بقلم الأستاذ حميد طولست
ها قد حل شهر مارس ككل سنة معلناً عن انتهاء فصل الشتاء وقدوم فصل الربيع بحلته الزاهية الفواحة بعبق براعم الزهور الجميلة المتفتحة ، حاملا معه بشائر الخير والأمل والعطاء وتجدد الحياة التي أتعبتها أيام البرد القاسية ، وبهذه المناسبة التي تصادف يوم “المرأة العالمي” -والمناسبة شرط كما يقول الفقهاء-يسرني أن أتقدم لشريكة عمري بالشكر كله على ما قدمته كمناضلة في شتى الميادين من أجل أن تصل المرأة لمثل ما هي عليه في هذا اليوم السعيد على قلوبنا ، ومن خلالها أتقدم لكل نساء العالم ، الأم ، الأخت ، الابنة ، الزوجة ، الحبيبة ، وكل العاملات الكادحات منهن ، اللواتي يشكلن القوة الناعمة ، اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا ، تلك القوة الثورية التي تعمل خفافيش الظلام ، وأعتى الحكومات الدينية وأعنف ميليشيات الإسلام السياسي على إخماد وهج ثورتها وانتصارها ، وإبطال دورها الفاعل ، والقضاء على جودها الفعال ، أتقدم لهن بأحر التهاني وأطيب التمنيات بحياة حرة كريمة عمادها المساواة مع نصفها الثاني ليكملوا بعضهم ، ويحققوا للمرأة في المغرب وفي الوطن العربي ، ما تم لأختها في الغرب من انجازات ونجاحات وامتيازات في كل الميادين ، ضدا على كل قوى الشر وقوى التخلف ، التي تضمر لها ، مع الأسف ، الضغينة والحقد ومختلف أنواع التمييز والعنف والاضطهاد ، وتبذل كل الجهود المضنية لحرمانها من حقوقها الشرعية والقانونية في التحرر والمساواة ، التي ليست منة من أحد وإنما هي عطاء رب العالمين الذي كرمها ، والتي حولها أغوال الكهوف ودعاة دولة الخلافة إلى ضرب من ضروب الخيال ، وجعلوها من باب النفخ في القرب المقطوعة ، كما يقال ، على اعتبار أنه المرأة عورة وناقصة عقل ودين وجاهلة .
وأتمنى لهن في يومهن العالمي – رمز التغيير وطموح الإنسانية – لهذه السنة ، أن يكون مختلفا عن كل السنوات الماضية ، خال من شوائب التمييز وسمومه ، ومنقى من الاستغلال والعبودية ، ومليء بالأهداف التحررية الرامية لعالم أفضل لها ولكل الإنسانية ، والذي لن يتحقق بالتهليل والفرح والسرور والابتهاج والغبطة والسعادة – التي هي من حقهن – في يوم يتيم مرة في السنة ، ولكن بمواجهة كل القوى التي بايعت الشر والتخلف والانتهاك على سلب المرأة هويتها الإنسانية ، والذين لا يمكن أن يتخيل عاقل أنها ستحزن ، يوما ما ، أو تفيق من تلقاء نفسها ، ويرق قلبها لحال المرأة ، وتتخلى عن مصالحها وامتيازاتها وتعلن أنها تابت وأنابت عن الفتك بأحلام هذا الكائن الذي كرمه الله ، وتمكنها من كافة حقوقها ، لذلك فليس أمامكن سوى أن تتضامن نساء العالم وتوحد جهودها لمواجهة كل من يحاول سلبكن هويتكن الإنسانية ، ونسف كل السياسات التي تعمل على تحويل النضال النسوي إلى شعارات جوفاء تلوكها تنظميات ومنظمات تسمي نفسها جمعيات نسوية تخلط بين الأهداف والمقاصد لتجثم فوق صدر النساء وتعرقل مسيرتها ونضالها نحو بناء عامل الإنسانية الأفضل بغرض الكسب والاسترزاق ، من منح الكثير من الجهات المانحة ..
فليكن يومكن العالمي هذا يا نساء العالم ، يوم تضامن ضد حكومات الدين المشوه وسياساتها العرجاء ، التي تهدف لعزلكن عن ثورتكن من اجل مستقبل زاهر لأبنائكن -أبنائنا- ومستقبلهم .. وليكن يومكن هذا يوم تضامن ضد كل أشكال العبودية ، وثورة ضد كل قوانين العار والخزي والانتقاص والدونية ..
وكل عام وأنتن منتصرات ..