تعقيب مبارك شرايطي مفتش في التوجيه التربوي على بلاغ المكتب الجهوي لنقابة المفتشين

توصلت “فاس نيوز” بتعقيب معنون ب:”قول على قول” من السيد مبارك شرايطي مفتش في التوجه التربوي على البيان الجهوي الصادر عن المكتب الجهوي لنقابة المفتشين بتاريخ :26/01/2015، هذا نصه:

قول على قول
قراءة في البيان الجهوي الصادر عن
المكتب الجهوي لنقابة المفتشين
بتاريخ :26/01/2015
توصلت عبر بريدي الإليكتروني بنسخة من بيان أصدرته كاتبة الفرع الجهوي لنقابة المفتشين بجهة فاس بولمان، ورغم عدم اقتناعي بما تدعو إليه السيدة فقد شدني أسلوبه إلى قراءته كاملا، ورغم أنني أشك في أن نقابة أسست لخدمة إطار واحد في منظومة تربوية تتعدد فيها الأطر والتسميات وأمام وضع نقابي يسعى دوما إلى توسيع وعاء منخرطيه ومناضليه ستواجه صعوبات ما لم تكن لها رؤيا ورسالة وأيضا استراتيجية قادرة على إقناع جميع المفتشين بالانخراط فيها والنضال ضمن صفوفها. غير أن أكثر ما أثارني العبارة الحماسية التي ذيلت بها كاتبة الفرع هذا البلاغ: ” وانتظرت إتباع هذا الشعار بصورة محارب يضع رشاشه على عاتقه وقد عاد للتو من موقعة ابلى فيها البلاء الحسن، أو صعود راية سوداء موشومة بالأبيض.
ولست أدري لماذا أحالني هذا البلاغ على البيانات التي كان يصدرها كولن باول وزير الدفاع الأمريكي إبان حرب العراق والتي كانت تتمتع بكثير من الزيف وقليل من الصدق. واستغلت صاحبة البلاغ الجهوي الهروب للون الأحمر وكأنها تذكرنا بشعارتنا في مقابلات كرة القدم ونحن أطفالا حيث كنا نجلس على مقاعد اسفلتية ونردد ” اليوم يطيح الدم” في حماسة شديدة.
إن اهتمامي بالموضوع ”القضية” نابع أساسا من مبدإ ” الساكت عن الحق شيطان أخرص” والصمت تكريس للظلم وتحفيز على التجاوزات، ولست لسان أحد.
والحقيقة أن البيان المذكور ابان عن فشل كبير في فهم العمل النقابي وقواعده، وكيف أن السيدة التي ترأس المكتب الجهوي لنقابة المفتشين تخلط بين المهام الوظيفية والمهام النقابية:
 فالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس بولمان عودتنا كمشاركين في الفعل التربوي اطلاعنا على كل أنشطتها عبر قصاصات إخبارية يصدرها المكتب الجهوي للاتصال، وأفادت القصاصات التي توصلنا ولا نزال نحتفظ بها أن الزيارة كانت تفقدية ولم تشر اية قصاصة إلى أي بعد نقابي، وكذلك أكدت التقارير الصحفية التي نشرتها المواقع الإليكترونية المحلية والوطنية،
 تم اللقاء بمقر المفتشية الإقليمية وهذا الأمر يدعو إلى التساؤل:
• هل تحولت المفتشية إلى مقر لنقابة المفتشين
• هل استجاب اللقاء لطلب تقدمت به النقابة واستجابت له الأكاديمية
• هل تم اللقاء بناء على ملف مطلبي
• هل تتوفر السيدة النقابية على محضر لهذا اللقاء موقع من جميع الأطراف
وللحقيقة والإنصاف فأن الواقعة غاية في الغرابة، ومن عاشر المستحيلات أن يقع مدير الأكاديمية الذي عرفناه منذ حل بفاس، واضحا ومنسجما قولا وفعلا مجيدا للاستماع ومصغيا لبيبا في وضع محرج كهذا، وما نعتقده أن كاتبة الفرع الجهوي أقحمت نقابتها وأصدرت بلاغا أرادت أن تحقق من خلفه أمورا أخرى.
