تتواتر حوادث هروب فتيات من كنف أسرهن صوب مدن أخرى أو بالأحرى صوب المجهول. ورغم اختلاف مسببات هروبهن إلا أن مصيرهن واحد وهو الضياع.
في الغالب لا تتوفر الفتيات «الهاربات» على أي دبلومات أو شهادات دراسية تمكنهن من إيجاد عمل إثر وصولهن إلى مدن أخرى غير مدنهن الأصلية.
فيبحثن بشتى الطرق عن وسيلة تمكنهن من سداد السومات الكرائية لغرف حقيرة يكترينها بعد فرارهن خاويات الوفاض من منازلهن.
منهن من تشتغل كنادلة في مقاهي الشيشة وأخريات يبحثن عن حلول سريعة كما جاء على لسانهن ألا وهي الغوص في دروب الدعارة المضللة. ونهايتهن في المجمل تكون مأساوية حيث الشارع لا يرحم والمجتمع أيضا.
تتشابه قصص «الهاربات» إلى حد كبير وأغلبها تتمحور حول فرارهن من كنف عائلاتهن بسبب ربطهن لعلاقات ينجم عنها حمل غير مشروع ورفض قاطع للاعتراف به من قبل والده الحقيقي.
بعد التقصي فطنا إلى مكان فتاة في التاسعة عشرة من عمرها تشتغل بأحد مقاهي الشيشة بمركز المدينة. إثر الوصول إلى مقر اشتغالها صباحا الذي دلتنا عليه سيدة على دراية بقصة الفتاة المعنية وجدناها في صدد تنظيف أرضية المقهى.
وبعد أن علمت بالغاية التي أتينا من أجلها أبدت عدم رغبتها في الإذعان لطلبنا قائلة إنها لا تود تذكر قصتها ولو كانت تود تذكرها لما فرت من منزلها الكائن بمدينة آسفي صوب البيضاء.
وافقت على مضض برواية حكايتها بعد أن وافقنا بدورنا على مدها بمبلغ مالي يعينها على سداد كراء الغرفة التي تكتريها بالمدينة القديمة بالبيضاء بمبلغ 1000 درهم شهريا.
تقول هذه الفتاة إنها تورطت في علاقة مع أحد الشبان نتج عنها حملها بمولود خارج إطار الزواج. وكما هو متعارف عليه رفض عشيقها الاعتراف بطفله وألح عليها أن تجهضه إن هي أرادت التخلص من الفضيحة وإنقاذ ماء وجهها. فرفضت طلبه وشدت الرحال نحو البيضاء هاربة من موت محقق.