أشرف عضوا المكتب السياسي السيدين العربي المحرشي وعزيز بنعزوز، بتنسيق مع الأمينين الجهويين لجهتي فاس بولمان ومكناس تافيلالت، يوم السبت 18 أكتوبر على اللقاء التشاوري الجهوي الذي اختير له شعار: “الجهوية المتقدمة وآفاقها” المنظم بمولاي يعقوب.
كما حضر في ذات اللقاء الأمناء العامون الجهويون لكل من جهات: فاس بولمان، السيد عبد السلام زروال، مكناس تافيلالت، د.المصطفى المريزق، والسيد محمد الحموتي عن تازة الحسيمة تاونات جرسيف، والسيد أحمد شوكي رئيس المجلس الجهوي لفاس بولمان، بالإضافة إلى البرلمانيين والأمناء الاقليميين والمحليين والمنتخبون وفعاليات حزبية بالأقاليم المشاركة في اللقاء (فاس، صفرو، بولمان، مولاي يعقوب، مكناس، الحاجب، إفران، تاونات، الحسيمة)، وحضور أكثر من 300 مناضل ومناضلة.
اللقاء استهله جواد الدواحي، الأمين المحلي للحزب بجماعة عين الشقف بإقليم مولاي يعقوب (رئيس المجلس الجماعي لذات الجماعة)، بالترحيب بأعضاء المكتب السياسي وبالمسؤولين التنظيميين والمنتخبين الحاضرين للقاء، معربا لهم عن تقدير السيد حسن بلمقدم المستشار البرلماني ومناضلات ومناضلي إقليم مولاي يعقوب لهذا التقدير من خلال اختيارهم لاحتضان هذا اللقاء التشاوري الهام.
ذ.عبد السلام زروال استحضر في مستهل كلمته الإشارات القوية التي جاء بها الخطاب الملكي خلال افتتاح الدورة البرلمانية، وما عكسته من تفاعل مع فئات الشعب المغربي، سواء من خلال مطالبته بتفعيل المواطنة، و نزاهة الانتخابات، والابتعاد عن الأسلوب السياسوي في التعاطي مع الشأن العام وطنيا ومحليا .
وعلى المستوى الجهوي، أكد زروال على أن الوضع التنظيمي متميز، داعيا عموم المناضلات والمناضلين إلى التحلي بالصبر والحكمة وبعد النظر، مع استحضار الأمل في المستقبل، خصوصا مع ما نكنه من ثقة للقيادة السياسية التي تشتغل من داخل المؤسسات الحزبية ووفق القوانين التنظيمية لهذه المؤسسات.
وعلى المستوى السياسي، أكد زروال على أنه من الضروري التحضير منذ اليوم للاستحقاقات المقبلة، فبقدر ما يحرص فيه الحزب على رفع شعار “حزب الجهات”، بقدر ما نحن ملزمون بالتهييء الجيد للانتخابات الوطنية والجهوية، إذ أن أول تحدي سنواجهه هو العزوف، إذ لزاما علينا التجند لمحاربة اللامبالاة السياسية والعمل بما في وسعنا لمد يدنا للشباب والنساء من أجل ضمان مشاركة فعالة ووازنة لهذه الفئات. داعيا إلى إعطاء إشارات قوية للشباب من أجل المشاركة السياسية والانتخابية ليكونوا مطمئنين على مستقبلهم السياسي، مؤكدا أنه بات لزاما اليوم توفير معايير موضوعية تتضمن محفزات معقولة لتكون فرصة للشباب والنساء ليكونوا في اللوائح الوطنية.
وبالنسبة للتقطيع الإداري، اعتبر زروال أن المذكرة التي أعدها الحزب في هذا الخصوص هي ذات مضمون جد متقدم، وقد عكست مجموع خلاصات النقاشات التي أشرف عليها المكتب السياسي.
السيد محمد الحموتي، قال في مداخلته أنه يحمل مجموعة من المعطيات تهم الجهوية المتقدمة وهي خلاصات لقاء جهوي سابق في ذات الموضوع، إذ أن خيارات التقطيع الإداري كانت متباينة، تداخل فيها القرب والروابط التاريخية والجغرافيا، وأشار الحموتي إلى أنه من المهم مناقشة الصلاحيات التي ستمنح لهذه الجهات.
وارتباطا بضرورة ومواكبة ما ستحمله الجهوية المتقدمة من حكامة جيدة وعلاقات جديدة بين الدولة والجماعات الترابية، أشار د.المصطفى المريزق، إلى أن مناضلات ومناضلي الحزب ملزمون اليوم بالتفكير في الأهداف والوسائل ومعايير تتبع وتقييم الالتزامات التي تعتزم الدولة ربطها بمصالح الجماعا، مؤكدا على أنه لا يهم التقطيع الترابي كيفما كانت نتائجه، لأن المهم، بالنسبة للمريزق، الإرادة السياسية للدولة لتحقيق التضامن الوطني لتأهيل كل الجهات.
