من العار حقا وجود أبناء جاحدين يتنكرون لجميل آبائهم ويدوسون بتصرفاتهم البلهاء عاطفة الأبوة والأمومة ويتناسون الصعاب التي تكبدوها من أجلهم.
فتجد هؤلاء الأبناء العاقين ماضين بحياتهم غير عابئين بوجود أبوين طاعنين في السن هما أولى بالرعاية والاهتمام.
فيختارون التخلص منهم بسلك طريق سهل وهو الزج بهم بنوادي المسنين التي لا يغادرونها صوب منازلهم إلا مساء.
لرصد مآسي المسنين وظروف مكوثهم بأحد النوادي المخصصة لاستقبالهم طيلة أيام الأسبوع قبل العودة أدراجهم مساء صوب منازلهم، توجهنا إلى مقر ناد كائن بحي العنق بالبيضاء، وكان لنا لقاء مع نزلائه.
وللإشارة فقد سبقت لنا زيارة إحدى دور العجزة الشهيرة بحي عين الشق، غير أن مسؤولة مشرفة عليها أخبرتنا بضرورة مراسلة المدير العام بغية أخذ موافقته كونهم غير مهيئين أبدا لاستقبال الصحافيين.
وفي اليوم الموالي، عدنا مرفوقين بطلب لمقابلة نزلاء دار العجزة هذه، لكن لم نتوصل بأي جواب.
مباشرة بعد ذلك، انتقلنا إلى المركز الاجتماعي تيط مليل بضواحي البيضاء، فلم يتسن لنا أيضا تجاذب أطراف الحديث مع نزلائه هو الآخر بدعوى ضرورة مراسلة عمالة مديونة للحصول على ترخيص، كما جاء على لسان أحد موظفيه.
حللنا بنادي المسنين بحي العنق وهو عبارة عن بناية مكونة من طابقين. الطابق الأول مخصص للرجال المسنين والطابق الثاني للنساء المسنات.
تختلف قصص الشيوخ المداومين على الحضور بصفة يومية لنادي المسنين بحي العنق بالبيضاء. أغلبهم يعايشون صعوبات مادية وظروف اجتماعية صعبة.
وآخرون يفرون من جحيم زوجات أبنائهم اللواتي يذيقونهم من العذاب ألوانا، متناسيات أنهن ستركبن قطار الشيخوخة عاجلا أم آجلا.
وتقبل على النادي مناصفة مع الشيوخ نساء مسنات تقمن مع أبنائهن وتلاقين من جحودهم ما يجعلهن تفضلن الاحتماء بأسوار ناد هو أرحم بكثير من كنف أسرهن.
إذ تفضل معظمهن الجلوس على مقربة من النادي وقت الظهيرة على العودة لمنازلهن.
ويعاني جل الشيوخ هنا من أمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم وداء السكري وأمراض القلب والشرايين.
المشرفة على نادي المسنين بحي العنق فاطنة قرو، تفيد أن الأشخاص المسنين الوافدين على النادي يعانون التهميش واللامبالاة من قبل أبنائهم، لكن المؤلم تسجيل ارتفاع في نسب أبناء يتخلون عن آبائهم ويطالبون بإبقائهم بالنادي بغية التخلص منهم ضمانا لحياة هادئة وفقا لمنظورهم الشخصي.
وهنالك أبناء يزعمون أنهم يحسنون إلى آبائهم إلا أن بلوغهم من الكبر عتيا يجعل حساسيتهم زائدة وينتفضون لأبسط الأسباب فيفضلون التواري عن أنظار أبنائهم وقضاء ما تبقى من أيامهم بسلام بنادي المسنين.