بقلم الأستاذ حميد طولست
في وقت الذي مازالت فيه خيوط ما بات يعرف بفضيحة الموندياليتو تتشابك ، والمداد يتدفق بغزارة من أقلام المسكونين بحب هذا الوطن العظيم، طلعت علينا صحف ومواقع مغربية كثيرة بخبر ، لا أخفي قرائي المحترمين ، أنه أسعدني جدا ، أكثر مما فاجأني ، رغم أنه قرار سياسي غريب ، يصيب المثقف والمواطن العادي على السواء بالحيرة المؤدية الى الهروب من السياسة كحقل عام .
ويتمثل الخبر الذي سررت به كثيرا ، بقرار السيد رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران الذي يفويض به للسيد امحند العنصر، وزير التعمير وإعداد التراب الوطني ، تسيير شؤون وزارة الشباب والرياضة، مؤقتا طبعا ، بعد إعفاء محمد أوزين من منصبه الوزاري – بدون محاسبة ولا متابعة – على خلفية فضيحة عشب مركب مولاي عبد الله ، ليس لأني منتم لحزب لحركة الشعبية ، وليس لأن امحند العنصر يمتلك مؤهلات خارقة في التسيير تمكنه من تدبير حالة التسيب والشلل التي تعيشها وزارة الشباب والرياضة ، منذ إعفاء أوزين ، الذي أثر على سيرها العادي .. لكن مصدر سروري راجع إلى أن الوزير الجديد سيهتم بخدمة ملفات الوزارة والوطنُ ، والتي تبقى عند الوزراء الجدد ملفات ثانوية ، إذا قورنت بإشتغالهم بمراسيم تسلم واستلام الوزارات ، التي تدوم مراسيمها مدة استوزارهم بكاملها مع الكثير منهم ، التي تصبح عندهم وظيفة الوزارة ثانوية ، وذلك لأن الوزيرين المقال والذي ينوب عنه من نفس الحزب “الحركة الشعبية” ، بل والأكثر من ذلك ، أن امحند العنصر هو رئيسه المباشر بالحزب ، ومن أشد المتعاطفين معه ، لذلك فإن السيد ذي الوزارتين ، لن يضيع وقته الثمين ، في استلام وتسليم الوزارة بين وزير سابق “المعزول” ووزير جديد/قديم ،قدم الزمان ، كما هي الطريقة التقليذية المتوارثة مند عقود في بلادنا ، وفي كل الدول المتخلفة ، عفوا النامية ،
حيث أن السيد ذي الوزارتين – مع اعتذاري للشاعر العظيم ابن الخطيب – لن يحضر إلى مقر الوزارة ، كعادة الوزراء ، في اليوم الأول لاستلام مناصبهم ، ومعه حُرَّاسه ، من عشيرته وأنصاره وأبناء جزبه ، في جولة هجومية ، أكثر منها جولة استلام وتسليم ، ولن يقوم فريقه ، بعمليات التمشيط المعتادة في مثل هذه المناسبات ، ليس للوقوف على ملفات الوزارة الرئيسة، وخططها، ومكاتباتها، وأنشطتها ، للاستفادة منها واكمل مسيرة سابقه ،
ولكن ، ومع الأسف ، لرصد حالات التقصر التي وقع فيها الوزيرُ السابق المعزول ، ليس بهدف الاستفادة منها بتفاديها ، ولكن للتشهير بهاحبها ، والإيقاع ببقايا نفوذه ، الذين يركز الوزير الجديد كل نشاطه في طرد أو نقل كل من يمكن أن يكون منافسا ، وتعيين مكانهم ، مقربيه من أبنائه وأحفاده وعشيرته، وانتهاء بأنصاره ، وأصدقائه المخلصين ، وذلك لأن أهم مكونات الوزارة وموظفيها ،من المنتسبين لحزب الحركة ، الذين سبق أن عينهم أو تمت تريقهم أفول عصر الوزير (المعزول).
وأن السيد ذي الوزارتين لن يضطر لتغيير طاقم مكتبه، وسكرتاريته ولا ديكورات المكتب ، حتى يتخلص من كل أثر الوزير السابق وانتمائه الحزبي ، لأن المكاتب وبدون شك لا تحمل إلا آثار ولون حزب الحركة الشعبية ، كما أنه لن يصدع رأسه ورؤسنا بمتابعة السيد أوزين على رفضه لإعادة الأربع سيارات التابعة لوزارة الشباب والرياضة التي وضعت رهن إشارته عندما كان يتحمل المسؤولية ، والتي من ضمنها سيارات من نوع ” أودي 8 ” كلفت خزينة الدولة 120 مليون سنتيم ، وربما أقال السيد ذي الوزارتين ، الكاتب العام لنفس الوزارة إذا هو استمر في مطالبة أوزين وبعض أعضاء ديوانه بإرجاع سيارات الدولة التي توجد في حوزتهم ، كما علمت ذلك إدارة نيوز، وذلك أن تلك السيارات لم تخرج من العائلة الحركية ، لأنها في حوزة السيد أوزين عضوا المكتب السياسي للحركة الشعبية الذي ينص نظامه الأساسي صراحة على أن الوزراء أعضاء في المكتب السياسي ولا يفقدون هذه العضوية بمجرد انتهاء ولايتهم الحكومية.
ومما سرني أيضا في هذا القرار أنه سيقينا سماع تلك القصص التي اعتاد على نسجها الوزراء المنقضية مدد خدماتهم أو( المعزولين) حول خلفائهم ، بما يسيء إلى سمعتهم ، من قبيل أنهم قليل الخبرة ، إلى كونهم مرتَزَقٌة وفاسدين ، وأنهم لن يستطيعوا أن يحققوا للوزارة ما عرفته في عهده من انجازات بفضل الشفافية والأمانة والنزاهة والصرامة والإنجاز، الذي كان يتميز به عهد السيد الوزير المعزول..