بقلم الأستاذ حميد طولست
يشكل 8 مارس مناسبة للتعبير عن انشغالات وإنتظارات النساء ، نصف سكان العالم ، إن لم يكن أكثر ، وذلك من خلال ما يقمن به من تظاهرات يرددن خلالها شعارات كثيرة ومتنوعة يلاحظ المتتبع لها ، والمتمعن في فحواها، أنها نسخة مستنسخة من ذات الشعارات التي رددت في نفس المناسبة من السنوات الماضية والأعوام السالفة ، والتي لم تحد عن النماذج المألوفة ، التي لم تخرج عن فحوى ومضمون ما رُدد من شعارات قديمة التي ستتكرر لا محالة كلازمة في القادم من السنوات .
ورغم تشابه الشعارات النسائية لهذا العام ، بشكل لافت ، مع غيرها من شعارات الأعوام الفائتة ، والتي بدت كما لو كانت نسخ طبقا للأصل مع ما طرح من مطالب نسائية ، والتي رددت وكأنها أذكار أو أوراد ، أو أقانيم روحانية مقدسة، أو رقى وتعاويد طقوسية تعبدية ، تمحورت مجملها في التنديد بما لحق بالنساء من عنف وغبن وعسف ، وشجب لما يكابدنه من مشاكل اجتماعية وصحية وخدماتية ، مع المطالبة بالحقوق والمساواة والمناصفة .
فإن فارقاً بسيطاً ، واختلافا طفيفا لوحظ على النساء المشاركات في مسيرات عيد هذه السنة -وهن يجبن شوارع البلاد طولا وعرضا، لاستعراض قواها – هو ما عرفه اليوم من أجواء التقديس والتوقير الغريبة ، والغيبوبة الصوفية ، والاستنفار الوجداني الضخم ، الذي زاد من منسوب الغضب والاحتقان ، الذي ظهرت آثاره في تظاهرة هذا اليوم النسوي لهذه السنة، وتجلت في رفض العديد القياديات النسائية -المشاركات في المسيرة الوطنية التي نظمها “ائتلاف المساواة والديمقراطية”، يوم الأحد بالرباط- تحويل مسيراتهن إلى حملات سياسية ، ودعاية إنتخابية ، وذلك بطردهن لقيديي حزبي الاستقلال والاتحاد الإشتراكي ، شباط ولشكر، وتأكيدهن على ضرورة تحصين المكتسبات التي تحققت للمرأة المغربية في السنوات الماضية في كافة المجالات، وتفعيل مقتضيات دستور 2011 وجعل المساواة في قلب الإصلاحات السياسية والقانونية والمؤسساتية ، بعيدا عن التفسيرات الديني التاريخي المناهض للرؤية الحديثة لحرية المرأة المخالفة للمجتمع وقيمه ..