واستعرض المريزق معاييرا وأسسا تنطلق من إقامة وسيادة دولة الحق والقانون، وانتهاء بإقرار جهوية تتيح توسيع وتعميق التفاعل بين مختلف مكونات المجتمع، مرورا بتفعيل المساواة أمام القانون سواء كأفراد أو مؤسسات الدولة في مستوياتها المتعددة، مع ما يتطلبه كل ذلك من تطوير وتحديث للبنية السياسية القائمة مع العمل على ضمان إصلاح شامل للتعليم يواكب منظومة التعليم الحداثي التي أعطت أكلها في العديد من البلدان.
ومن جهته، تطرق السيد عزيز بنعزوز رئيس قطب التنظيم خلال كلمته التي ألقاها باسم المكتب السياسي إلى أن الحزب كان سباقا في أواخر دجنبر 2010، وبالضبط قبل الخطاب الملكي لـ 3 يناير 2011، والذي أعطيت خلاله الانطلاقة للحوار الوطني حول الجهوية المتقدمة بالمغرب.
ومن جهتنا في حزب الأصالة والمعاصرة، كنا قد أطلقنا هذه الحوارات الجهوية بمنهجية علمية سياسية، ومن أجل ضمان معالجة سليمة لمضمون نقاشات وخلاصات هذه الحوارات خلقنا لجنة من الخبراء، قبل أن تتشكل اللجنة الاستشارية التي ترأسها آنذاك السيد عمر عزيمان، عهد إليها بتتبع توصيات الندوات والأيام الدراسية التي نظمها الحزب على امتداد ثلاثة عشرة جهة.
استحضار هذه التفاصيل الزمنية هو للتأكيد على أن للحزب مرجعية وتراكم مذكرة تعكس تصورنا، كحزب، للجهوية، وهي المذكرة التي نفتخر بها جميعنا، خصوصا وأن الخصوم السياسيين اعترفوا بمضمونها العلمي الدقيق قبل الأصدقاء.
بنعزوز أكد على أن المذكرة التي قدمها الحزب للجنة السيد عزيمان عكست الصيغ التي من شأنها إنجاح الورش السياسي الذي ينبني على إعادة هيكلة مؤسسات الدولة دون المغامرة بمستقبل البلاد، مع الحفاظ على النفس التراكمي، انطلاقا من جهوية سنة 1971 وبعدها جهوية سنة 1996، واليوم نحن بصدد الدخول للجهوية المتقدمة.
وبخصوص التقطيع الترابي، أكد بنعزوز على أنه من المفروض توفير الحد الأدنى لبعض المعايير التي يجب اتخاذها بعين الاعتبار خلال تفعيل التقطيع، وهي التي سيبني الحزب عليها موقفه الذي سيقدمه خلال القادم من الأيام. وأضاف بنعزوز أن اللقاء المنظم اليوم السبت بتراب جماعة عين الشقف هو امتداد للقاء الذي نظمه المكتب السياسي والأمناء الجهويون والإقليميون، حيث ركز النقاش خلاله على الانتخابات والتقطيع الترابي، ناهيك عن اعتباره إعلانا رسميا عن دخول برلماني وسياسي حاسم -يضيف بنعزوز-.
وعلى مستوى القوانين ذات الثقل التي لها تأثير على مستقبل البلاد، أكد بنعزوز على ضرورة وأهمية التوافق عليها أو على جلها، إلا أن الحكومة قامت بانطلاقةخاطئة بخصوص المسودة باختصاصات وصلاحيات الجماعات والجهات، وهو ما يعتبر ردة على دستور 2011.
وأشار بنعزوز إلى أن المؤشرات السلبية التي تطلقها الحكومة حين فرضها لعدد من القوانين التي تعتبر ردة على مستويات عدة وفي مقدمتها الاعتداء على حقوق عموم المغاربة وحرياتهم، سواء في الشارع العام أو في المؤسسات، وهي ما تجعلنا متخوفين من أن يضيع المغرب المزيد من الزمن السياسي مع هذه الحكومة، الاكيد أننا سنندم عليه مستقبلا.
الاستثناء الحقيقي للمغرب الذي تحدث عنه السيد بنعزوز ليس فقط على مستوى الاستقرار الأمني والسلم الاجتماعي، وإنما أيضا على مستوى التقدم الاقتصادي والاجتماعي والورش التنموي الكبير الذي على الجميع الانخراط فيه، فعلى هذا الأساس يتم التنسيق مع أحزاب المعارضة خصوصا على مستوى البرلمان.
وخلال حديثه عن الانتخابات المقبلة، تسائل بنعزوز عن المحتوى السياسي لمشاركة الحزب في الانتخابات المقبلة. وعلى هذا المستوى، فقد حسم جلالة الملك في أمر مهم، والذي يتعلق بالجدل الذي دار منذ مدة حول من يتحمل مسؤولية تدبير محطة الاستحقاقات المقبلة، حين أكد جلالة الملك على أن رئيس الحكومة ووزيره في الداخلية هما المسؤولان على نزاهة وشفافية الانتخابات المقبلة.
