكي ننتشل الشبيبة مما قد تتعرض إليه من مزالق أمام ما تلقاه يوميا من نداءات بعضها يدعو إلى التحجر، و بعضها لا يرى في الإسلام إلا مطية لتبرير أغراض نفعية، و بعضها من شانه أن يقدم الإسلام كما لو كان مجرد مظاهر، و بعضها يشبع الدعوة إلى الإسلام بمحتوى شعوبي، و بعضها يعطي لنفسه حرية في التأويل بعيدة عن روح الإسلام.
في غمرة كل هذا لا بد من وقفة مع النفس، و لا بد من الانكباب على النصوص الإسلامية بفكر نير، و إيمان صادق بأنه الدين الحق، و بأنه الخلاص للبشرية.
إن العقيدة الإسلامية، في المشروع الوطني، ركن أساس، بل إننا لا نكافح إلا من اجل أن نكون مسلمين، معتزين بشخصيتنا، متعايشين في مجتمع له كل مؤهلات القوة و التماسك. و إننا في كفاحنا السياسي من اجل الديمقراطية الحق، و في كفاحنا الاقتصادي من اجل مجتمع تعادلي، نستهدي بالقيم الإسلامية التي كانت المنطلق لمسيرتنا، و الغاية من نضالنا. و قد ثبت من خلال تعلق الجماهير بالمشروع الذي ندعو إليه أننا نغترف من معين عبقرية شعبنا، كما أن التطورات الحادثة في مجتمعنا و من حولنا قد أزالت بريق الإغراء من بعض المذاهب التي – و إن كانت اجتهادات مشروعة- فإنها قد ظهرت عاجزة عن حل المشاكل التي تعترض مسيرة الإنسانية نحو حياة أفضل.
إننا من جديد، مطالبون و نحن نسعى إلى المجتمع الإسلامي، المستقبلي، بان نمارس النقد الذاتي، و أن نتدبر طبيعة العصر، و أن نتفهم الأسس التي يقوم عليها كياننا فنتسلح بالمعرفة، و نزيد من البحث عن عوامل القوة و المناعة لشخصيتنا في عالم تتجاذبه التيارات.
جمعية “لاهوادة للدفاع عن الثوابت”