بقلم الأستاذ محمد طارق السباعي
سبق للقاضي محمد قنديل القاضي بالمحكمة الابتدائية بالعيون ان صرح على حائطه الفيسبوكي بأنه اطلع وزير العدل والحريات على الفساد المستشري بالمحكمة الابتدائية بالعيون, وأضاف بأن (المفتش العام أخبره شخصيا أن نسبة فساد القضاة تصل ل 90 بالمائة و أنه لا يستطيع فعـل أي شيء حيال ذلك وانتظر شهرين كاملين ولم يتخذ الوزير أي اجراء نظرا لحساسية المنطقة حسب جواب السيد الوزير للقاضي محمد قنديل
واحيل هذا القاضي على المجلس الأعلى للقضاء للنظر في التهم الموجهة له ، فكل حقوقي سيستشيط غضبا لهذا الاجراء الذي وصفه المعني بالامر بأن الغرض منه اسكات صوته المدوي كفاضح للفساد بجسم القضاء وبالضبط بعاصمة الصحراء المغربية العيون
كنت من المتتبعين لخطابات وتصريحات الاستاذ مصطفى الرميد والذي التزم في غير ما مناسبة منذ توليه الوزارة بأنه سيعمل على تطبيق القانون في ظل دستور جديد لم يترك ثقبا يدخل منه الريح وتمت دسترة ان الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية، وجاء الفصل 109 من الدستور ليكون حاسما عندما قرر أنه يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء، ولا يحق لأي كان ان يوجه أي أمر أو تعليمات ولا يسمح بأي ضغط على القضاة موجبا على القاضي، كلما اعتبر أن استقلاله مهدد، أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وهاهو القاضي يحيل الامر الى نائب رئيس السلطة القضائية المستقلة ايمانا من هذا القاضي بان عدم اطلاع رئيس النيابة العامة يعتبر خطأ مهنيا جسيما، بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة.
وانه يعرف جيدا ان القانون يعاقب كل من حاول التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة. و”كل” هنا شاملة حتى لو كان وزير العدل نفسه الذي أشهد الناس على نفسه في إحدى جلسات الأسئلة الشفوية، عندما قال، بلغوا عن أي واحد يخالف القانون حتى لو كان مصطفى الرميد نفسه.
هذا من جهة
اما من جهة أخرى فما فتئ الملك محمد السادس يؤكد، في خطبه وتوجيهاته، على ضرورة إصلاح المنظومة القضائية، وحرصه على أن يعرف القضاء المغربي «ثورة» حقيقية تجعل من السلطة القضائية ركيزة أساسية لتنمية البلاد طالبا من المؤسسة التشريعية اعتماد القوانين التنظيمية الخاصة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والنظام الأساسي للقضاة مشددا على ضرورة «الالتزام الدقيق بروح ومنطوق مقتضيات الدستور المتعلقة بالسلطة القضائية».
وطالب القضاة عن طريق ناديهم بالتأويل الديمقراطي للدستور فيما يخص استقلال السلطة القضائية، متشبثين بالإصلاح العميق والشمولي لمنظومة العدالة،
كما طالبت الودادية الحسنية القضاة بالدفاع عن استقلاليتهم، وأن القاضي يجب عليه، كلما اعتبر أن استقلاله مهدد، أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية
فمتابعة قاض فاضح للفساد وهو من الشهود الموثوق بهم لكونه ممن أوفوا بالقسم وهو أي القاضي الجليل مستوعب للغاية من القسم فهو نظام استلهمت فيه مقتضيات الاخلاق والعدالة. فاداء القسم ينقل شخص من نطاق القانون الى نطاق الاخلاق والضمير فغايته اخلاقية ترمي الى صدق النية، والاستقامة، والاخلاص في اداء الواجب وتحسيس للقضاة بمسوؤليتهم الاجتماعية
فمن حق القاضي محمد قنديل الا يمثل امام المجلس التأديبي لأنه استوعب الدستور اكثر من غيره والتزم بتفعيله وبتطبيقه على نفسه متحديا لوبيات الفساد ومستحضرا نص الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد والتي تعتبرأن التصدي للفساد لا يقتصر دوره على السلطات الرسمية للدولة وإنما يشمل أيضا الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني التي ينبغي أن تؤدي دوراً فعالاً في هذا المجال
ولهذه الاسباب
فمن حقه الاستجابة لحقه في طلب المثول امام الملك محمد السادس الضامن الوحيد دستوريا في هذه الحالة لاستقلال القضاء
فتحية لك ايها القاضي الشجاع فأنت من المؤسسين لسلطة قضائية حقيقية تتمتع بالاستقلالية والنزاهة والحياد ..