القاصر كلمة تترتب عنها آثار قانونية عدة؛ تجتمع كلها عند حقيقة أن الشخص ما دام لم يبلغ سن الرشد فإن سلوكاته لا تكون، بالضرورة، مترتبة عن وعي كامل، بمعنى أنه يسهل تسخيره واستعماله في أمور تتطلب إدراكا تاما لاتخاذ قرار بشأنها.
من بين هاته الأمور ممارسة الفعل السياسي، وهو أمر عصي على القاصرين بالضرورة، غير أنه سلوك دارج في ظل غياب ضوابط قانونية محددة.
يحتفظ جيل سابق بصور نوستالجية يظهرون فيها ضمن حشود من الأطفال وهم يحملون أعلاما وطنية ويجوبون الشوارع احتفالا بمناسبات وطنية.
كانت الاحتفالات تكتسي أهمية بالغة. لذلك كانت تشهد ما يشبه التجييش. يستعان في ذلك بتلاميذ المدارس الذين توفر لهم وسائل نقل تقلهم إلى ملاعب الكرة التي تحتضن سهرات الأعياد الوطنية، أو المشاركة في استعراضات أمام أنظار المسؤولين الترابيين والمنتخبين.
ظروف المشاركة تكون أحيانا قاسية، تفترض انتظارا طويلا تحت أشعة الشمس الحارقة. غير أن الأفظع أن مشاركة هؤلاء الأطفال لا تكون واعية في غالب الأحيان.
الأطفال بطبعهم يصعب أن يعقلوا أمورا تدخل في نطاق السياسة، كما يصعب عليهم حتى التقاط الحس الوطني الذي يبقى سلوكا واعيا بالضرورة.
استغلال الأطفال في حملات دعائية سياسية أو خلال الانتخابات وغيرها، سلوك دارج داخل المجتمع المغربي، غير أن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي بدأت تسلط الضوء، ولو بشكل ضمني وغير مباشر، على هذه القضية.
تجلى ذلك في ما عرف، منذ شهور، بحملة «شوفوني»، وهي مبادرة على موقع «الفايسبوك» أساسا يقوم عبرها ناشطون «فايسبوكيون» بانتقاد صور تظهر سياسيين في مشاهد يصفونها بكونها استغلالا لأشخاص أو ظروف وحيثيات معينة، للترويج لصورهم السياسية.
بين الصور التي فجرت الحملة المذكورة صورة ملتقطة للطيفة الزيوانية، البرلمانية وكاتبة فرع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بآسفي، وهي تسلم علبة «ياغورت» لامرأة وابنتها الصغيرة، واللتين تظهر عليهما آثار البؤس، لتنطلق موجة ردود اعتبرت أن البرلمانية استغلت المرأة وطفلتها القاصر في الترويج لنفسها سياسيا، بشكل حاط بكرامة المرأة وابنتها. وفي ردها على الحملة التي أعقبت نشر صورتها، قالت البرلمانية المذكورة إن شخصا ما قرصن حسابها على «الفايسبوك» ووضع الصور التي أثارت الانتقادات، بغرض تصفية حسابات سياسية معها.
بعد ذلك بأيام، ظهرت صور أخرى لسياسيين في مشاهد مماثلة، بينهم لحسن الداودي، القيادي في حزب العدالة والتنمية ووزير التعليم العالي، والذي يظهر وسط أشخاص، بينهم أطفال، تبدو عليهم علامات فقر، يجلسون على قارعة الطريق، ويتحدث معهم الوزير الذي تخلص من ربطة عنقه ولباسه الرسمي حينها.