وتزداد الغرابة حين تتحصن بمقر المفتشية الإقليمية وتحولها إلى ”مملكة سبأ” وتهاجم بشراسة كل من سولت له نفسه محاولة فهم ما يجري بداخلها، وتطلق نيران التخويف في كل الاتجاهات، وتوجه نيران مدفعيتها بسبب او غيره للسيد رئيس مصلحة الحياة المدرسية، وهو الرجل الذي عرفناه طيب الأخلاق دمث الطباع صبورا مدققا في كل ما يقوم به، متناسية أنه تحمل مسؤولية الترافع إلى جانب أخرين من أجل إقرار تعيين مفتشي التوجيه والتخطيط في مقاطعات التفتيش طبقا لمقتضيات المذكرات المنظمة لعمل هذه الهيئة، بل وهو من قام بالصياغة النهائية للمحضر سنة 2008 الذي قبلت الأكاديمية الجهوية بفاس بموجبه ”إسناد مقاطعات التفتيش لأطر التوجيه والتخطيط في الجهة” وبموجبه استفادت من المنصب الذي تشغله اليوم، وتضمن توصية تنص على التزام أخلاقي بإعمال التداول كل أربع سنوات تحقيقا لمبدإ تكافئ بين جميع مفتشي مجالي التوجيه والتخطيط، هذا الالتزام الذي تنكرت له السيدة الكاتبة .
ثم تنبري لنائبة وزير التربية الوطنية والتكوين المهني بفاس، وتعمل على تحويلها إلى رماد، فما هو وجه الحقيقة فيهما يدعيه البيان الجهوي:
 تعتمد السيدة كاتبة فرع نقابة المفتشين سياسة الهروب إلى الأمام كألية للتنصل من أية مسؤولية، وتغرق اللقاءات ضجيجا وكلاما، والحقيقة أن هيأة التفتيش كانت وستظل مكانتها ريادية في كل المحطات حيث حازت على ثقة جميع الفاعلين في المنظومة التربوية، وظلت أراءهم وأفكارهم محط تقدير واحترام، ومواقفهم غاية في الرزانة والتعقل والحكمة، غير أننا –وأنا من هذه الهيئة إلا إذا رفضتني السيدة الكاتبة الجهوية- نشعر بالألم يعتصرنا ونحن نستمع إلى تدخلات نقابة المفتشين في شخص كاتبتها الجهوية، ويؤسفنا أن السيدة تخلط بين حضور وحضور، فالدعوة إلى اللقاءات التشاورية على سبيل المثال سواء من طرف الوزارة الوصية أو المجلس الأعلى للتعليم يضع هيأة التفتيش أمام مسؤولية جسيمة، ومن ثم ينتظر جميع الحاضرين أن ما ستقدمه هذه الهيئة سيكون مرجعا أو على الأقل أرضية لتوجيه النقاش، ولكننا لا نسمع إلا قصفا وحديثا موشوما بالمظلومية والشكوى والتنديد بالأخر.
 إن مهاجمة قرارات نائبة وزير التربية الوطنية يضع هيئة التفتيش المنضوية تحت نقابة المفتشين في حرج كبير، فهي تعني بالقرارات إسناد مناطق التفتيش لمفتشي التوجيه التربوي، ولست أدري أي ضرر أصاب النقابة بهذا القرار، بل يعتبره العارفون من الفرص الثمينة التي تدعم دور المفتش وتعلى سقف الحظوظ أمام النقابة لتوسيع وعاء منخرطيها، لا بل إن نقابة المفتشين برمتها تتحول إلى ذراع يحارب الإطار وينزع منه ما انتزعه بنضاله من الإدارة، ويجرها مكتبها الجهوي إلا وضعيات تتناقض كليا مع رسالة العمل النقابي، بل وتحول العمل النقابي إلى ريع حقيقي.
 إن محاربة السيدة الكاتبة الجهوية لأطر التوجيه عموما والمفتشين منهم على وجه الخصوص، وهم أبناء جلدتها، يضيع فرصة أخرى على النقابة من أجل ترصيد عددهم وقدراتهم، فقد أبانت هذه الفئة على قدرات عالية في خدمة ملفها المطلبي من جهة ومهنية في القيام بالوظيفة الموكولة لها:
• الاقتناع التام بأن الحق يؤخذ ولا يعطى حيث قادت عددا من المحطات النضالية من أجل تصحيح وضع هضمت فيه حقوقها، وبتدبير محكم تمكنت من إقناع الوزارة الوصية بأحقيتها في الاستفادة من الإطار فاعترفت لها بذلك ومكنتها من جميع المستحقات المترتبة عن هذا الحيف.
