بقلم الأستاذ حميد طولست
لم يجد ساكنة حامة مولاي يعقوب وسط معاناتهم مع قاشقاش الانتخابي ، إلا أن يربطوا ما منيت به دائرتهم في الانتخابيات البرلمانية العادية والجزئية من سوء الحظ والطالع الذي جعل اليأس ينجح في التسلّل إلى نفوس الساكنة ، ويلهب أوهامها وظنونها ، بعد أن عجزت غالبيتهم التوصل لأسباب منطقية لما حل بدائرتهم من نحس ، ومعرفة تفسيرات مقنعة لما اعتراها من انتكاسات ، والتي عزاها بعضهم أسبابها ، لخرافات يأباها العقل وتستهجنها الفِطَرة السليمة وتتنافى مع الشرع ، والتي لخصت في غضب الوالي الصالح مولاي يعقوب – دفين الدائرة – وعدم رضاه على من يحاولون الوصول إلى مقعد الدائرة ، وكرهه للسياسة ونقمته على الساسة والسياسيين .. وربما هم معذورون في ذلك حيث أن كل آمالهم كانت معقودة على أن يقيد لهم الحظ رجل ثقي ورع يدافع عن مصالحهم ويهتم بحال مجال دائرتهم الانتخابية وإنسانها ، فهبّوا مرات من مراقدهم – من المركز والقرى المحيطة – شيبا وشبابا ، رجالا ونساء .. تحدوهم جميعهم حماسة المشاركة فى هذا النشاط السياسى الذى يعدّ آلية من آليات تكريس الديمقراطية . لكن مخاوف المجهول تعددت ، وتوقّع حصول الشرّ وترقّب المصائب والفواجع والأحزان كثرت ، مع تكرار التجربة ، وسيطر التشاؤم والتطيّر على ذهنية المواطن (المولاي يعقوبي) العادي غير المسيس ، قبل أن يستبد توجّس المفاجآت -التي يتمنّى خلافها ، ويرجو صدّها – بالفاعل السياسي الذي لا يريد إلا أن يكون فى الصدارة وأن تكون له السلطة ، التي أضعفت لديه كيفية خوض الحملات الانتخابية ، وهزل تصوره لها ، وخاب أداؤه في تسييرها ، فتضاعفت تجاوزاته الأخلاقية خلالها ، فلجأ للسب والقذف والابتذال والتشهير بالخصوم ، دون أدنى وجل أو احترام ، وتعددت أثناءها هفواته القانونية ، وممارساته المتؤثرة على إرادة الناخبين ، كمشاركة الأجانب في الحملة الانتخابية– كالفرقة الموسيقية الفلسطينية المقربة من حركة حماس- التي يمنعها القانون المغربي الذي لا يخول للأجانب المقيمين بالمغرب ، سوى حق المشاركة في الانتخابات المحلية .
على العموم لقد كثرت الأخطاء القانونية والأخلاقية والسياسية لمرشحي دائرة مولاي يعقوب ، فجاءت على إثرها الانتخابات محدودة ومفتقرة إلى الجدّة والطرافة والابتكار ، ما دفع بالمجلس الدستوري إلى إلغائها أربع مرات على التوالي ، وأمر بإعادتها للمرة الخامسة منذ سنة 2011. حيث أن حزب الاستقلال فاز بمقعد مولا يعقوب سنة 2011 ، قبل أن ينتزع منه حزب العدالة والتنمية المقعد عن طريق محمد يوسف سنة 2012 ليُسقط المجلس الدستوري عضويته بسبب مشاركة فلسطيينن في الحملة الانتخابية ، ويعود مجددا الاستقلال الى تمثيل الدائرة عن طريق حسن الشهبي وليسقطه المجلس الدستوري من جديد بسبب ما اعتبره خطابا غير أخلاقي ، لكن الشهبي حافظ على مقعده في انتخابات الإعادة ، قبل أن يقرر نفس المجلس إلغاء انتخابه بتاريخ أكتوبر 31, 2014 ، ما جعل هذه الانتخابات تحتل رقما قياسيا وطنيا ودوليا ، يستحق القيد في كتاب غينيس ، و ها هي تستقر -رغم ضعف المشاركة –على مرشح حزب الاستقلال مرة أخرى ..
مستنتجات :
الخلاصة التي يمكن استنتاجه من وتيرة اعادات انتخابات دائرة مولاي يعقوب لخامسة مرة منذ سنة 2011 ، بمعدل انتخابات كل سنة ، هو توقع الكثير من المراقبين ضعف المشاركة ناخبين هذه الدائرة في الانتخابات التي لم تترك غير محن النفايات ، بسبب ما أصابهم من العياء ، وانعدام المحفزات التنموية بالمنطقة ، التي تبقى مجرد وعود للتنقل سرعان ما تنسى بمجرد الإعلان عن اسم المرشح الفائز ..