كتب الاستاذ طارق السباعي رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب على حائطه بالفايسبوك:
لقد سبق للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب أن تقدمت بعدة شكايات حول الانهيارات المتتالية للطرق والقناطر (شكاية رقم 761 ، بتاريخ 25 مارس 2008، لدى وزارة العدل والشكاية الثانية تحت رقم 4965 بتاريخ 5 شتنبر 2011 للمطالبة بفـتـح تـحـقـيـق حـول تبديد و إهـدار الـمـال الـعـام بوزارة التجهيز والنقل)
وبعد طول انتظار دام من 25 مارس 2008 الى 16/12/2011 اي 1357 يوم لمعرفة مصير الشكايتين ،لم تتوصل الهيئة الوطنية لحماية المال العام لا بقرار الاحالة على الجهة المختصة ولا بأي قرارللحفظ ،
لقد ارتكزت الشكايات على عدة تقارير ومعطيات ومعلومات، نذكر منها على الخصوص تحذير السيد كريم غلاب، من اتخاذه لقرارات جد خطيرة، تحسبا لحتمية عواقبها الوخيمة والخطيرة على البنيات التحتية وممتلكات المملكة. وكذلك على اقتصاد البلاد من تفاقم العجز المالي وتقهقر القدرة المالية للمؤسسات العمومية حتى أضحت غير قادرة على مواكبة المشاريع والأوراش الكبرى.
وأنه تبين لنا فعلا بأن السيد كريم غلاب اتخذ هذه القرارات متعمدا رغم معرفته المسبقة بخطورتها وذلك بحكم توصله بعدة تقارير ومراسلات تنبهه وتحذره من العواقب الوخيمة، ورغم كون أن هذه القرارات تتناقض مع تكوينه وخبرته ومساره المهني.
إن تكوين السيد كريم غلاب ومساره المهني يمنعانه منعا كليا من أن يرتكب مثل هذه الأخطاء المهنية، حيث أنه خريج المدرسة الفرنسية للقناطر والطرق، وتقلد عدة مناصب بوزارة التجهيز والنقل، و تقلد منصب مدير إقليمي للتجهيز لإقليم الحسيمة ثم إقليم بنسلمان. وبعدها مدير البرامج والدراسات وهي بمثابة مديرية التخطيط وبرمجة المشاريع وبرمجة وتتبع الميزانيات لوزارة التجهيز والنقل. وتقلد أيضا منصب مدير الطرق ومدير عام للمكتب الوطني للسكك الحديدية.
بالإضافة إلى هذه الأخطاء المهنية الخطيرة والتي اتخذها السيد كريم غلاب متعمدا، لتلميع صورته، كيفما كان الثمن ومهما كانت الوسيلة، فإنه ركز اهتمامه على المشاريع الغير الضرورية ذات الإشهار والمردودية الإعلامية الكبرى ضاربا عرض الحائط الأولويات الضرورية القصوى لمصلحة البلاد. وركز اهتمامه أيضا، على تفضيل تمرير تصاميم المشاريع ذات الكلفات الجد العالية على التصاميم التي تؤدي وظيفتها بالكامل وبكلفة منخفضة.
وقد وصل الفارق في الكلفة عــشــر مــرات في الكثير من المشاريع مما يعتبر ذلك إمعانا في إهدار المال العام وعن سبق إصرار وترصد.
والأخطر من كل ذلك فنتيجة لهذه الأخطاء المهنية الخطيرة والمتعمدة نتج عنها إضعاف وتدهور حالة البنيات التحتية والآليات والقطارات بالإضافة إلى انعدام الجودة. فأصابت ممتلكات الشعب المغربي الهشاشة وعدم الاستقرار لتعرضها المستمر للاعطاب عند كل هبة ريح أو سقوط أمطار أو أي عارض.
وفعلا، لما سقطت الأمطار في نوفمبر 2008 ونوفمبر 2009 ونوفمبر 2010، وقع ما تنبأت به الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، حيث انهارت عدة قناطر، وتضررت عدة طرق، ووقعت عدة انجرافات للتربة. وعدة حوادث للقطارات وانهيار جزء كبير من الحاجز الرئيسي لميناء الجرف الأصفر ورصيف بميناء العرائش وذلك نتيجة لقرارات السيد كريم غلاب الخطيرة والمتعمدة.
وقد خصصت الدولة ميزانية استثنائية لإعادة بناء البنيات التحتية المنهارة وترميم الأضرار بلغت في مجموعها ملياري درهم.
فلائحة القرارات والأخطاء المهنية التي ارتكبها السيد كريم غلاب متعمدا وأدت إلى ضياع وإهدار المال العام تتجلى في
تحويل جزء كبير من الميزانيات المخصصة لصيانة البنيات التحتية والقطارات إلى مشاريع جديدة واقتناء قطارات جديدة،حيث أن صيانة الممتلكات لا تفيده في شيء كشخص. بينما إنجاز مشاريع جديدة واقتناء آليات وقطارات ذات الصدى الإعلامي وضخامة كلفتها مكنته من تلميع صورته وضرب الرقم القياسي في الظهور على شاشات التلفزيون والصحافة.
