شكلت سنة 2014 مرحلة مفصلية في العلاقات المغربية – القطرية ،حيث شهدت توجها عمليا نحو تكريس الشراكة الاستراتيجية بين الرباط والدوحة ،عكسته الزيارة التاريخية المثمرة التي قام بها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني للمغرب (أواخر شهر دجنبر 2013 )، وانعقاد اللجنة المشتركة المغربية القطرية العليا في شهر مارس، واللقاءات الوزارية المتتالية التي جمعت المسؤولين الحكوميين في كلا البلدين، وكذا الانخراط العلني للقطاع الخاص القطري المغربي في هذه الدينامية التي وضع أسسها المتينة صاحب جلالة الملك محمد السادس وأخيه صاحب سمو الشيخ تميم بن حمد ال ثاني أمير دولة قطر. والواقع ، أن الزيارة الرسمية التي قام بها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للمغرب يومي 27 و28 دجنبر 2013 ، وهي أول زيارة له لمنطقة المغرب العربي بعد تسلمه مقاليد الحكم، شكلت عنوانا سياسيا بارزا أكد بما لا يدع مجالا للشك أن محور الرباط – الدوحة يتوجه قدما نحو بناء نموذج يحتذى للعلاقات العربية – العربية ، وعلاقات جنوب – جنوب، حيث يسعي البلدان، من خلال خارطة طريق واضحة المعالم ، إلى النهوض بشراكة استراتيجية بين البلدين ، تقوم على مبدإ رابح – رابح ، وتغطي مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
وفي هذا السياق ، فقد توجت زيارة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للمغرب بالتوقيع على أربع اتفاقيات للتعاون الثنائي همت تعديل اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي فيما يتعلق بالضرائب على الدخل، ومذكرة للتفاهم بخصوص مساهمة دولة قطر في تمويل مشاريع تنموية بالمملكة المغربية، واتفاقية تقضي بتعزيز التعاون العلمي والتقني والإداري في المجال الصناعي، وأخرى تهم التعاون الثنائي في مجال إنجاز مشاريع البنية التحتية. هذا التوجه ، عكسه مضمون البيان الذي صدر في ختام المباحثات التي جمعت صاحب الجلالة الملك محمد السادس بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني ، حيث عبر قائدا البلدين عن “عزمهما مواصلة توطيد شراكة شاملة ومعمقة في مختلف الأبعاد استراتيجيا وسياسيا وعلى الصعيد الاقتصادي ودعم الاستثمارات وتوحيد الصف العربي وإحياء روح التضامن ونهج سياسة حسن الجوار والتواصل البناء بين الدول العربية وضرورة تكريس الحوار السياسي والتفاوضي في حل النزاعات المحلية والإقليمية، في إطار الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي الدول وسيادتها الوطنية وأمنها واستقرارها”.
وتواصل مسلسل التقارب الاستراتيجي بين البلدين من خلال انعقاد الدورة الخامسة للجنة العليا المشتركة المغربية القطرية، التي احتضنتها الرباط في مارس الماضي ، حيث انصبت أشغال اللجنة، التي تعتبر أهم مرتكزات التشاور المثمر والحوار البناء بين البلدين، وإحدى الآليات التي تتولى عملية رصد الحصيلة واستشراف الآفاق المستقبلية لعلاقات التعاون الثنائي، حول دراسة السبل الكفيلة بالرفع من حجم المبادلات التجارية التي لم ترق بعد الى مستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية التي تجمع بين الرباط والدوحة ، والوقوف على آفاق التعاون المغربي-القطري في عدة مجالات كالفلاحة والسياحة والطاقة والتعمير والقطاع البنكي والتعاون القضائي والأمني.
وهكذا، أثمرت أشغال اللجنة التي ترأسها السيد عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة والشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية القطري ، عن التوقيع على مجموعة من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم همت المجال الأمني، وقطاع النقل الجوي، والتعاون والتبادل الإخباري المشترك بين وكالة المغرب العربي للأنباء ووكالة الأنباء القطرية ، إضافة إلى مذكرات تفاهم تتعلق أساسا بالاعتراف المتبادل بالشهادات وفقا للاتفاقية الدولية لمستويات التدريب والتأهيل للعاملين بالبحر، وبالتنمية الاجتماعية ، والبرنامج التنفيذي لاتفاق التعاون في مجال الشباب لسنوات 2014 و 2015 و2016 إضافة إلى محضر الدورة الخامسة.