بقلم الأستاذ محمد طارق السباعي
من المعلوم ان جريمة الرشوة في المحاكم يكون الاخبار بها قبل دفعها وتثبت عقب ضبط المتهم متلبساً بتقاضي مبلغ الرشوة حيث يتم الابلاغ بشكاية مكتوبة او شفوية ويحتفظ وكيل الملك بصور للأوراق النقدية ليطابقها مع المبلغ المحجوز بمقتضى محضر تنجزه الضابطة القضائية
لكن الامر يختلف بالنسبة لقاضي ورززات الذي ضبطته الشرطة القضائية بمدينة مراكش متلبسا أثناء قيامة با رجاع مبلغ الرشوة من المال الذي حصل عليه من احد المتقاضين لم يحكم لصالحة معللا ذلك بأنه حكم لفائدة – المرتشي- الذي دفع اكثر منه
فجريمة الارشاء تكون بغاية استصدار حكم لصالح الراشي وقد تحققت لكن المرتشي حكم لفائدة من أعطى اكثر وحينها وحسب المبادئ المتعارف عليها في العرف والقانون ان الراشي والمرتشي متساويان في العقوبة ويجب اعتقالهما معا لأن التبليغ عن جريمة الرشوة لم يحصل قبل وقوع الجريمة أي بعد ان لم تتحقق النتيجة
لقد تدخل شخص ثالث في القضية الذي نصح الراشي خاسر الدعوى ويسمى في القانون بالرائش او الوسيط كما استقيت ذلك من أخبار هذه القضية بعين المكان أي بمراكش حيث نصب الكمين للقاضي بعد تقديم الضمانات بعدم الاعتقال وطولب القاضي بارجاع المبلغ الذي سبق وان حصل عليه، وهو ما لم يمانع فيه فضبط متلبسا، وتمت احالته على التحقيق.
السؤال المطروح هو كيف سيتم التعامل مع الراشي رابح القضية فكل القرائن تؤكد انه ما كان له ان يكسب القضية لولا الرشوة السمينة
وفي دردشة مع حميد مجدي عبر الهاتف وانا بمراكش وهو المناضل السياسي والحقوقي والنقابي فقد علمت ان القاضي المتلبس بالرشوة هو نفسه القاضي الذي حكم عليه بسنة حبسا نافذا وستة أشهر حبسا نافذا بالنسبة لبوسلهام نصري وغرامة مالية بقيمة 5000 درهم لكليهما
وحميد مجدي هو المتابع بإحدى عشر ملفا سياسيا حرك في حقه ثلاثة ،و مازالت تنتظره 8 ملفات أخرى،
فهل سيبحث وزير العدل والحريات في ملفات هذا القاضي الذي يوزع عشرات السنين على المناضلين الحقوقيين والنقابيين ليراجعها طبقا لمقتضيات الفصل 566 من قانون المسطرة الجنائية ؟
لقد قيل بحق أن من أثري بأفعال خبيثة أصبح فقيراً في شرفه فالرشوة من أخطر أمراض العصر التي تهدد سلطات الدولة ونظامها ،فهي سلوك ينطوي علي مساس بهيبة الدولة وكرامة الوظيفة العامة وتؤدي إلى فقدان الثقة في الموظف العام وفي الجهة التي يمثلها
وعلى سبيل الختام فالرشوة لا يمكن ان تصنف في رزق ساقه الله الى المرتشي والرائش فهناك رزق مادي كالطعام، والشراب، والمسكن ولكن الرزق الأعظم هو رزق القيم
قال تعالى :﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