مجمل مداخلات الأقاليم المشاركة في اللقاء أكدت على أهمية استحضار الخصوصيات الجهوية في صياغة المذكرة الجوابية لحزب الأصالة والمعاصرة على مسودة المذكرة الحكومية. كما طرحت المداخلات مسألة الهوية الأمازيغية والجوانب التنموية والاقتصادية الخاصة بالأقاليم المكونة للجهات الحالية، وضرورة فتح نقاش موسع حول هذا الموضوع على المستوى الجهوي والمحلي وتضمين توصياته في الصياغة النهائية للمذكرة الجوابية. واستحضرت هذه المداخلات أيضا القضية الوطنية في البعد الجهوي والنماذج الدولية القريبة من المغرب والاشارات والمبادرات الاقتصادية التي يباشرها جلالة الملك منذ توليه الحكم، خاصة على مستوى المغرب الأخضر والقطب المالي والسياحي والتنموي. بما يعني توفير الأرضية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للانتقال إلى تنزيل الجهوية كما أقرها دستور 2011، مع التأكيد على أن مشروع المسودة الحكومية في حاجة إلى تعميق النقاش بخصوصه، واستبعاد المقاربة الميكانيكية على مستوى التقطيع الترابي للجهات.
هذا ولم يفت المشاركات والمشاركين في هذا اللقاء التطرق إلى ضرورة تأهيل النخب الكفيلة بمواكبة تنزيل ورش الجهوية تحقيقا لغايات الاستثمار الأمثل في الرأس المال غير المادي. أما على مستوى الإعداد للانتخابات، أكدت جل المداخلات على ضرورة الربط بين التنظيم الحزبي وتوفير المناخ السياسي الكفيل بإبراز مؤهلات وطاقات الحزب من شباب ونساء وكفاءات وأطر مؤهلة لتقلد مناصب المسؤولية في المؤسسات الدستورية محليا، جهويا ووطنيا.
وفي معرض رده على المداخلات أعرب بنعزوز عن اعتزازه بما تم إنجازه على مستوى التنظيم بالأقاليم والمجسد في هذا الكم من المسؤولين التنظيميين والأطر الحزبية في هذا اللقاء وأهمية الأفكار والمقترحات التي تضمنتها المداخلات، والتي أكد بنعزوز رفعها للمكتب السياسي، وتشديده على صعوبة الحسم في التقطيع الجهوي بالنظر لتعدد وجهات النظر وتعدد المعايير المعتمدة فيه، سواء منها التاريخية أو الإثنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية. وركز بنعزوز على عدم السقوط في اعتماد المعيار المعتمدة من طرف عدد من الدول، بل علينا البحث عن المؤشرات والمعايير التي تمكننا من التنمية الجهوية التي تراعي المصالح الوطنية.
وعلى مستوى الاستعداد للانتخابات، ذكر بنعزوز بالاجتماع السابق الذي عقده قطب السياسات العمومية في موضوع البرامج الانتخابية والذي خلص إلى ضرورة إعداد برامج انتخابية جهوية وإقليمية، والتي سيعتمدها المكتب السياسي، هذا الأخير أكد ما مرة عن استعداده للانخراط المبدئي والعضوي والعملي في أي برنامج أو مبادرة محلية أو جهوية أو وطنية أو عربية أو دولية.
كما وجه ذات المتحدث نداءه إلى كل عضوات وأعضاء الحزب من أجل ضرورة اليقظة المستمرة للدفاع عن الوطن وعن الديمقراطية والحرية في بلادنا.
السيد العربي المحرشي أكد في كلمته على أن هذا اللقاء يندرج في إطار مناقشة مشروع الجهوية كما طرحته الحكومة بعدما صادق جلالة الملك على نتائج أشغال اللجنة الاستشارية الملكية. وأن الحزب بعد استكمال الحوارات الجهوية، والتي سترفع خلاصاتها للمكتب السياسي لدمجها في المذكرة الجوابية التي يعكف على صياغتها.
وعلى مستوى الدخول السياسي البرلماني، شدد المحرشي على ملحاحية التنسيق بين المعارضة البرلمانية لتشكيل جبهة لانتزاع مكتسبات سياسية واقتصادية وتنموية وحقوقية خلال مناقشة مشروع القانون المالي لسنة 2015 الذي ستطرحه الحكومة.
وفيما يخص التحالفات الجهوية والمحلية، صرح المحرشي أن الحديث عن هذا الأمر سابق لأوانه، مع تأكيده على أن صياغة البرامج الجهوية والمحلية تبقى من صلاحيات المؤسسات الحزبية المحلية والجهوية، معبرا عن رفض حزب الأصالة والمعاصرة لوصاية السلطات المحلية على المجالس المنتخبة