إن السيد كريم غلاب ارتكب، متعمدا، هذا الخطأ المهني والإستراتيجي الخطير واستمرت جرائمه بإصرار رغم علمه مسبقا بخطورة عواقبه الخطيرة على ممتلكات الدولة، ورغم معرفته، بحكم تكوينه، وتجربته، ومساره المهني بأنه يعرف أكثر من أي أحد دور الصيانة للحفاظ على الممتلكات والبنيات التحتية ولآلياتها وتجهيزاتها وقطاراتها. وأن إهمال صيانة الممتلكات سيؤدي حــتــمــا إلــى ضــيــاعــهــا وتقصير عمرها الافتراضي، وإلــى عــواقــب جــد وخــيــمــة.
فرغم تصريحه الصحفي لمجلة متخصصة في الطرق ركز على ضرورة صيانة الطرق معتبرا ذلك أساسيا في الحفاظ على الممتلكات.
ومع ذلك تعمد التنكر لتكوينه ومعرفته التقنية وتجربته وتجاهل التحذيرات من أجل تلميع الصورة.
فكانت عواقب أخطائه المهنية والإستراتجية جد خطيرة على الممتلكات العامة والتي تتطلب المحافظة عليها، فهو الأعلم بواجبات المواطنة الحقة والانتماء للوطن والوفاء له، إنها جزء من مكتسباتنا جميعا بنيناها بجهدنا وعرقنا ومالنا وتضحياتنا. وتعلقت بها آمالنا وتطلعاتنا لغد جميل مشرق بهي.
ولما هطلت أمطار نوفمبر 2008 ونوفمبر 2009 ونوفمبر 2010، وجدت البنيات التحتية بدون صيانة لما أصابها من هشاشة وتآكل فانهارت عدة قناطر، وتضررت عدة طرق، عادية وسيارة، ووقعت عدة انجرافات للتربة وانهارت أجزاء من أرصفة وحواجز مينائية.
ووحدها قنطرة السعديين بقيت شامخة بطريق فاس ، وقنطرة المرابطين بمراكش لازالت قائمة ووحدها قناطر غلاب تنهار الواحدة تلو الأخرى.
واستمر الانهيار الى مابعد الوزير غلاب ،فقد أفاد مسافرون بأنهم عالقون في جبال تيشكا على الطريق الوطنية رقم 9 الرابطة بين ورزازات ومراكش وبالضبط بين “تزليدة” و”تدارت”، فيما أكد سائق إحدى الحافلات أن رحلتهم توقفت بسبب انهيار قنطرة “وادي الزات” بشكل كامل وسقوط أجزاء كبيرة من الطريق المعبدة في منطقة تدارت بعدما غمرتها السيول الجارفة لمياه الأمطار.
وتسبب انقطاع الطريق في هاتين المنطقتين وسقوط العديد من القناطر في بقاء حوالي تسع حافلات تقل العشرات من المسافرين عالقين، حيث لا يستطيعون مواصلة رحلتهم إلى مراكش ولا الرجوع إلى ورزازات لعدم إمكانية تحويل الإتجاه في مناطق جبلية ذات مسالك وعرة ، مما جعلهم ينتظرون مصيرا مجهولا.
وانضاف الى سجل كريم غلاب سقوط قنطرة تالوين بالطريق الوطنية رقم 10 تكلفتها 19 مليون درهم
ذهبت مع الريح خلال دقيقتين،
ولا زال الخطر يتهدد قنطرة واد “الزات” التي شيدت مند عهد الاستعمار فهي من المشاكل المحيرة للأذهان بالنسبة لسكان بلدية آيت أورير، اضحت معها شبحا مخيفا بالنسبة لهم،لكونها لاتتوفر على سياج واقي وضيقة يمر منها الراجلون ووسائل النقل دفعة واحدة، وتلاميذ المؤسسات التعليمية،
لقد كلفت الدولة ميزانيات استثنائية ، خارج ميزانية الصيانة لإعادة بناء البنيات التحتية المنهارة وترميم الأضرار ملياري درهم. إن السيد كريم غلاب يتحمل شخصيا جزءا كبيرا من هذه الخسارات المتتالية.
والملاحظ، أن الطرق والطرق السيارة كانت على جودة عالية، لكن بسبب الإهمال المتعمد للصيانة، تفاقمت حالة الطرق وتدهورت إلى حد أنه حاليا تحتاج إلى ميزانيات جد ضخمة يتطلب إصلاحها ما يفوق كلفة إنجاز طرق جديدة.