• اعتماد استرتيجية واضحة في القيام بوظائفها تضع ”خدمة التلميذ ” هدفا أساسيا بنت عليه مشروعا أقنع المسؤولين الإقليمين والمسؤول الجهوي للتربية والتكوين، واعتمد بعد استشارة السلطات المركزية وموافقتها عليه، وشرع في إعمال مقتضياته بالتزام تام بتغطية القطاعات المدرسية وعدم التفريط في حق التلميذ في المعلومة والمصاحبة ثم القيام بمهام التفتيش طبقا لمقتضيات المذكرة 117 والتي ارتقت بمهام مفتش التوجيه التربوي إلى مستوى المصاحبة والمساهمة الإيجابية والابتعاد عن السلطة العقابية وذلك ما لم تفهمه السيدة كاتبة فرع النقابة، وما القرارات التي تتحدث عنها وتهاجم من خلالها السيدة النائبة إلا تعبيرا عن انغلاق وتقوقع في منطقة الظلام خوفا من انبلاج الصبح، وما فرارها إلى الأمام ومحاولة فبركة المجلس الإقليمي للتفتيش على مقاس يخدم مصلحتها إلا انشداد عقيم لأدغال إفريقيا حيث يلجأ الرئيس بعد اشتداد موجة الرفض إلى تقديم استقالته وتحريك عدد من المنبطحين المتنطعين من أجل التوسل إليه قصد التراجع عن الاستقالة والاستمرار في مهامه لأن الرافضين هم فئة ضالة لا تعرف مصلحتها، غير أن الرئيس يقنعهم بأن الاستقالة ستظل سارية ولكنه سينظم انتخابات حرة ونزيهة، فيلجأ إلى وضع أليات دستورية وقانونية تضعه ناجحا قبل إجراء الانتخابات، وما لجوء السيدة إلى تحديد مواعيد متضاربة لانتخاب المجلس الإقليمي إلا ضربا من ضروب هذه العقليات الإقصائية التي لا تخدم إلا مصلحتها. فالعمل النقابي هو تربية على المبادئ والقناعة الراسخة بحماية الأخر والحرص على مكتسباته.
 وتختم السيدة بيانها بإصدار الأوامر من أجل مقاطعة كل الاجتماعات التي ترأسها نائبة وزير التربية الوطنية والتكوين المهني بفاس. وموطن الاستغراب أن السيدة كاتبة الفرع تقاطع كل اللقاءات سواء أعلنت ذلك أم لم تعلنه، فقد قاطعت أهم محطة في السنة الدراسية وهو تدابير الدخول المدرسي 2014/2015 واستعلت عن العمل ضمن فرق الأنوية، ورفضت الانخراط في بادرة تستحق عليها السيدة النائبة التقدير والاحترام، وحيث أن السيدة الكاتبة اكتفت بالقراءة السطحية للتدبير، وحيث أن تجربة العمل بالمشاريع والفرص التي سنحت لي بالمساهمة والقيادة أيضا لعدد من المشاريع الموجهة للمجتمع المدني تلزمني بأن أوضح في غير أستاذية ما يلي:
• أن اعتماد النائبة، لأشراك الجميع في تدبير الدخول المدرسي، على مشروع يخضع لمقاربة تشاركية ينطلق أولا من المسلمات الثلاث التالية ومن المؤكد أنها قناعات راسخة لدى صاحبة المشروع:
1- المسؤولية تدبير وليست سلطة
2- الثقة في الأخر من حيث قدراته وكفاءاته ومهارته وإيجابيته
3- قبول المخاطر المترتبة عن فشل جزئي أو كلي للمشروع دون الخوف من المغامرة
إن هذا الاختيار يعبر عن ظهور طينة جديدة من المدبرين المقتنعين بعملهم ومهامهم، وإلا كيف ندعو مدير المؤسسة إلى التدبير بالمشروع ونكتفي نحن بالتدبير الفرداني المبني على القرارات الاعتباطية التجزيئية …
إن تدبير الدخول المدرسي بمرجعية المشروع وبمقاربة التدبير التشاركي هو رقي في الأداء خاصة إذا علمنا، بناء على الخبرة الطويلة في قراءة هذه المحطات، أن النجاح في الدخول المدرسي ليس مؤشرا على تحقيق النتائج التي ينتظرها التلاميذ والآباء وكل المتدخلين والهيئات الجمعوية فقط ولكنه نجاح أيضا في فك شفرة معادلة معقدة، طرفيها:
عرض تربوي يخضع لنمو تحكمه قرارات ومرجعيات إدارية وقانونية محكومة بالبطء، وطلب على التربية يتنوع ويتنامى بشكل متسارع تتحكم فيه عناصر غير متحكم فيها (من قبيل حركية السكان ورغبات الآباء والأمهات في خدمات تربوية متنوعة ومتجددة ومتطورة…)
ونجاح هذا المشروع كان رهينا بإقناع كافة المتدخلين بالانخراط فيه، وتلبية لانتطارات التلاميذ والآباء انخرط الجميع( مديرو المؤسسات التعليمية، أطر التوجيه، رؤساء المصالح بالنيابة، جمعيات الآباء…السيدة النائبة كمنسقة للمشروع) ولم تغرد خارج السرب في استعلاء إلا السيدة النقابية هي وقبيلها. إن الهروب من الاشتغال في مشروع كهذا في محطة كالدخول المدرسي تزيل القناع عن الحقيقة التي تتخفى تحت العبارات الملتهبة والتعابير المنمقة، بل هو إقرار بالانكماش على الذات والفشل في مجارات التطورات التي هبت مع رياح العولمة والانفتاح والقدرة على العمل في وضعيات مختلفة.
