تعليم الأبناء بين المدرسة و العائلة

بقلم الأستاذ حميد طولست

التعليم في كل حضارة هو الأساس الأول والحقيقي لبناء الإنسان ، وهو المخطط القويم للتقدم، والمعيار الأدق للنهضة، ومفتاح أبواب العصر، وكلمة سر المشاركة في إنتاج الرفاه والسعادة.
ويبدو حسب آخر التقارير أن التعليم في المغرب لا يحظى بالإصلاح الجذري المنشود. بل ظل يخضع لعمليات تزيين سطحية لم تنجح في تغيير المعادلة المتخلفة التي تعرفها هذه المدرسة، وهي تخريج العاطلين والرمي بهم بالآلاف في أسواق العمل التي لا تحتاج إليهم، حيث تضطر اعدد كثيرة منهم إلى الهجرة في أحسن الظروف، وإلى اليأس والانتحار في أسوأها. وليست المدرسة وحدها المسؤولة عن هذا المشكل أو ذاك. بل هناك البيت أيضا، أي الأسرة أو ما يسميه بعض المتخصصين في التربية والتعليم “بالوسط المؤثر” الذي يلعب هو الآخر دورا أساسيا في بناء الإنسان المغربي.
فالمدرسة والبيت مؤسستان متكاملتان، لا يمكن أن يعمل كل منهما بمعزل عن الأخرى. حيث أن التعاون والتنسيق بينهما ضرورة ملحة لتيسير المهام والمسؤوليات التربوية والتعليمية التي يُضطلع بها داخل المدرسة وخارجها، و لا يمكن أن تتم دون مد الجسور بينهما وتقوية العلاقات الاجتماعية والتربوية وتعميق ثقة كل مؤسسة بالمؤسسة الأخرى.
فالعائلة في مهامها التربوية و التنشيئية لا تقل أهمية عن المدرسة، تضطلع بمهام ومسؤوليات جسيمة إزاء تعليم وتربية الأبناء، لاسيما عندما يكون الوالدان حريصان على تربية وتعليم الأبناء وتحديد الأعمال والوظائف والمهن التي يريدان لأبنائهم ريادتها والتخصص بها. والمدرسة كمؤسسة تربوية تكون مكملة لوظائف العائلة إلي درجة أننا نستطيع اعتبار كل من المدرسة والعائلة مؤسستين اجتماعيتين متكاملتين لا تستطيع أية مؤسسة منهما الاستغناء عن دور المؤسسة الأخرى. فالمدرسة تعدُّ امتداداً للعائلة والأخيرة تعدُّ امتداداً للمدرسة إذ لا يمكن الفصل بينهما. وحتى لا تتعرض هذه العلاقة إلي الضعف والقطيعة وتتسبب في بعثرة جهودها وتضعيف مردوديتها، فلا تستطيع أداء المهام والمسؤوليات الملقاة علي عاتقهما ويتعرض كلٌ من التلميذ وأسرته ومدرسته إلي الضياع الذي لا يمكن أن تخدم التربية والتعليم في أي مجتمع وصدق الشاعر حين قال:

ليس اليتيم من انتهى أبــــواه ====== من الحياة وخلفاه ذليـــــــلا

لإن اليتيم هو الذي تلقى لــــه ======أما تخلت وأبا مشغــــــــولا