إن مفاهيم من قبيل (المفتش= السلطة) و(المسؤول المرعب) … قد تراجعت واضمحلت وحلت محلها القدرات على التواصل ومهارات الإقناع وقدرات التدبير المبني على أهداف ونتائج مرسومة ودقيقة، لقد ولى زمن الانفعال والقرارات المرتجلة وحماية الذات برفض الأخر.
إن الأيام القادمة حبلى ولا شك بالمستجدات التي ستغير كثيرا مما نعتقد أنه يدخل في عداد المسلمات:
 لقد أشاجت الجهوية الموسعة عن وجهها وكشفت عن معالم حدودية جديدة وستفرض ولا شك أليات جديدة للتأقلم مع ذلك، وسيكون الأخر جزأ من الأنا وستتراجع الفردانيات والذاتيات، وسيقود التنافس الشريف والاعتراف بالأخر والتقاسم والتعاون وتوحيد الأهداف والاشتغال على تحقيق نتائج تصب جميعها فإرساء قواعد تنمية مستدامة تهي الحياة الكريمة للأجيال الحاضرة والقادمة.
 ثم إننا في ننتظر إطلاق مشاريع إصلاح منظومة التربية والتكوين في فعل تندمج مشاريع التربية بمشاريع التكوين قصد إعداد رجل الغد من مدرسة أطلق عليها مدرسة الغد وهي تمتلك: ” مجمل مواصفات ومقومات الجدة والحداثة والنجاعة والجودة، مدرسة وطنية جديدة متجددة، قادرة على أن تشكل فضاء لبناء الإنسان/ المواطن المنشود، وقاطرة آمنة لإكساب مجتمعاتنا أهلية وجدارة الانتماء إلى زمن العولمة ومجتمع المعرفة ـ وتمكنيها من امتلاك الاقتدار المطلوب لاستكمال بناء ما نطمح إلى ترسيخه من مشروع مجتمع حداثي ديمقراطي نهضوي مؤصل مستحق متفاعل، من جهة، مع مقوماتنا وقيمنا وخصوصياتنا الفكرية والروحية والسوسيوحضارية ..ومتواصل، من جهة ثانية، مع شروط ومعطيات وتحديات ورهانات لحظته التاريخية والكونية الراهنة.” كما يقترح الدكتور مصطفى محسن في كتابه: ”مدرسة المستقبل: رهان الإصلاح التربوي في عالم متغير” وستكون بمواصفاتها ولا شك قادرة على بناء جيل متمكن من مهارات التموقع في اقتصاد مرن يتمدد وينكمش وفي مجتمع معولم طوعا أو كرها.
إن المعركة الحقيقية التي تنتظر رجال التربية عموما والمفتشون على وجه الخصوص تتطلب القدرة على التعايش والعطاء والتجدد معركة تنتفي فيها الذاتية ويتغلب أسلوب جديد ترتكز في تحقيق أهدافه على عمل الفريق وانسجامه واندماجه ولنا في طريقة وتقنية طيران سرب الإوز خير مثال.
ملحوظة: ولا بد أن أذكر هنا أنني كنت ضمن المنخرطين في نقابة المفتشين منذ تأسيسها إلا أنني تراجعت عن أداء هذه المستلزمات منذ أكثر من سنتين لما تيقنت أن مسؤولي النقابة على مستوى جهة فاس بولمان يكرسون التفييئ ويدعمون دعوات التفرقة داخل الإطار.

مبارك شرايطي
مفتش في التوجيه التربوي

bayane